25.3 C
اليمن
Home Featured التضليل وتدني حصة محافظة شبوة وراء ضعف الإقبال على اللقاح

التضليل وتدني حصة محافظة شبوة وراء ضعف الإقبال على اللقاح

0
التضليل وتدني حصة محافظة شبوة وراء ضعف الإقبال على اللقاح
‏  6 دقائق للقراءة        1073    كلمة

علي باحاج

الشاب العشريني “أحمد محسن”، (اسم مستعار)، من مدينة عتق بمحافظة شبوة، كان ينتظر وصول لقاح كوفيد19 بفارغ الصبر، وبينما كان يتابع عمليات نقل اللقاح إلى اليمن، تعرض لمجموعة من الأخبار المضللة التي تتحدث عن عدم مأمونية اللقاح، وخطورته الصحية.

في تلك الفترة، كان “أحمد” يعمل في أحد المرافق الصحية في المحافظة، وقال إنه صار متردداً إلى درجة كبيرة في أخذ اللقاح، وفي الأخير قرر عدم تلقي أي جرعة من الجرعات الخاصة بكوفيد-19.

وبرر ذلك، في حديثه لمنصة “عوافي” بالقول: “إن اللقاح يسبب العُقم مستقبلاً، وهذه المعلومة منتشرة في المجالس وفي شبكات التواصل الاجتماعي، فجعلتني أنا وكثيراً من الشباب نمتنع عن أخذ اللقاح”.

وأضاف: خلال عملنا لم نشاهد إقبالاً على أخذ اللقاح إلا من قِبل المسافرين المضطرين لفعل ذلك.

وبرزت بشكل لافت المعلومات المضللة حول لقاح كوفيد-19 عند وصوله إلى محافظة شبوة (جنوبي اليمن)، خلال عام 2021م، وأثَّرت هذه المعلومات سلباً على استجابة السكان المحليين للقاح، وصاروا ينظرون إليه بعين الريبة.

قد يهمك..انقطاع التيار الكهربائي وشحة الأدوية.. ثنائي موت يترصد مرضى الفشل الكلوي في تعز

وشهدت محافظة شبوة إصاباتٍ عديدةً بالفيروس، وفي الإحصائية الصادرة عن مكتب الصحة العامة والسكان في العامين الماضيين، بلغ عدد المصابين بالفيروس 749 إصابة، منها 178 حالة وفاة.

وكان العام 2021م، قد شهد ذروة الوباء في المحافظة، حيث بلغ عدد المصابين فيه 652 حالة، منها 164 حالة وفاة.

رفض لأسباب أخرى

أما “سالم عمر” (36 عاماً) فقد أحجم عن تلقي لقاح كوفيد-19، لكنه فعل ذلك لسبب مختلف، فهو يرى أن الإصابة بالفيروس ليست خطيرة للغاية، ولا تستوجب منه أن يلقح، لكنه لا يخفي شكَّه حيال اللقاحات.

ويقول لمنصة “عوافي” إنه قد أصيب بالفيروس التاجي، لكن أعراضه كانت خفيفة، لم تتجاوز مجرد ارتفاع في درجة حرارة جسمه، بخلاف ما يقال عن خطورة الإصابة بالفيروس على حياة المصاب، حيث أن الحمى لم تستمر به سوى أيام ثم تماثل للشفاء.

التضليل وتدني حصة محافظة شبوة وراء ضعف الإقبال على اللقاح

وأضاف أن صعوبة الوصول إلى اللقاح عاملٌ آخر في عدم اهتمامه بأخذه، حيث يضطر الشخص للانتظار طويلاً لكي يحصل على جرعة منه.

ويردف قائلاً: “عندما تريد أخذ اللقاح تبدأ بالتسجيل في قائمة الراغبين بأخذ اللقاح، وتضطر إلى الانتظار لأيام لكي يحين دورك، ثم الوقوف في طابور آخر للوصول إلى اللقاح، وأنا لديَّ التزاماتي الخاصة ولا أستطيع الانتظار كل هذا الوقت.

وبحسب مدير دائرة التثقيف والإعلام الصحي في مكتب الصحة بمحافظة شبوة، الطبيب “برهان باسردة”، فإنه قد انتشرت العديد من الشائعات بشأن لقاح كوفيد-19، مما أثقل كاهل طاقم مكتب الصحة الذي حاول أن يتغلب عليها بالعديد من الحملات التوعوية والتثقيفية.

وأضاف في حديثه لمنصة “عوافي”: “واجهنا خلال حملات اللقاح رفضاً من قبل الكثير من المواطنين، وخاصة فئة الشباب والنساء، وتحديداً في المديريات الريفية من المحافظة، ورغم نزول العديد من الفرق التوعوية إلى تلك المديريات إلا أن عدداً محدوداً أخذوا اللقاح، مقارنة بعدد السكان فيها”.

قبول نسبي

وأوضح “باسردة” أنه وبعد جهود كبيرة بذلها طاقم مكتب الصحة العامة والسكان في المحافظة لإيصال اللقاح إلى مراكز المديريات، والنزول المستمر للفرق المتخصصة بالتوعية لإقناع السكان بأهمية أخذ اللقاح ومأمونيته، بالإضافة إلى العديد من الحملات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي والإذاعات المحلية ونشر البروشورات والمواد التوعوية، مما ساهم في ارتفاع أعداد الذين اقتنعوا بتلقي اللقاح.

وأشار إلى أنه بعد ثبات مأمونية اللقاح وإقبال الكثيرين على أخذه، بقيت هناك معلومات مضللة تزعم أن مكتب الصحة العامة والسكان في المحافظة يستلم مبالغ مالية على كل شخص يريد تلقي اللقاح، وأنه كلما تم استهلاك أكبر عدد من اللقاحات زادت نسبة المبالغ التي يجنيها المكتب.

وقال: “هذه الشائعة كان يقولها الناس لنا عندما ننزل إليهم لنقدم لهم اللقاح، لكنهم في الأخير تأكدوا من خلال جهودنا التوعوية أن لا صحة لها، وأن الهدف منها هو حرمان المواطنين من تلقي اللقاح”.

كمية قليلة

الطبيب “علي سالم”، مدير إدارة التحصين في مكتب الصحة العامة والسكان بمحافظة شبوة، قال إن أكثر المخاوف التي شاعت وتسببت في عدم أخذ اللقاح، تمثلت في كمية المعلومات المضللة التي استُخدمت في بداية وصول اللقاحات، مما جعل العاملين في المكتب يبذلون الكثير من الجهود، وبالتحديد في مجال التوعية بأهمية أخذ اللقاحات، حتى استطاعوا تجاوزها في النهاية.

اقرأ أيضاً..حمى الضنك في تعز.. تفشٍ مخيف يواجهه نقص في الخدمات المطلوبة

وأشار في حديثه لمنصة “عوافي” إلى أن تدني نسبة الإقبال على اللقاح ليست عائدة إلى المعلومات المضللة فقط، بل تعود كذلك إلى قلة الكميات التي وصلت إلى المحافظة في البداية مقارنة بعدد السكان.

وأضاف: “نتيجة للأوضاع الإنسانية التي يعيشها المواطنون في المحافظات الشمالية، فقد استطاع العديد منهم الوصول إلينا وأخذ اللقاح، وخاصة المسافرون”.

مكافحة التضليل

يرى الصحفي “محمد محروس”، المختص في مجال تدقيق المحتوى ومكافحة الأخبار المضللة في اليمن، أنه كانت هناك العديد من الشائعات التي عملت على تثبيط الناس عن لقاح فيروس كورونا في اليمن.

وقال “محروس” في حديث خاص لمنصة “عوافي”: “للأسف الشديد استطاعت هذه الشائعات أن تقطع شوطاً كبيراً في هذا السياق، حتى أننا حينما نشاهد الإحصائيات الخاصة بعدد الأشخاص الذين تلقوا لقاح كورونا في اليمن يحلُّ اليمن في أدنى القائمة في دول الشرق الأوسط وحتى عالمياً من بين الدول الأقل تطعيماً ولقاحاً لفيروس كورونا”.

ويضيف: “ورغم توفر جرعات اللقاح، سواء لقاح استرازينيكا أو جونسون اند جونسون، وكانت هناك حملات ميدانية وفتح مراكز متخصصة لهذا الأمر، لكن استطاع من يبث ويروج الشائعات أن يثبط الناس عن أخذ اللقاحات”.

ويشير “محروس” الى أهمية مكافحة هذا النوع من الشائعات قائلاً: “يجب على مدققي المعلومات العمل على نشر الحقائق ودحض مثل هذه الشائعات والوقوف في وجهها، وتوعية المجتمع بأهمية اللقاحات التي تعني إجراءً وقائياً ومسؤوليةً تجاه المجتمع، وحماية لك ولعائلتك ومحيطك”.

أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز Internews ضمن مشروع Rooted In Trust (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “عدن الغد”