خسر المطرب الأربعيني عبدالله جابر -من أبناء محافظة إب وسط اليمن- وظيفته في دولة البحرين التي ظل يعمل فيها لـ 7 سنوات بسبب إصابته بفيروس الكبد “C” .
الإصابة كتمت صوت جابر ومنعته من الاستمرار في إحياء الحفلات الغنائية ليغادر بسببها دولة البحرين عائداً إلى اليمن.. بعد تعرضه لوعكة صحية كشفت حينها نتائج الفحوصات عن إصابته بفيروس الكبد سي. ومن هناك تغير مسار حياته وتبدلت أولوياته.
ورغم كل ما حدث لم يستسلم للمرض أو اعتبر أن اصابته بالفيروس المعدي المحطة الاخيرة من حياته، إذ يقول -في حديثه لـ “عوافي”.. “التزم بالأدوية التي أوصى بها أطباء، وكلي أمل كبير بالشفاء واستكمال مسيرتي الفنية”.
بينما ما تزال الزوجة وابنتاه في البحرين بانتظار عودة جابر الذي لا يزال يستكمل العلاج في اليمن، يحرص الخمسيني ذيبان عزيز – من أبناء رداع محافظة البيضاء- على زيارة الأطباء في صنعاء باستمرار لمتابعة وضعه الصحي بعد أن اكتشف إصابته بفيروس الكبد أواخر 2017 أثناء تبرعه بالدم في مستشفى الكويت.
اعتاد ذبيان على التبرع بالدم بشكل منتظم منذ 15 عاما ليساعد في تخفيف معاناة المرضى، ولم يكن يتوقع أنه سيصبح واحدا من هؤلاء المرضى.. مؤكدا -في حديثه لـ منصة “عوافي”- أن حالته الصحية مستقرة مع حرصه على الالتزام بتوجيهات الأطباء.
ورغم ذلك ما يزال هناك سؤال لم يجد له إجابة “لا أدري كيف أصبت بالفيروس ومتى”؟.
وفي هذا السياق يؤكد أخصائي الباطنية الدكتور ناصر صلاح.. أن التهاب الكبد الفيروسي مرض معدٍ ينتج عن الإصابة بواحد من خمسة فيروسات التهاب الكبد ( A.B.C.D.E) مبينا أن فيروسي B.C هما الأكثر شيوعاً وخطورة.. إذ يتسببان بالتهاب كبدي حاد وتكمن خطورتهما في كون أعراضهما قد لا تظهر.
ووفقا لحديث الاخصائي صلاح -لـ عوافي- تنتقل عدوى الإصابة بفيروسي الكبد A.E بواسطة الأغذية أو المياه الملوثة بفضلات شخص مصاب بالفيروس.. وتنتقل عدوى B.C المعروف بـ “فيروس الكبد C ” عن طريق الدم الملوث أو الاتصال الجنسي غير الآمن، كما قد تنتقل من الأم للجنين أو باستخدام أدوات شخص مصاب.
أما الإصابة بفيروس الكبد D -وهو نوع نادر- فتأتي بعد الإصابة بفيروس B ، موضحا أن الأشخاص الحاملين للفيروسات يظلون مصدراً لنقل العدوى إلى الآخرين.
وحول أهم أعراض الإصابة بفيروسات الكبد أفاد الدكتور صلاح بأن بعض الحالات تكون أعراضها متشابهة مع أعراض الأنفلونزا.. وتستمر عدة أيام إلى أسابيع خاصة فيروس الكبد C، وهناك إصابات لا تظهر أعراضها إلا بعد 20 – 35 سنة من الإصابة. مشيراً إلى أن التهاب الكبد المزمن لديه مضاعفات مثل تليف الكبد ومن ثم تشميعه وفشل كبدي قد يؤدي إلى فشل أعضاء الجسم الأخرى، ومن ثم سرطان الكبد والوفاة.
وللوقاية من التهابات الكبد الفيروسية -وهو مرض يصيب الكبد ويتسبب للكبد بمرض وخيم وفي سرطان الخلايا الكبدية- ينصح الدكتور صلاح بعدم استعمال الأدوات التي تخص أشخاص آخرين.. وتجنب استعمال الإبر “الحقن” غير المعقمة، والحرص على التبرع بالدم في المراكز والبنوك التي تتبع نظام حماية قوية حتى لا تنتشر العدوى.
ومن أهم الإجراءات التي حددتها منظمة الصحة العالمية للوقاية من فيروسات الكبد ممارسات الحقن المأمونة والملائمة في إطار الرعاية الصحية.. وضمان مأمونية تداول الأدوات الحادة والنفايات والتخلص منها فحص الدم المتبرع به للكشف عن فيروس التهاب الكبد “B” وفيروس التهاب الكبد “C”.
وبالنظر إلى وفاة شخص كل 30 ثانية بسبب مرض متعلق بالتهاب الكبد- حتى في ظل أزمة كوفيد-19 الحالية.. فقد رفعت منظمة الصحة العالمية هذا العام شعار “التهاب الكبد لا يقبل الانتظار”.. للتأكيد على الضرورة الملحة لاتخاذ الجهود اللازمة للقضاء على التهاب الكبد بحلول عام 2030 بوصفه تهديدا للصحة العامة.
وهنا تؤكد المنسق العام للبرنامج الوطني لمكافحة التهابات الكبد الفيروسية الدكتورة ليبيا مهيوب، أن اليمن من الدول ذات المعدلات المتوسطة الانتشار لفيروسات الكبد الوبائي.. اذ تتراوح ما بين 2-8% باستثناء فيروس الكبد سي الي يتراوح انتشاره من 2 __ 2.2% .
ووفقا لتصريح الدكتورة مهيوب -لـ عوافي- يهدف البرنامج للتخلص من التهاب الكبد الفيروسي عن طريق “الحد من انتشار العدوى.. وتقليل عدد المرضى والوفيات الناتجة عنه، وتحسين رعاية ومعالجة المصابين، وتقوية نظام الترصد الخاص بالتهابات الكبد الفيروسية. بالإضافة لعمل الدراسات والأبحاث المتعلقة بالمرض لمعرفة عوامل الخطورة واكتشاف مناطق الانتشار”.
وأفادت أن “اليمن لن يتمكن من السيطرة على المرض إلا بتضافر جهود المؤسسات الحكومية والمنظمات المحلية والدولية، وكذلك المجتمع كأفراد” فالبرنامج الذي أنشئ بقرار صادر عن وزارة الصحة في صنعاء عام 2019.. لم يتلق أي دعم من المنظمات حتى الآن بالرغم مما تمر به اليمن من أوضاع اقتصادية بسبب ظروف الحرب التي أدت إلى تزايد انتشار عوامل العدوى الفيروسية، حد قولها.
وكانت إدارة الترصد الوبائي بوزارة الصحة العامة والسكان في صنعاء، أعلنت نهاية العام الماضي 2020 أن حالات الإصابة بالتهاب الكبد البائي في اليمن بلغت من 3 إلى 7 % من إجمالي عدد سكان اليمن أي “مليون و 500 ألف حالة.. وأن حالات الإصابة بالتهاب الكبد سي ( C) تتراوح ما بين 1 إلى 3 % من إجمالي عدد السكان بواقع تقريبي 500 ألف حالة.
فيما أكد وزير الصحة الدكتور طه المتوكل -في كلمة ألقاها خلال الفعالية التي نظمتها الجمعية البحثية اليمنية لأمراض الكبد ومناظير الجهاز الهضمي والقنوات المرارية.. في 12 أغسطس الجاري، بمناسبة اليوم العالمي لالتهابات الكبد- أن هناك مليونين ونصف يعانون من أمراض الكبد.
وبحسب الدكتورة مهيوب هناك لقاح ضد الكبد الوبائي يسمى “اللقاح الخماسي” يعطى للأطفال على ثلاث جرعات خلال ستة أشهر ويحميهم من أمراض قاتلة مثل “الخناق، والكزاز والسعال الديكي.. والتهاب الكبد B، والنـزلة النـزفية b”، مشيرة إلى وجود لقاح للكبار وللكوادر الطبية، يعطى لمن يقومون بعمليات حرجة وتغيير الدم كأمراض الكلى، وهو لقاح ينصح باستخدامه لكل الأصحاء وخاصة الأكثر عرضة للإصابة مثل أفراد الأسرة المخالطين للمصاب بنفس الفيروس.
أما على مستوى العالم فتوجد لقاحات آمنة وناجحة لالتهابات الكبد من أنواع A.B.E غير أن نوع التهاب الكبد الفيروسي C هو النوع الذي لا يوجد له لقاح معروف حتى الآن، وفقاً للصحة العالمية.
وفي الوقت الذي تسابق وزارة الصحة بصنعاء الزمن لوضع خطة استراتيجية وطنية لمكافحة التهاب الكبد الفيروسي ، هل سيظل اكتشاف الإصابات في اليمن مرهون بالصدفة في ظل غياب البرامج التوعوية بأعراض المرض وطرق إصابته؟