التمريض في اليمن غلاء الأسعار وقلة الأجور

التمريض في اليمن غلاء الأسعار وقلة الأجور
‏  4 دقائق للقراءة        617    كلمة

د/ ياسر عفيف

يعيش العامل في القطاع الصحي ظروفا غاية في الصعوبة والتعقيد نتيجة الوضع الاقتصادي والوظيفي غير المستقر، وهذا ما دفع بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية للقبول بأجور متدنية مقابل ساعات طويلة وضغط عمل عال، ما ساهم في إضعاف بشكل كبير الحماس وروح الرعاية والاهتمام بالمريض كما يجب.

ورغم أن قطاع الخدمات الطبية بشكل عام يقع تحت كابوس الغلاء المعيشي ، إلا أن المتضرر الأكبر في هذا القطاع هو العامل من الكادر الصحي حيث يتراوح الراتب من  100 إلى 200 دولار في الشهر أو ما يعادله بالعملة اليمنية ، وقد يزيد أو ينقص مع بعض الفوارق في المؤسسات العريقة وهذا لا يفي بجميع الالتزامات ولا يغطي احتياج الأسرة الأساسية.

وقد أسهم وضع قطاع الخدمات الطبية الحكومية المتدهور وتوقف المرتبات في تسرب الكثير من العاملين المهرة إلى القطاع الخاص، الذي تعامل مع هذه الفئة بنفس استغلالي كبير، وبدلا من تحسين الخدمات وتخفيض الأسعار حدث العكس، إذ استمرت أسعار الخدمات الطبية في الارتفاع بشكل متسارع ليستفيد منها أصحاب المؤسسات الطبية ويتحمل عواقبها المريض والممرض معاً دون رحمة أو مسؤولية.

قد يهمك .. شلل الأطفال يعود بقوة .. وحملات مضادة للتحصين

يحدث ذلك في الوقت الذي نلاحظ غياب دور النقابات العمالية للعاملين في القطاع الصحي بشكل عام ، وفقدان الدور والمسؤولية في الوقوف إلى جانب الممرض الكادح، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن سبب هذا الغياب وما هي المبررات، وهل في الأمر تعمّد أم انه ناتج عن تكاسل وغياب روح المسؤولية في المطالبة بحقوق هذه الشريحة.

هذا الوضع دفع الكثير من العاملين في قطاع الخدمات الطبية لترك مهنتهم والالتحاق بمجالات عمل أخرى أقل التزاما وأكثر أماناً من حيث فقدان الوظيفة وقلة الضغط النفسي والحصول على التقدير الذاتي، في ظل استمرار معاناة العاملين وفقدان الحقوق، وضعف وغياب الاهتمام من قبل مدراء المؤسسات وضعف الرقابة من الجهات الإشرافية.

وبمناسبة الحديث عن الرقابة .. تعد الجهات الرقابية الحكومية والمدنية من أهم عوامل تحسن قطاعات الخدمة ، وهي معيار التوازن بين المصالح للمؤسسات والعاملين والمرضى معاً، بما يضمن الوصول إلى أفضل خدمة وأكثر استمرارية بعيداً عن المنافسة غير العادلة على حساب طرف من الأطراف الثلاثة، بحيث لا تلعب الجهات الرقابة دور الوصي أو صاحب المنفعة على حساب طرف آخر.

كما ظهرت مؤخرا ثقافة عدم الاكتراث يتبادلها العاملون في القطاع الصحي من جهة وأصحاب المؤسسات الصحية من جهة أخرى أدت إلى زيادة التسرب الوظيفي وانتقال الموظف من جهة إلى أخرى وقبوله بدون معايير تضمن حق الموظف في الترقية والراتب المعقول وحق المؤسسة التي انتقل منها في ضمان التزامه بأخلاقيات المهنة في العمل لدى المؤسسات من إخلاء طرف وشهادة خبرة وتسكين عادل حسب الخبرات لكل عامل ووفق المعايير المتعارف عليها.

ومن أسباب ضعف الولاء الوظيفي عند هذه الشريحة .. فقدان بعض العاملين في القطاع الصحي نسبة كبيرة من التأمين الصحي وحقوق نهاية الخدمة لدى المؤسسات التي خدموها لسنوات وهذا بدوره انعكس على مستوى الأداء والتقصير في حقوق وخدمة المريض بقصد أو بغير قصد.

وأحيانا تقع هذه الشريحة ضحية الصراع الوظيفي داخل المؤسسات الصحية، وهذا ما يؤثر على الحقوق التي قد تضيع بين الإدارة الطبية والإدارات الأخرى المساعدة وأصبح العامل الصحي هو الضحية.

وفي الأخير كل هذه العوامل والأسباب جعلت من العامل في القطاع الصحي ضحية، في ظل عدم الجدية في إيجاد المعالجات الناجعة والحصول على كادر مستقر ومتمكن وقادر على تقديم خدمة منافسة يستفيد منها المريض أولاً والمجتمع بشكل عام في إطار توازن بين احتياجات الوظيفة والالتزامات المهنية تجاه المريض والوفاء من المؤسسات للعاملين الصحيين.

اخترنا لك .. حتى لا يصاب طفلك بالإغماء في المدرسة

 * أخصائي صحة مجتمع – ماجستير إدارة صحية