6 دقائق للقراءة 1150 كلمة
عوافي / جوري مرشد المعمري
كاد العشريني بسام الزاملي أن يفقد خطيبته بعد أن طلب من والدها إجراء فحوصات ما قبل الزواج ، فهدد الأخير بفسخ الخطوبة في حال تكرر هذا الطلب.
لقد اضطر الزاملي -الذي يعمل في إحدى المختبرات الطبية بالعاصمة صنعاء- لتأجيل عقد القران على أمل أن يجد من الأقارب من يقنع والد خطيبته بأهمية هذه الفحوصات تجنبا لإنجاب أطفال غير أصحاء، في بلد لم تلزم قوانينها إجراء فحوص ما قبل الزواج للكشف عن أمراض وراثية مثل الثلاسيميا كما هو حال أغلب الدول العربية التي اعتمدت إجبارية تلك الفحوص المخبرية.
وأكد -لمنصة عوافي- أنه لن يجازف بالزواج قبل إجراء الفحوصات، لافتا إلى أن عمله في المختبرات جعله يدرك حجم المخاطر التي تتعرض لها الكثير من الأسر “كان يمكن ألا تحدث لو أنهم أجروا فحوصات ما قبل الزواج”.
وفي المقابل نجحت أورى محمد ،25عاما، بدعم من والدتها في إقناع والدها بضرورة أن تجري هي وخطيبها فحوصات ما قبل الزواج، وقالت -لمنصة عوافي- أنها لا تريد تكرار تجربة والديها عندما أنجبا طفلا يعاني من إعاقة ذهنية ،أثبتت الفحوصات المخبرية أنها نتيجة لمرض وراثي.
بقلق وترقب ، انتظرت أروى نتائج فحوصاتها التي أجرتها قبل أربعة أشهر في أحد مختبرات أمانة العاصمة لتحصل على نتائج مطمئنة لها ولزوجها ، ووصفت إنجاب أطفال مصابين بأمراض كان يمكن تجنبها بأنها مأساة تجعلك حريصا على إجراء الفحوصات مهما كان نوعها.
قد يهمك..شحة الدراسات العلمية تضعف التوعية بمخاطر القات
وفي هذا السياق أوضحت أخصائية النساء والولادة الدكتورة هناء كامل أن هناك فحوصات معينة يفترض أن يجريها كل من الرجل والمرأة قبل الزواج مثل مرض الخلايا المنجلية والثلاسيميا (المرض الوراثي الذي قد ينتج عن زواج الأقارب)وفحص الفيروسات، بالإضافة إلى فحوصات طبية متعلقة بقدرة الطرفين على الإنجاب.
وتكمن أهمية فحوصات ما قبل الزواج في تجنب إنجاب أطفال يعانون من أمراض وراثية نتيجة أن يكون أحد الأبوين حاملا لجيناتها، وفقا لحديث كامل لمنصة عوافي، بالإضافة إلى تجنب نقل عدوى الأمراض الفيروسية مثل فيروس الكبد وفيروس نقص المناعة المكتسب”الإيدز”.
كما تمنح فحوصات القدرة على الإنجاب فرصة للطرفين لمعرفة قدراتهم ومن ثم الموافقة أو رفض الارتباط ما يجنبهم الوقوع في مشاكل كثيرة بعد الزواج، حد قولها.
ورغم أهمية هذه الفحوصات إلا أن الأخصائية الكامل ترى بأن القليل جدا من الأشخاص القادمين على الزواج يقومون بها، “نادرا ما يتم عمل هذه الفحوصات في اليمن” و أرجعت السبب إلى ضعف الوعي بأهميتها بالإضافة إلى اعتقادات مجتمعية مغلوطة إذ يربط البعض بين عذرية الفتاة وأي فحص طبي قبل الزواج.
كما أن عدم توفر هذه الفحوصات في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية وارتفاع أسعارها في المستشفيات الخاصة التي تقدم الخدمة من أسباب ضعف الإقبال عليها خاصة ومتوسط تكلفة فحص الفيروسات مثلا يقدر بـ 20 ألف ريال ما يعادل 33 دولارا أمريكيا.
وتشدد كامل على ضرورة إجراء هذه الفحوصات خاصة في حالات وجود قرابة عائلية بين الطرفين تجنبا لإنجاب أطفال مصابين بمرض تكسر كريات الدم الحمراء، كما حدث مع الثلاثيني أحمد الاسعدي وزوجته اللذين أنجبا طفلين يعانيان من تكسرات في الدم.
ينظر الاسعدي إلى طفليه بحزن عميق مؤكدا أنه لم يعرف بأهمية فحص ما قبل الزواج إلا بعد أن أخبره الأطباء بحقيقة مرض طفليه.
وطالب -في حديثه لمنصة عوافي- وزارة الصحة والمؤسسات الطبية بضرورة تعريف الأهالي بأهمية فحوصات ما قبل الزواج وتوفيرها لتصبح في متناول العامة من الناس حفاظا على صحة الأطفال وتجنيبهم الإصابة بمثل الأمراض التي يعاني منها طفليه.
وفي سياق متصل توضح استشارية الصحة الإنجابية الدكتورة لينا ياسين أن فحوصات ما قبل الزواج تشمل أيضا فحص فصيلة الدم ، مرض السكري ، والأنيميا المنجلية وفحوصات الأمراض الاستقلابية.
وأشارت ياسين -في حديثها لمنصة عوافي- إلى فحوصات الأمراض المنقولة جنسيا مثل “الإيدز” والهيربس التناسلي والسيلان وقالت “هناك أمراض تجري في الأحماض النووية لبعض العائلات” ولذلك ينصح بعدم زواج الأقارب إلا بعد إجراء الفحوصات اللازمة.
وأفادت بأن هناك أمراضا يمكن أن يتم الوقاية منها في حال أجريت الفحوصات وإنجاب أطفال لا يحملون المرض، وبينما هناك بعض الفحوصات التي تتمثل بأخذ عينات من السائل الامنيوسي (السائل اغذائي الذي يحيط بالجنين طوال فترة الحمل في رحم المرأة) لمعرفة بعض الأمراض أو التشوهات الخلقية المتوقعة، وتؤكد أن اليمن ما زال يفتقر إلى مثل هذه الفحوصات.
من جهته يبين رئيس قسم علم الدم والمناعة في المختبرات اليمنية الأردنية الحديثة الدكتور حسن بوبل بأن من أهم الفحوصات المطلوبة للمقبلين على الزواج فحوصات الدم وعامل ريسس ( Rh Factor ) ، جين يكون في دم الإنسان، و الترحيل الكهربائي لهميوجلوبين الدم لمعرفة وجود الإصابة لصفة بعض أمراض الدم الوراثية ( فقر الدم المنجلي والثلاسيميا ).
وأكد بوبل -لمنصة عوافي- عدم وجود مختبرات متخصصة في عمل هذه الفحوصات غير أن الكثير من المختبرات تقدم مثل هذه الخدمات التي تحتاج لتقنيات ومحاليل خاصة.
ويشترط لتحقيق الفائدة من الفحص حضور الطرفين “الرجل والمرأة” مشيرا إلى أن بعض الحالات يحضر طرف واحد لعدم قدرته على إقناع الطرف الآخر بالحضور ومن ثم يخضع للفحص مفرده “وهذا غير مفيد” حد قوله.
وفي نفس السياق يوضح المختص في الصحة الإنجابية في إحدى المنظمات الدولية طلال حيدر أن تقبل الناس لفكرة الفحص قبل الزواج ضئيلة جدا وأنه لا يوجد تجاوب كبير رغم حملات التوعية التي تنفذها بعض المنظمات.
وتعاني أسرة واحدة من كل عشر أسر “زواج أقارب” من أمراض وراثية في عدد من مديريات في محافظة إب ،وسط اليمن، بحسب حيدر، الذي يعمل هناك منذ سنوات.
وطالب -في تصريح لمنصة عوافي- الجهات المختصة في الحكومة بإقرار قانون يلزم جميع المقبلين على الزواج إجراء الفحص بشكل إجباري مشددا على ضرورة توفير هذه الفحوصات مجانا في جميع المستشفيات الحكومية.
ويعد الهدف من إلزامية إجراء الفحوصات ما قبل الزواج توعويا بالدرجة الأولى, حيث لا بد من تقديم المشورة للمقبلين على الزواج في حال اكتشاف إصابتهم بأي مرض وراثي وبخاصة الثلاسيميا على غرار تجارب دول عربية، كالأردن التي أقرت عام 2004 إجراء الفحوصات للمقبلين على الزواج للكشف عن الثلاسيميا ، وفي حال لكن الزوج والزوجة يحملان سمة الثلاسيميا فقط يتم إرشادهما ولا يتم إجبارهما على ترك بعضهما فالقرار النهائي هو للأزواج بينما في غزه مثلا لا يتم الزواج.
إن إقرار مثل هذه الإجراءات في اليمن يمكن أن تخفف من نسبة إصابة الأطفال بالثلاسيميا المستمرة في الارتفاع, وفقا لمدير عام الجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا جميل خياطي, الذي أكد في تصريحات صحفية سابقة ارتفاع أعداد المصابين بهذا المرض يومًا بعد يوم.
ويرى الخياطي أن ضعف التفاعل المجتمعي والتعاطي الإيجابي مع هذه القضية من أهم أسباب ارتفاع عدد الإصابات في اليمن .
اخترنا لك..أسباب ومضاعفات تأخر الدورة الشهرية