18.2 C
اليمن
Home روشتة المخاوف من عودة كوفيد-19 في اليمن 2023

المخاوف من عودة كوفيد-19 في اليمن 2023

0
المخاوف من عودة كوفيد-19 في اليمن 2023
‏  6 دقائق للقراءة        1161    كلمة

كتب: د. ياسر عفيف النجار

تزداد المخاوف يوماً بعد آخر من احتمالية عودة انتشار جائحة كوفيد-19 في العام الجديد (2023م) بعد عودة الصين لإغلاق بعض المدن، حسب ما أفاد موقع (BBC)، حيث وُضعت مدينة يوتشو في مقاطعة خنان بالصين في حالة إغلاق، إثر اكتشاف ثلاث حالات إصابة بفيروس كوفيد-19 بدون أعراض، وأصبح أكثر من مليون مواطن محاصرين في منازلهم.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت في بداية شهر ديسمبر 2022 أن عدداً من الدول الأوروبية، بينها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا، رفعت “فجأة” تدابير مكافحة كوفيد-19، وتجد نفسها تواجه مجدداً ارتفاعاً واضحاً في عدد الإصابات بفعل تأثير النسخة الثانية من المتحور “أوميكرون” المسمى “بي إيه.2” (BA.2).

فقد سجلت فرنسا وحدها ما يقرب من 90 ألف إصابة جديدة، خلال الأيام الاسبوع الماضية ما يمثل زيادة %36 عن الأسبوع السابق عندما رفعت الحكومة معظم إجراءات البروتوكول الصحي لمكافحة الوباء، بينما كشفت بيانات معهد روبرت كوخ للأمراض المعدية في المانيا، الاثنين الماضي، عن ارتفاع عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كوفيد-19 إلى ما يقارب 19 مليوناً ، وأشارت البيانات إلى ارتفاع إجمالي عدد الوفيات إلى 126929 وفاة.

وبحسب موقع (الأمم المتحدة) أكد الدكتور هانز هنري كلوغ، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لأوروبا، خلال مؤتمر صحفي عقده بداية يناير على ثلاثة عناصر أساسية في سبيل وقف انتشار الفيروس، وهي العلم والمراقبة والمسؤولية، وقال إن الأنظمة الصحية لا يمكنها أن تتحمل المزيد من الضغوط بعد ثلاث سنوات طويلة من الجائحة، حيث تعاني العديد من البلدان بسبب الإنهاك الذي أصاب أنظمتها الصحية، والنقص في الأدوية الأساسية والقوى العاملة الصحية المنهكة.

قد يهمك..مصادر الشائعات حول لقاحات كوفيد-19 في اليمن

ومن خلال متابعة الوضع الصحي في اليمن عموماً يتضح لنا حجم المخاوف من احتمالية عودة وباء كوفيد-19 بشكل أو بآخر، مهددا الوضع الصحي ويفاقم الأزمة الإنسانية بشكل أعمق وأكثر خطورة، وربما أشد ضراوة من المرة السابقة في 2020م، حيث يشهد الناس حالة هلعة خلال هذه الفترة.

الوضع الصحي المتدهور في اليمن في مواجهة كوفيد-19 عبرت عنه منظمة أطباء بلا حدود وفي بيان سابق قالت بان اليمن مقبل على “كارثة” جراء تفشي فيروس كوفيد-19 المستجد في هذا البلد الفقير الذي تمزقه الحرب منذ 2015م، ويصعب معرفة العدد الدقيق لحالات الإصابة بالوباء بسبب انهيار النظام الصحي وغياب وسائل الاستجابة للجائحة، من معدات الوقاية الصحية والمواد اللازمة لإجراء الاختبارات.

وخلال فترة تفشي وباء كوفيد-19 في اليمن عام 2020م، عانت الخدمات الصحية من انهيار شبه تام في القدرة على استقبال الحالات الجديدة، مثل النقص الشديد في أجهزة التنفس الصناعي، وازدحام المستشفيات الحكومية والخاصة، وغياب السعة السريرية من توفر أسرَّة شاغرة للمرضى المشتبه بهم، والنقص في الكادر الطبي والفرق الصحية العاملة والقادرة على مواجهة الوباء، وقد بلغ إجمالي الحالات المؤكدة (11945)، منها (2159) وفاة، و(9124) حالة تعافٍ، حسب اللجنة الوطنية العليا لمواجهة وباء كوفيد-19 في اليمن، عبر حسابها في تويتر، بتاريخ 06/02/2022م.

انتشار الوباء حينها دفع وزارة الصحة العامة والسكان، في عدن، لتنبيه المواطنين منتصف العام الماضي لضرورة الأخذ بالإجراءات المعتادة لمجابهة الفيروس، بعد تسجيل زيادة ملحوظة في أعداد المصابين. وأوضح وكيل الوزارة، الدكتور علي الوليدي، أن الوزارة رصدت حالات الإصابة بالفيروس، مما يحتم على الجميع الأخذ بالإجراءات الوقائية المتبعة، وفي مقدمتها التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة وغسل اليدين لتجنب الإصابة بالفيروس.

وفي ما يخص وزارة الصحة العامة والسكان التابعة لحكومة صنعاء لم يتم ذكر أي إحصائيات رسمية عن عدد الحالات، أو تنبيهات من احتمالية عودة الوباء مرة أخرى، وبشكل عام على مستوى اليمن لم يتم توضيح حجم الخطر أو القدرات أو التجهيزات والاستعدادات من احتمالية عودة الوباء، مع أن كثيراً من الدول تعمل على الاستعدادات المبكرة والوقائية لمواجهة الجائحة، مثل التشديد على المسافرين القادمين من الصين، وعمل الفحوصات الخاصة بفيروس كوفيد-19، وإجراءات الحجر الصحي، مع الاستمرار في تقديم اللقاحات الخاصة بالفيروس، والتأكد من الاستمرار في إعطاء اللقاحات وتطبيق الإجراءات الوقائية، وحصر القدرات والتجهيزات المتوفرة في المستشفيات، بعكس اليمن تماماً.

ويمكن تقسيم المخاطر الصحية في اليمن بشكل عام إلى بُعدين، البعد الأول يضمن الأسباب التي لها علاقة بالأزمة الإنسانية في اليمن، مثل تفاقم الأزمة الإنسانية وضعف النظام الصحي، وقلة القدرة الشرائية وسوء التغذية وانتشار الأمراض المختلفة.

بالإضافة الى صعوبة وصول الإمدادات الصحية، وضعف سلاسل التوريد بسبب الحرب الدائرة، وما افرزته من تعقيدات، كما ان استخدام عودة انتشار الوباء كوسيلة ضغط من قبل أي طرف من أطراف الصراع الدائر، من أجل الحصول على مكاسب خاصة يمثل احد الاسباب.

اقرأ أيضاً..القطاع الصحي في اليمن ما يزال جريحاً جراء كوفيد19

اما البعد الثاني فيتمحور حول أسباب لها علاقة بالنظام الصحي في اليمن مثل عدم وجود خطة طوارئ معلنة على مستوى البلاد، وعمليات مشتركة تعمل بشكل مستمر لمواجهة الوباء في حال عودته، في ظل غياب بيانات وإحصائيات رسمية دقيقة ومحدثة.

ضعف المنظومة الصحية المتعلقة بالتجهيزات والمعدات والمستلزمات الطبية و عدم توفر مراكز عزل خاصة بحالات كوفيد-19 بالعدد الكافي على مستوى البلاد وقلة الكوادر والفرق الصحية المجهزة والمدربة، من أهم الأسباب أيضا، بالإضافة الى عدم توفر اللقاحات بشكل جزئي في المناطق التابعة لحكومة عدن، وانعدامها بشكل كامل في المناطق التابعة لحكومة صنعاء في ظل تدني مستوى الوعي المجتمعي، سواء في الشارع العام او حتى في المؤسسات الطبية، حول الالتزام بالإجراءات الصحية الوقائية في حال انتشار وباء كوفيد-19.

مما سبق، يتضح لنا بصورة جليَّة جحم الخطر من احتمالية تكرر المأساة في حال عودة وباء كوفيد-19 الى اليمن مرة أخرى للعام 2023م، في ظل ما تعانيه اليمن من أوضاع جعلها غير قادرة على الاستعداد لمواجهة الجائحة.

لذا من المهم ان تعمل الجهات المختصة في صنعاء وعدن بشكل أساسي على التنسيق لإنشاء غرفة عمليات مشتركة ويسخر لها الإمكانيات المطلوبة على المستوى المادي واللوجستي وقدرة الوصول واتخاذ القرار تمكنها من إدارة الوضع الصحي في جميع المحافظات بشكل مهني وبعيدا عن أي حسابات أخرى.
وان تؤمن جميع الأطراف بان الهدف هنا هو مواجهة احتمالية عودة جائحة كوفيد-19 وحماية المواطن في كل شبر من الوطن.

*أخصائي صحة مجتمع

أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “عدن الغد”