6 دقائق للقراءة 1161 كلمة
تواجه مهنة تربية النحل وإنتاج العسل في اليمن، تحديات جمة نتيجة آثار الحرب وتداعياتها منذ مارس 2015، أيضا نتيجة تأثيرات تغير المناخ وفقاً لتقارير الأمم المتحدة ، مما أحدث أثرا كبيرا على النحالين وإنتاج العسل في اليمن.
عوافي/ محمد يحيى
يصاحب ذلك رواج لشائعات ومعلومات مبالغ في حقيقتها ودقتها على مواقع التواصل الاجتماعي، مفادها أن هناك عملية غش واسعة يقوم بها التجار اليمنيون بخلطهم العسل اليمني بعسل مستورد، وبيعه للسوق الخارجية على أنه يمني 100% وهذا جعل كثيرا من الدول تقوم بإتلاف كميات كبيرة من العسل.
وفقاً لتقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2022، تعود مهنة تربية النحل وإنتاج العسل في اليمن، إلى القرن العاشر قبل الميلاد؛ وهي مهنة توارثها اليمنيون حتى يومنا هذا، كما تُعد مصدر دخل لآلاف الأسر اليمنية في جميع أنحاء البلاد وعنصراً مؤثراً في الاقتصاد اليمني، حيث تنتج اليمن أكثر من 1,500 طن من العسل سنويا، مما يوفر دخلاً لما يقدر بنحو 100,000 مربي نحل في جميع أنحاء اليمن.
قد يهمك .. لقاحات كوفيد-19 هي الوسيلة الأنجع للقضاء على انتشار الوباء
حلول عاجلة
عبدالجبار الغولي -نحّال ومدير مناحل الجودة للعسل اليمني، الذي يمتلك العديد من المناحل في العديد من المحافظات اليمنية- لاينكر وجود عمليات غش من قبل البعض ممن أسماهم “ضعاف النفوس وعديمي الضمير”، لكنه في الوقت ذاته يقول أن عمليات الغش تلك ليست بحجم الشائعات التي يروجها البعض عن العسل اليمني في وسائل التواصل في فترات زمنية معينة.
ويضيف الغولي في حديث خاص لـ” لعدن الغد” بقوله “لاتزال سمعة العسل اليمني عربيا وعالميا إيجابية، رغم بعض السلبيات التي نراها وهي ما تحتم علينا جميعا كيمنيين ، خصوصا سلطات الدولة الرسمية العمل على تلافيها حفاظا على تلك السمعة والقيمة العظيمة للعسل اليمني لدى الآخرين”.
وعن أبرز الحلول التي يجب القيام بها من قبل السلطات يقول “لابد من تنظيم عملية استيراد العسل الخارجي، لا نقول منع الاستيراد بشكل كلي بل تنظيمه، والاكتفاء بمنع أنواع محددة أهمها منع استيراد عسل السدر والسمر، كون هذه أبرز الأنواع التي يتميز بها العسل اليمني.
وهذا الأمر سيسهم في الحد بشكل كبيرمن عمليات الغش، وخلط الخارجي بالمنتج المحلي، أيضا يجب اعتماد الاستيراد من قبل شركات معتمدة بكميات وعبوات محددة، ولا يجب السماح باستيراد كميات من الأطنان كما نراها من الصين وباكستان دون عمل رقابي دقيق.
خصوصية العسل اليمني
بدوره يعتبر سعيد الحمادي-صاحب محل بيع عسل بصنعاء-شعوب، وهو نحال توارث المهنة عن أسرته- “أن هناك مبالغة في الشائعات التي تفيد بعمليات كبيرة للغش كون ذلك الأمر صعبا، مع تأكيده على وجودها، خصوصا في السنوات الأخيرة .
معللاً تلك الصعوبة بقوله “يعتبر العسل منتجا فريدا ومميزا، ومن أهم ميزاته اللون والطعم والرائحة وهذا ما يجعل كشف العسل المغشوش منه أمرا سهلا جداً، من خلال الرائحة واللون والطعم، ليس فقط على المتخصصين بل على أي مستهلك يكون قد جربه ولو لمرة واحدة”.
ويضيف الحمادي في حديث خاص “لعدن الغد” “لا يعفي ذلك وجود أناس عديمي الضمير يقومون بالغش وخلط العسل اليمني بعسل خارجي أقل جودة وسعراً، وهذا الأمر يجب على سلطات الدولة أن تضع له حداً وأن تعاقب من يثبت عليه ذلك كون هذه جريمة لا يجب السكوت عنها”.
على الصعيد الرسمي كانت وزارة الزراعة بحكومة صنعاء، قد دشنت العام الماضي فعاليات ومعرض المهرجان الوطني الأول للعسل اليمني سعياً منها للترويج للعسل، وتوجهاً لحمايته من الغش، والإسهام في تسويقه عالمياً ، على هامش المؤتمر كشف نائب وزير الزراعة والري الدكتور رضوان الرباعي -في تصريح خاص لوكالة سبأ الرسمية- عن ما أسماها استراتيجية وطنية لتنمية إنتاجية العسل وتربية النحل في اليمن يجري العمل على إعدادها.
و تعمل هذه الاستراتيجية على رفع إنتاجية العسل والتقليل من فاتورة الاستيراد من العسل الخارجي، وتقوم بحل كثير من الصعوبات المرتبطة بهذا القطاع أهمها زيادة عدد الخلايا المنتجة ومنع الاحتطاب الجائر، وإنشاء مختبرات التحليل للعسل.
جهود أممية لتعزيز إنتاج العسل
في إطار دعم الفئات السكانية الهشة في اليمن، والأهمية التي تشير إليها كافة المنظمات الدولية العاملة للعسل اليمني، وضرورة الاهتمام به كقطاع اقتصادي محلي مهم، يتم تنفيذ العديد من المشاريع الهادفة لتعزيز إنتاج العسل، وللتوعية وتقديم العديد من التقنيات، كان آخرها مشروع مدته ثلاث سنوات لتعزيز إنتاج العسل نفذته العام الماضي منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في سبع من أكثر المحافظات التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في البلاد، وهي أبين والحديدة وحجة ولحج وصعدة وشبوة وتعز، وقدمت الفاو تدريبات ومعدات لمربيي النحل وعلمتهم كيفية إنتاج العسل بكفاءة أكبر.
إقرأ أيضاً..صادرات اليمن من العسل
بالمقابل حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر -في تقرير أصدرته يونيو 2022- من التأثر الكبير الذي يشهده اليمن نتيجة النزاعات أولا ووجود أكثر من مليون لغم أرضي وعبوة ناسفة منتشرة في جميع أنحاء البلاد حسب إحصائيات التقرير، أيضا التأثر نتيجة التغيرات التي طرأت على البيئة، بشكل خاص على قطاع النحالين وإنتاج العسل، حيث أدت التغيرات المناخية إلى ارتفاع درجات الحرارة في السنوات الأخيرة، وانخفاض معدل هطول الأمطار وزيادة التصحر ما يؤدي إلى اضطراب النظام الإيكولوجي للنحل الذي يؤثر على عملية التلقيح.
حجم الإنتاج والتداول
الجدير بالذكر أن ما تنتجه اليمن من العسل، حسب كتاب الإحصاء الزراعي للعام 2020 “إحصائية رسمية” يبلغ – 2.822.683 كيلوجراما ، فيما يبلغ عدد خلايا النحل 1.291.752 خلية، حيث تصل نسبة خلايا النحل البلدي نحو 96% من إجمالي عدد الخلايا، فيما تشكل خلايا النحل الحديثة نسبة 4% من إجمالي عدد الخلايا.
كما يُقدر مدير الحملات في الإدارة العامة لوقاية النبات بوزارة الزراعة في صنعاء، المهندس علي محرز، -في تصريح سابق ضمن تقرير نشره معهد كارينغي- “أن حجم التداول لسوق العسل اليمني يقدر بنحو 500 مليون دولار سنوياً، ويضيف محرز إنه من المتوقع أن يشهد هذا الرقم تراجعا يصل إلى 30 في المائة جراء الحرب، وبسبب الفيضانات والسيول التي جرفت الآلاف من خلايا النحل، وأشار إلى أن هناك آلاف النحالين تكبدوا خسائر فادحة.
و يُصنَّف العسل اليمني كواحد من أغلى وأجواد أنواع العسل على مستوى العالم، لما يحتوي من قيمة غذائية كبيرة، وباعتباره علاجاً للكثير من الأمراض حسب كثير من الدراسات، كونه يُنتج بطريقة عضوية، حيث لا يقل سعر الكيلو الصافي من العسل المُنتج من أشجار السدر عن 75 دولاراً أمريكياً داخل اليمن، بينما يُباع الكيلو الواحد منه خارج اليمن بمبلغ قد يصل لـ 500 دولار أمريكي.
أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “عدن الغد”.