6 دقائق للقراءة 1170 كلمة
عوافي/ محمد حفيظ – مارب
تستلقي الثلاثينية أنيسة سالم –اسم مستعار– على ظهرها جوار خيمتها الصغيرة في مخيم النقيعاء بمحافظة مارب، وسط اليمن، كلما اشتد بها الألم ونال منها الإرهاق، ثم تعاود العمل بعد أن تشعر بتحسن طفيف سرعان ما تفقده.
ورغم أن سالم –وهي أم لأربعة أطفال– تعاني من نزيف يومي وهذا ما جعلها أكثر قلقا من فقدان جنينها خاصة وقد أصبح في شهره السابع، إلا أنها لم تستطع الحصول على الخدمات الطبية أو حتى استشارة طبيب، فمخيم النقيعاء الذي تم إنشاؤه قبل أكثر من عام تقريبا إثر موجة النزوح الأخيرة يفتقر للعيادات الطبية والخدمات الأساسية الأخرى.
تقول في تصريح لمنصة (عوافي) “لا يوجد أحد يأخذني إلى المستشفى في مارب، ولا توجد عيادة طبية أو إسعاف في المخيم“ الذي يعد أكبر مخيمات المحافظة والأشد افتقارا لأي نوع من الخدمات الصحية التي قد تنقذ أنيسة من الموت أو المخاطر التي تهدد حياتها، بسبب استمرار النزيف بشكل متكرر.
تصاعد متسارع لأعداد الضحايا
لا يختلف الوضع في باقي مخيمات النزوح عن مخيم النقيعاء، إذ يشكو النازحون في مخيمات الصحراء والمدينة غياب أبسط الخدمات الصحية مثل العيادة الطبية المتنقلة أو الثابتة ، أو سيارة إسعاف للحالات الطارئة، في ظل غياب دور المنظمات الصحية والإغاثية.
أنيسة واحدة من 298 امرأة في الخيمات تعرضن لحالات نزيف قبل وبعد الولادة وأثناء الحمل، وفق إحصائيات إدارة الصحة الإنجابية في المحافظة، فيما حملت خارج الرحم 27 امرأة ، وتعرضت 731 امرأة للإجهاض وذلك للوضع المعيشي الصعب وغياب الخدمات الطبية في المخيمات.
قد يهمك .. شلل الأطفال يعود بقوة .. وحملات مضادة للتحصين
وتعرضت 18 امرأة إلى الإصابة بتمزق الرحم أثناء الحمل فيما عانت 82 حاملا من الولادة متعسرة، بحسب إدارة الصحة الإنجابية بمكتب الصحة تتزايد الأمراض التي تصيب النساء والأطفال في مخيمات النزوح بشكل مستمر وفي مقدمتها المضاعفات قبل وأثناء وبعد الولادة، في ظل عدم توفر وحدة صحية في كل مخيم.
ورصدت إدارة الصحة إصابة 114 امرأة بأمراض مصاحبة ، فيما أصيبت 13 امرأة بحمى النفاس وتعرضت 101 امرأة لتسمم الحمل الناتج عن الوضع غير المناسب الذي تعيش فيه الحامل وكذا لسبب عدم خضوع الحامل للمعاينة والرقابة الطبية المستمرة.
وقالت وحدة إدارة النازحين في تقرير لها أن ثلاثة أطفال توفوا بسبب البرد في مخيم النقيعاء فيما أصيب 12602 نازح بينهم أطفال ونساء خلال موسم البرد في الشتاء الفائت.
دور “خجول“ لبعض المنظمات الدولية
وصف نائب مدير مكتب الصحة بمارب أحمد العبادي التدخل الصحي للمنظمات الداعمة بأنه “ضعيف ولا يرقى إلى أي مستوى“ بينما مكتب الصحة غير قادر على تغطية احتياجات كافة النازحين .
وأفاد العبادي في تصريح لمنصة (عوافي) بأن مخيمات النازحين تفتقر إلى العيادات والخدمات الصحية رغم الانتشار الكبير للأمراض المعدية بين أوساط النازحين كالجرب والملاريا والكوليرا والجدري، مشيرا إلى أن بعض المخيمات شهدت انتشارا واسعا للإصابات بكورونا أثناء الجائحة.
وأبدى تذمره من نشاط بعض المنظمات الدولية العاملة في مجال الخدمات الصحية مثل الصحة العالمية والصليب الأحمر واصفا دورها بـ “الخجول “ مشيرا إلى أنها لا تقدم أكثر من خدمات صحية أولية وفي مناطق ومشاف وخدمات قليلة لا ترتقي إلى أدنى مستوى من الخدمة، حد وصفه. مستدركا “لكن هناك منظمات مثل الهجرة الدولية واليونيسف تقدم خدمات جيدة مقارنة بغيرها“.
فيما تقول وحدة إدارة النازحين بمارب أن مخيمين فقط من أصل 194 مخيما توجد فيها وحدات صحية ثابتة بينما بقية المخيمات تفتقر للوحدات الصحية ولا تحصل على الدواء في وقته المناسب والسريع ، ما يضاعف من معاناة النازحين ويصبحون أكثر عرضة للأوبئة والأمراض السارية.
غياب تام للخدمات في 56 مخيماً
أفاد منسق قسم الصحة والتغذية بوحدة إدارة النازحين بمارب محسن الحميصي بأن غياب المراكز والوحدات الصحية في مخيمات النازحين ساهم بشكل كبير في المخاطر الصحية بما فيها فقدان الحياة.
وأكد الحميصي لمنصة (عوافي) أن 56 مخيما تفتقد لجميع الخدمات الصحية، مطالبا بتوفير خدمات صحية متنقلة ، مشيرا إلى أن إدارة النازحين استطاعت توفير خدمات وفرق صحية متنقلة تنفذ زيارات “شهريا أو أسبوعيا “ لعدد من المخيمات فيما مخيمان اثنان فقط يمتلكان وحدات صحية ثابتة.
وحتى يتم توفير مثل هذه الخدمات تظل أنيسة سالم تعمل على تدعيم خيمتها التي صنعتها بنفسها لتصبح أكثر قدرة على مواجهة الرياح والأمطار الموسمية، على الأقل لتضمن مكانا تضع فيه مولودها إن صمد حتى موعد إضافته إلى كشوف النازحين.
26 ألف نازح مصاب بأمراض معدية
أشارت إحصائيات حديثة للوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في المحافظات التي تسيطر عليها حكومة عدن بأن (348) مخيما يفتقر للخدمات الصحية بنسبة (69%) من إجمالي المخيمات، وأضافت الإحصائية أن (26102) نازح في تلك المخيمات مصابون بأمراض معدية مثل الملاريا والإسهال المائي والأمراض الجلدية.
إضافة إلى المصابين بأمراض مزمنة والبالغ عددهم (26253) نازحا، وكان عدد الذين يعانون من مشاكل صحية في السمع والبصر وعدم القدرة على الحركة أكثر من (56037) بنسبة(14%)، وبينما تضم المخيمات (2879) نازحا من ذوي الإعاقة .
اخترنا لك .. التمريض في اليمن غلاء الأسعار وقلة الأجور