استعينوا على “السل” بـ”التوعية”

السل.. مشكلة صحية واجتماعية
‏  6 دقائق للقراءة        1030    كلمة

فقد الثلاثيني حسن سعيد، القدرة على الحركة بشكل تدريجي ولم يعد يرغب بتناول الطعام، بعد أن أنهكه السعال الدموي واضطرابات الجهاز الهضمي، وذلك ما تسبب له بفقدان الوزن.

وخلال أسابيع قليلة نالت هذه الأعراض من الصحة البدنية والنفسية لـ سعيد وأصبح وجهه شاحبا ما دفعه لزيارة الطبيب الذي أحاله إلى أخصائي الأمراض الصدرية بعد أن أجرى بعض الفحوصات.

عوافي/عبدالملك الجرموزي

لقد أصيب بمرض السل، هذا ما كشفته الفحوصات الطبية الأخيرة، وفقا لحديث سعيد لـ المجلة الطبية، مفيدا بأن الأخصائي ألزمه ببروتوكول علاجي وسلوكي وكيفية التعامل مع عائلته والناس في محيطه.

يتذكر سعيد كيف أنه خلال فترة علاجه افتقد للعب مع طفليه “حسام، وتيم” اللذين ما يزالا في السابعة والخامسة من العمر، وغير مدركين لطبيعة مرضه وسبب ابتعاده عنهما على غير عادته.

قبل ذهابه إلى الطبيب، لم يكن سعيد يعرف سبب حالته الصحية السيئة، وقد شعر بصدمة عندما علم بأنه مصاب بالسل، ولا منقذ له من هذا المرض إلا الالتزام بالبروتوكول العلاجي الصارم والطويل.

قد يهمك.. الكليات الطبية واحتياجات المجتمع.. خلل في المعادلة

تعافي سعيد من “السل” لم يكن سهلا، فقد استغرقت رحلة علاجه قرابة السنتين، مرت حالته بتقلبات صحية عديدة، كالاكتئاب الذي شعر به بعد أن فقد الكثير من وزنه بسبب معاناته من سوء تغذية حاد جعله ضعيفاً ويجد صعوبة بالغة في التحرك أو العمل، وبالمقابل في العيش حياة طبيعية.

ويقول “استخدمت العلاج الذي قرره لي الطبيب، وعلى مدى عامين كنت أزور عيادته بين الحين والآخر للتأكد من تحسن حالتي الصحية، لقد التزمت بالخطة العلاجية الصارمة حتى تعافيت وعدت إلى طبيعتي والاستمتاع بحياتي مع عائلتي وأطفالي”.

كيفية الإصابة بالسل

يعرّف المساعد الفني لمدير البرنامج الوطني لمكافحة السل، الدكتور عبدالباري الحمادي، السل (TB)، بأنه “مرض خطير يمكن أن يصيب أي شخص، تسببه بكتيريا تسمى المتفطّرة السُلّية، وتنتقل العدوى من خلال الهواء في حالة قيام الشخص المُصاب بالسُلّ الرئوي بالتحدث أو السعال أو العطس”.

ويشير الدكتور الحمادي إلى أنه “إذا استنشق الشخص بكتيريا السل، فسيقتل جسده البكتيريا قبل أن تسبب المرض، أو تصيبه بكتيريا السل بالمرض وهو ما يسمى بالسل النشط، أو تظل بكتيريا السل خاملة في جسمه، وهذا ما يسمى بالسل الكامن”.

ويبين أنه إذا كان الشخص مصابا بالسل الكامن، فلن تظهر عليه أية أعراض، ولا يمكنه نقل عدوى المرض إلى الآخرين، لأن بكتيريا السل تكون خاملة في جسمه وخاضعة لسيطرة الجهاز المناعي، ومع ذلك، فقد تنشط البكتيريا في أي وقت، فتصيبه بالمرض، وهذا يكون أكثر احتمالاً إذا تعرض الجهاز المناعي الخاص به للإجهاد”، مضيفاً” وقد يساعد العلاج بالمضادات الحيوية في منع حدوث ذلك”.

ويتابع “أما إذا كان الشخص مصاباً بمرض السل النشط، فسيشعر بأن مرضه يتفاقم ويمكنه نقل العدوى للآخرين”، مشيراً إلى أن الأعراض الشائعة للسل النشط تتضمن “السعال، الحمى، التعرق الليلي، فقدان الوزن، فقدان الشهية، التعب”.

ويؤكد الدكتور الحمادي أنه “يمكن علاج مرض السل النشط باستخدام المضادات الحيوية”، منوهاً “بأن هناك احتمالا من 1 – 10 بأن يصير السل الكامن نشطاً في حياة المصاب به، في حال أنه لم يعالجه”.

ويشدد على الجميع” بأن يكونوا على قدر عالٍ من الوعي، حتى إذا ما ظهرت لدى أحدهم أعراض مرض السل، أو شعروا بالقلق من أن يكون أحدهم مصاباً بالسل الكامن، فليسارع بزيارة الطبيب أو مركز مكافحة السل”.

مخاطر التساهل مع الخطة العلاجية

بدوره، حذر أخصائي الباطنية الدكتور عبدالكريم القدسي، من مخاطر تساهل مريض السل بالالتزام بالخطة العلاجية المقرة من الطبيب المشرف على حالته، مشيراً إلى أن الشفاء من هذا المرض يتطلب متابعة مستمرة للعلاج حتى التخلص منه.

كما حذر من أن إهمال المرض قد يفاقم الحالة لتصل إلى مستوى يصعب التعامل معها، مبينا بأن الإصابة تصبح خطيرة جدا عندما يصيب السل أجزاء أخرى من الجسم، مثل الكلى أو العمود الفقري أو الدماغ.

وأوضح بأن أعراض الإصابة تختلف وفقاً للعضو المصاب، فإصابة العمود الفقري بالسل يولد ألماً شديداً في منطقة الظهر، بينما قد يتسبب مرض السل الذي يصيب الكلى في وجود دم في البول مسبباً فشلاً جزئياً أو كلياً.

وأوصى بضرورة إخضاع المخالطين لمرضى السل لفحص دوري حتى لو لم تظهر عليهم أي أعراض للإصابة، وذلك لمعرفة ما إذا كانوا قد أصيبوا بالسل الكامن (غير النشط)، لأن الأعراض لا تظهر بسبب خمول البكتيريا أو عدم نشاطها.

وبحسب أخصائي أمراض الباطنية، فإن من أهم أعراض الإصابة بالسل بشكل عام السعال لمدة ثلاثة أو أربعة أسابيع، ويكون السعال مصحوباً بدم أو مخاط، الشعور بألم الصدر وأحيانا يكون مصاحبا للتنفس أو السعال، بالإضافة إلى فقدان الوزن غير المقصود، الإرهاق، فقدان الشهية، الحُمى، التعرّق الليلي، القشعريرة، فقدان الشهية.

اقرأ أيضاً.. روماتيزم القلب ينتشر في اليمن بشكل مخيف

وللحد من انتشار العدوى بين أوساط المجتمع، أو العائلة، ينصح الدكتور القدسي، بضرورة الالتزام ببعض الإجراءات خلال الأسابيع الأولى من مرحلة العلاج، كالبقاء في المنازل وتهويتها بشكل جيد والحرص على ارتداء الكمامة، حين يكون المريض مع أشخاص، وتجنب مشاركة الآخرين في غرفة أثناء النوم، والتخلص من المناديل التي يتم استخدامها عبر وضعها في كيس وربطه جيدا.

معدل إصابات متوسط

تُصنَّف اليمن بأنَّها من الدول ذات معدّل الإصابة المتوسط بهذا المرض رغم الجهود المبذولة لمحاربة المرض، إذ لا يزال يمثل إحدى المشكلات الصحية والاجتماعية، حيث قدرت منظمة الصحة العالمية أن 14000 شخص يصابون بالسل سنويا وبمعدل حدوث 49 حالة سل جديدة لكل 100.000 من السكان، بينما قدرت معدل الوفيات من مرض السل في اليمن بـ 7 وفيات لكل 100.000 من السكان.

وسجلت إصابات مرض السل في اليمن لعام 2021 زيادة  بنسبة طفيفة عنها في العام 2020 الذي شهد تراجعا ملحوظا إذ يعد الأقل بين الأعوام الأربعة السابقة.

وبحسب إحصائيات البرنامج الوطني لمكافحة السل للعام 2021 فقد بلغ عدد الحالات المكتشفة 9387 حالة، 70% منها في المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية، جاءت العاصمة صنعاء في المقدمة تليها محافظة حجة شمال اليمن والحديدة غربا.