4 دقائق للقراءة 630 كلمة
د.عادل سالم
على الرغم من غياب الدليل العلمي الذي يثبت وجود علاقة سببية بين اللقاحات وحالات اضطراب التوحد، فقد كان لتزايد عدد حالات التوحد سنويا (في ظل غياب التشخيص الطبي الدقيق المحدد لأسبابها الرئيسة )أثرا في زيادة أعداد المتشككين في مأمونية اللقاحات و المتأثرين بإشاعة مضللة لازال تأثيرها مستمر على الناس اعتمادا على دراسةٍ مغلوطة وصفت بأنها « الخدعة الطبية الأكثر ضرراً منذ مائة عام» مخالفة لأصول ومناهج البحث العلمي حيث كان حجم العينة المدروسة فيها صغيرًا، ولم يتم المقارنة فيها بين مجموعة ممن تلقى اللقاح وبين مجموعة أخرى لم تتلقَ اللقاحات لإستجلاء الحقيقة بشكل أوضح وقد تم تهويلها دعائيا فيما بعد على الأنترنت ووسائل الاعلام لتأجيج الشعور بالخوف الذي يدفع الناس إلى التهرب من تطعيم اطفالهم والوقوع في ظاهرة تردد اللقاحات ، خصوصا في المناطق السكانية الأكثر فقرا ،والأقل تعليما.
قد يهمك..أدوية وعلاجات الأمراض المزمنة في اليمن 8 سنوات من المنع وتهديد حياه اليمنيين
كما أن جميع الدراسات الجينية بينت أن التوقيت الحقيقي لظهور أول أعراض التوحد يحدث خلال عملية تطور الجهاز العصبي للجنين في الرحم و في سنٍ سابقٍ بكثير لأخذهم لقاح MMR ولم يتبين وجود اختلاف بسن تشخيص التوحد في صفوف أطفال تلقوا التطعيم وبين الذين لم يتلقوا التطعيم.
فيما توضح الدراسات الحديثة أن الأسباب النوعية لاضطرابات طيف التوحد لاتزال غير مفهومة بشكل كامل، فهناك اعتقاد علمي أنه سبب جيني ناتج عن تغيرات وظيفية في الجهاز العصبي .
ومع ذلك لايزال البعض يعتقد ان اللقاحات نفسها تسبب التوحد وخصوصا لقاح ال MMR “الخاص بالحصبة والنكاف والحصبة الالمانية” .
غير أن عشرات الدراساتٍ العالمية أجريت في العديد من البلدان كالمملكة المتحدة، وكندا و امريكا من قبل العديد من الباحثين مستخدمين فيها العديد من الأساليب الإحصائية الوبائية المختلفة، وأجريت خلالها تحليلات بيانية لقواعد بيانات كبيرة(BIG DATA) لمقارنة معدلات اللقاحات لأطفال مصابين بالتوحد على مستوى السكان، وأتيح فيها للباحثين اكتشاف اي ارتباطات بين متغير تلقي اللقاحات و متغير اضطراب التوحد ، لكن جميع هذه الدراسات توصلت إلى أدلة قاطعة تنفي وجود أي علاقة سببية بين التطعيم والتوحد و أثبتت عدم ارتباط ارتفاع حالات التوحد بمعدلات اللقاحات، فقد لوحظ ارتفاع حالات التوحد رغم انخفاض اللقاح في كثير من الحالات المدروسة وفي هذا السياق تعد التجربة اليابانية أقوى وأوضح دليل ينفي أي علاقة بين اللقاح واضطراب التوحد .
وأكدت منظمة الصحة العالمية أنه لا يوجد أي دليل على أن استخدامها الروتيني يسبب أي ضرر حين ثبت بالدليل العلمي القاطع براءة اللقاحات وتركيباتها المضافة من تهمة الارتباط بالتوحد .
أصبحت اللقاحات الشائعة وسيلة فعالة من حيث التكلفة والوقاية لتعزيز صحة الأطفال، مقارنةً بأدوية الأمراض الحادة أو المزمنة .
اقرأ أيضاً..شائعات لقاحات الأطفال في اليمن.. بين استغلال مخاوف الآباء وتجاهل الحقائق العلمية
لقد ساعدت حملات التطعيم على استئصال الجدري وقضت تقريبا على شلل الأطفال وانخفضت حالات الحصبة الألمانية بشكل حاد وكذلك العدوى التي تسببها المستدمية النزلية، المسببة لالتهاب السحايا الجرثومي وغيرها من الأمراض الخطيرة لدى الأطفال بنسبة أكثر من 99٪ في الولايات المتحدة .
ووفقا لمراكز مكافحة الأمراض واتقائها، فإن التوسع في تغطية اللقاح ضروري لمنع عودة ظهور الأمراض المهددة للحياة ، وأن انخفاض معدلات التحصين في بعض المجتمعات، سيؤدي لتفشي الأمراض وزيادة أعداد الوفيات الناجمة عن أمراض الطفولة التي يمكن الوقاية منها.
أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “عدن الغد”