6 دقائق للقراءة 1041 كلمة
عوافي– تقرير/محمد عمر
تناقص وزن الطفلة جنات محمد، تسعة أشهر، بشكل متسارع بعد إصابتها بإسهال حاد ما اضطر الطاقم الطبي في المركز الصحي بمنطقة الجراحي محافظة الحديدة إدخالها قسم الرقود في 15 يوليو الماضي، لتظل تحت الرقابة الطبية لمدة 12 يوما بعد أن أثبتت الفحوصات إصابتها بسوء التغذية الحاد.
و وفقا لوالد الطفلة –الذي روى القصة لمنصة “عوافي“- عادت طفلته إلى المنزل بعد أن استقرت حالتها، لكنها تعرضت بعد أسابيع لانتكاسة جديدة وسرعان ما أصبح جسمها هزيلا جدا ما اضطرهم لنقلها إلى المركز الصحي وهناك نصحهم أحد الأطباء بنقلها إلى مستشفى الثورة بمدينة الحديدة.
وبحسب والد الطفلة كانت جنات واحدة من عشرات الأطفال المصابين بسوء التغذية طلب العاملون في المركز نقلهم إلى مستشفيات مختلفة في الحديدة وزبيد وبيت الفقيه، غرب اليمن، بحجة عدم قدرة المركز على استيعابهم بسبب محدودية عدد الأسرّة.
يقول والد جنات “عادت زوجتي وطفلتي إلى المنزل ومثلها العشرات من الأطفال فنحن لا نمتلك تكاليف السفر والإقامة في هذه المدن خلال فترة العلاج“ واستدرك “بعد ساعات تمكنا من العودة وإدخال جنات قسم الرقود في المركز الصحي بعد أن استخدمنا بعض العلاقات الشخصية لكن معظم الأطفال عادوا إلى منازلهم“.
وأفاد بان الأطفال في قسم الرقود يحصلون على ثلاث زجاجات دواء خاصة بالحميات بينما يدفع الأهالي رسوم الفحوصات.
قد يهمك .. سحرة ومشعوذون يسرقون صحة المرضى في اليمن
يفقد عشرات الأطفال المصابين بسوء التغذية حياتهم في مديرية الجراحي نتيجة عدم حصولهم على الرعاية المطلوبة، وعجز أهاليهم عن توفير التغذية المناسبة بسبب وضعهم المعيشي المتدهور الذي يحول دون وصولهم إلى المنشآت الطبية في المدن المجاورة في ظل عدم قدرة المركز الصحي الوحيد على استقبال جميع الحالات.
انقطاع المرتبات وارتفاع الأسعار وتدهور الوضع المعيشي لأهالي الجراحي ساهم بشكل كبير في ارتفاع نسبة إصابات الأطفال بسوء التغذية، وفقا لمدير المركز الصحي بالمديرية عادل واصل، الذي أفاد بأن المركز يمتلك عشرة أسرّة فقط مخصصة للرقود.
وفي حديث واصل لمنصة “عوافي“ أكد أن الطاقم الطبي القائم على المركز يقوم بتحويل الحالات الحرجة فقط إلى مستشفيات المدن الأخرى والتي تحتاج عناية فائقة كالحالات التي لم تعد قادرة على شرب الحليب.
وطالب واصل بعمل توسعة للمبنى حتى يتمكنوا من تقديم الخدمات للأطفال والمواطنين بشكل عام في ظل ارتفاع نسبة المصابين بسوء التغذية ، مؤكدا أن المركز يقدم بعض الخدمات إلى جانب الرعاية الطبية للأطفال مثل الأدوية والحليب والحفاظات بالإضافة إلى مساعدات مالية و“بدل مواصلات“ يتم صرفها عبر شركات الصرافة.
ورغم ضعف مستوى الرعاية الصحية التي يقدمها المركز للأطفال المصابين بسوء التغذية إلا أن هؤلاء الأطفال أكثر حظا من الكثيرين غيرهم لم يستطيعوا الوصول إلى المركز.
وفي هذا السياق يوضح منسق التغذية في مديرية الجراحي الدكتور إبراهيم البطاح أن الكثيرين من الأطفال المصابين بسوء التغذية لا يصلون إلى المركز الصحي وذلك بسبب عدم امتلاك أهاليهم تكاليف الوصول إلى المركز أو غياب الأب وانشغال الأم.
وقال البطاح لمنصة “عوافي“ لا يستطيع مركز التغذية العلاجية TFC استيعاب جميع الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد والوخيم بسبب ارتفاع عدد المصابين ومحدودية قدرات المركز، موضحا أن الفقر وتدني مستوى الوعي عند الأهالي في ما يتعلق بالتنوع الغذائي ساهم في ارتفاع عدد الإصابات.
ويتكون المركز من غرفتين مع حمامات داخلية و صالة صغيرة تم تخصيص جزء منها كـ “مطبخ“ يستخدم لتجهيز الحليب، بالإضافة إلى صيدلية صغيرة، بينما يستخدم القسم الداخلي ( TFC) لمعالجة الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم مع مضاعفات وناقصي الوزن.
وبحسب البطاح فإن القدرة الاستيعابية للمركز في قسم الرقود محدودة “عشرة أطفال“ بينما يستقبل المركز أعدادا أكبر من قدرته مما يضطر بعض الأهالي إلى العودة بأطفالهم إلى المنازل وهذا يؤدي إلى تفاقم الحالات، حيث استقبل المركز خلال الفترة “من شهر يناير إلى سبتمبر“ 371 طفلا “ 157 ذكور و 214 إناث“.
بالإضافة إلى ضيق المكان يعاني المركز من نقص كبير في بعض الاحتياجات مثل البطانيات ومستلزمات النظافة وشحة الأدوية خاصة المتعلقة بالأمراض المعدية والتهابات الجهاز التنفسي والإسهالات ، ودعا البطاح لتوفير المستلزمات الخاصة بالبرنامج الغذائي مثل الميازين، مقياس الطول، المواك بالإضافة إلى المزيد من تأهيل الكادر الصحي.
وطالب الجهات المعنية بالصحة بتنفيذ زيارات ميدانية لمتابعة العاملين في البرنامج والتدريب أثناء الزيارة وتعديل الأخطاء “إن وجدت“ وتقييم مستوى الخدمات المقدمة بالإضافة إلى عمل دراسات ميدانية لمعرفة الأسباب الحقيقية لانتشار سوء التغذية ومن ثم عمل تدخلات مناسبة مبنية على معلومات حقيقية مستقاة من الميدان.
وللتخفيف من حدة انتشار سوء التغذية في المناطق التهامية ،غرب اليمن، أفاد البطاح بضرورة تنفيذ برامج ثقافية لرفع مستوى الوعي عند الأهالي حول تغذية الرضع العناية المنزلية للأطفال و النظافة والوقاية من الأمراض والحد من انتشارها، منبها إلى أهمية اختيار فرق التوعية من الفتيات المتعلمات من أوساط المجتمع من ذوات التأثير لنشر التوعية حول التغذية السليمة واكتشاف حالات سوء التغذية.
ويُقدر عدد الأطفال دون الخامسة المصابين بسوء التغذية الحاد بحوالي مليوني حالة ويشمل ذلك 360,000 طفل مصاب بسوء التغذية الحاد الوخيم، بحسب منظمة اليونيسف، وأكدت في سبتمبر الماضي أن أكثر من 540 ألف طفل في اليمن معرضون لخطر فقدان حياتهم بسبب سوء التغذية الحاد والوخيم، إذا لم يتم علاجهم في الوقت المناسب، وكانت المنظمة قد عالجت في العام 2021 ما يزيد عن 315,000 طفل دون الخامسة مصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم.
يأتي ذلك بينما تشير تقديرات صادرة عن منظمات أممية إلى أن حوالي 80 في المائة من اليمنيين مثقلون بالديون ويكافحون لدفع ثمن الغذاء والماء والمواصلات والخدمات الصحية الضرورية.
اخترنا لك .. مقاصف مدرسية في صنعاء تقدم وجبات غير صحّية للطلبة