5 دقائق للقراءة 960 كلمة
حوار: جميل مفرح
إنها الخطوة الأولى نحو الشفاء .. زراعة الابتسامة على وجه المريض وصناعة الفرحة في روحه.. قصص كثيرة لمصابين بالسرطان نجحوا في التغلب على المرض والشفاء منه تماما عندما وجدوا الدعم النفسي المناسب من قبل محيطهم الأسري والمجتمعي.
استشاري الأمراض النفسية والعصبية و رئيس قسم الأمراض النفسية بمستشفى الثورة العام في العاصمة صنعاء الدكتور عبدالله عبدالوهاب الشرعبي قدم – في هذا الحوار الخاص بمنصة (عوافي)- أشبه بخارطة لكيفية تقديم الدعم النفسي للمرضى وسلط الضوء على زوايا يغفلها الكثير رغم أهميتها.
ويرى الدكتور الشرعبي بأن الدعم النفسي والمعنوي يمكن أن يحدث فارقا كبيرا في حالة الإصابة وتطورها والتعايش معها.. لذا فإن من واجبات الأسرة مشاركة المريض آلامه ومخاوفه وأفكاره بشكل يساعد على التخفيف من حالة الاكتئاب والعزلة اللتين تصيبان معظم المرضى.
ويبدأ التواصل الجيد عن طريق الاستماع الجيد إليه والصبر على ما قد تؤول إليه حالته النفسية بعد علمه بالإصابة، مشدداً على أهمية الدور الذي تلعبه الأسرة في رفع معنويات المريض إذا أدت ذلك الدور بشكل سليم وإيجابي.
وأوضح الدكتور الشرعبي، وهو أيضاً مدرب أطباء البورد العربي – مساق الطب النفسي بمستشفى الثورة العام، أن من أهم ما يجب أن تلتزمه الأسرة تجاه مريض السرطان تجنب الحديث عن المرض والموت، ومحاولة سرد قصص نجاح لناجين من المرض.
بالمقابل يتحلى أفراد الأسرة بسلاح الصبر وقوة التحمل، وألا يشعروا المريض بأي نوع من التذمر تجاهه، حتى لا يشعر بأنه بات عبئا على الأسرة.
جزء من العلاج
حول حاجة المريض لذلك الدعم النفسي لحظة اكتشافه للمرض وأثناء مرحلة العلاج، يقول الدكتور عبدالله: غالبا ما تكون الإصابة بالسرطان إحدى أكثر التجارب إرهاقا في حياة الشخص، حيث يمر مريض السرطان بمراحل متعددة من الحالة النفسية، منذ أن يتم تشخيصه بالإصابة بالسرطان، ومرورا بمراحل العلاج المختلفة والتي تكون أكثر إرهاقا سواء أكان نفسيا أو معنويا.
ومن هنا، فإن المريض يظل طوال تلك المراحل بحاجة ماسة إلى الدعم النفسي والمعنوي خصوصاً من قبل أسرته.
قد يهمك..تأثير السلس البولي على العلاقة الحميمية بين الأزواج
وفي توصيف أقرب وأكثر دقة حول أهمية هذا الدعم يعتبر الدكتور الشرعبي الدعم النفسي لمريض السرطان جزءاً لا يتجزأ من العلاج ككل وليس عنصراً تكميلياً كما قد يخطر في بال البعض.. فهناك ارتباط وثيق بين مرض السرطان والإصابة بالقلق والاكتئاب، لذا فإن مريض السرطان يكون بحاجة دائمة لتوفير خدمات نفسية، حد قوله.
ووفقاً للاستشاري الشرعبي، من مهام أفراد الأسرة تشجيع المريض على طلب المساعدة والعلاج النفسي، وذلك من أجل التخفيف من الآلام والمؤثرات النفسية التي قد يتعرض لها بالتوازي مع إصابته بالسرطان، وينصح أفراد أسرته بأن يشجعوا المصاب بالتثقيف حول مرضه واكتساب العديد من المهارات المعرفية والسلوكية التي تمكنه من مواجهة المعاناة النفسية المرتبطة بمرضه.
دور تكاملي بين الطبيب والعائلة
يواجه المصاب بالسرطان حالة نفسية متردية لا تقل سوءاً عن حالة المصاب بمرض نفسي شديد بالإضافة إلى الآلام الجسدية التي يعانيها مريض السرطان خصوصاً أثناء العلاج ،بحسب الشرعبي، الذي أوصى بتوخي الحذر في التعامل والحديث مع المريض ، وتجنب كل ما يمكن أن يشعره بسوء حالته المرضية، أو يتسبب له في الشعور باليأس والإحباط.
وشدد على أهمية دور الأسرة في رفع معنويات المريض بكل أشكال الدعم الممكنة عاطفياً واجتماعياً وأسرياً، لأن في ذلك تخفيفاً عليه وتخفيضاً لمستويات الإجهاد النفسي التي يتعرض لها أو يصل إليها بعد الإصابة بالسرطان.
ويأتي دور الأطباء في تعزيز الدعم النفسي والمعنوي لمرضى السرطان وذلك بكونهم يأتون في المرتبة الثانية بعد الأسرة من حيث ارتباطهم بالمرضى والتواصل معهم والإشراف الطبي على حالتهم الصحية. حسبما أضاف، منوها بأنه بإمكان الطبيب مساعدة المريض على التكيف السليم والتعايش الإيجابي مع المرض، ذلك إلى جانب وضع البرنامج العلاجي الخاص والمناسب لكل حالة مرضية.
وأكد أن للأخصائي النفسي دوراً كبيراً في رفع معنويات المريض وتقديم الدعم النفسي له بشكل دائم وتشجيعه وتحفيزه على التفاؤل خصوصا وأن الدعم النفسي له كبير الأثر في تغيير الحالة المرضية .. علماً أن رسم الابتسامة على وجه المريض هي الخطوة الأولى نحو الشفاء.
التواصل والنماذج الناجحة
وينصح الدكتور عبدالله الشرعبي بإيجاد تواصل واختلاط بين المصابين بنفس المرض إما بشكل ثنائي أو بشكل جماعي، بحيث يتم خلال تلك اللقاءات تبادل الخبرات والمشاعر أيضاً بين المصابين.
وأقترح إقامة ورشات دعم نفسي خاصة بذوي المرضى وأقرب الناس إليهم، وذلك بهدف تثقيفهم حول الحالة المرضية واطلاعهم على كيفيات التعامل مع المصابين وطرق الدعم المناسبة والإيجابية التي يمارسونها مع مرضاهم.
إن الإصابة بأي مرض ، ومن بينها مرض السرطان لا تعني النهاية بالنسبة للإنسان القوي والذكي الذي يستطيع أن يتعامل مع حالته المرضية بطريقة إيجابية، ويتعايش معها بإصرار وتحدٍ، وفقا للدكتور الشرعبي، الذي أوصى بأهمية الاتباع الدقيق لما يضعه الأطباء، سواء المتخصصين في الأورام، أو في الجانب النفسي، من برامج دوائية وأنظمة حياتية مناسبة، وأن هناك نماذج لحالات أصيبت وشفيت بتفعيل تلك الموجهات والإرشادات الطبية والنفسية..
واستشهد على ذلك بقصة لامرأة تبلغ من العمر ٣٨ عاماً كانت قد أصيبت بسرطان العمود الفقري، وتعافت منه خلال فترة وجيزة بعد تلقيها الدعم المناسب من قبل الأخصائي النفسي ومن قبل أفراد أسرتها.
-
الصورة الرئيسية لـ د. عبدالله الشرعبي استشاري الأمراض النفسية والعصبية
اخترنا لك..أطباء يتجاهلون الإجراءات الوقائية في مختبرات محافظة الحديدة
أنجز هذا الحوار ونشر بالتزامن مع المجلة الطبية ضمن حملة ” #لست_وحدك_الجميع_معك ” التي أطلقتها “المجلة الطبية” للتوعوية بأهمية ودور الأسرة والمجتمع في تقديم الدعم النفسي لمرضى السرطان، تزامنا مع مارس الشهر العالمي للتوعية بسرطان القولون وبالشراكة مع صندوق مكافحة السرطان وشركة يمن موبايل ومستشفى يوني ماكس الدولي ومنصة عوافي.