6 دقائق للقراءة 1123 كلمة
عوافي/ دعاء المطري
الطفل الصنعاني ضحية والده الذي منحه فرصة التجربة الأولى لمضغ القات؛ أصبح جسم الطفل علي الصنعاني (10 أعوام) هزيلا، عدواني الطباع سريع الانفعال، بالكاد يلتقط أنفاسه كلما حاول أن يلعب مع أقرانه في الحارة كرة قدم أو حتى يصعد سلالم المدرسة،
يشعر والد الصنعاني بالذنب فهو الذي عود طفله على مضغ القات يوميا ، يقول لمنصة عوافي “كان الهدف أن يظل بجاني يساعدني في البقالة، ولم أكن أتوقع أن يصل إلى هذا الوضع، ونكمل قول الوالد لقد أصبح عنيداً ويرفض الذهاب الى المدرسة.
تراجع وزن الطفل علي منذ أن بدأ مضغ القات وهو في السابعة من العمر وأصبح هزيلا مقارنة بأقرانه، فبحسب أخصائي الأطفال بمستشفى الجمهوري الدكتور محمد الصبري، غالبا ما يصاب الأطفال الذين يدمنون مضغ القات بفقدان الشهية والإمساك ليصبح هزيل البنية إلى جانب شحوب الوجه وفقر الدم وكذلك التخلف في النمو الطبيعي “قصر القامة أو التقزم”
وصف الصبري أضرار القات على الأطفال بأنها “كثيرة ومخيفة”. إذ يعاني الأطفال الذين يتعاطون القات مبكراً من تقرحات الفم واللثة وجفاف الشفتين وتشققهما وتقرحات في المريء والمعدة وكذلك في الأمعاء،
كما أشار إلى أن المبيدات المستخدمة في زراعة القات قد تسبب للأطفال بأمراض الجهاز الهضمي وأمراض الكبد، وقد تؤدي إلى مشاكل في الكلى مبكراً.
من جانب آخر يتأخر الطفل الذي يمضغ القات في التحول من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ مقارنة مع الأطفال غير المستخدمين للقات ، بحسب الصبري الذي أوضح أن مضغ القات يضعف المناعة ويصبح هؤلاء الأطفال عرضة للأمراض المختلفة الشديدة منها والخفيفة كالإصابة بالعدوى بشكل متكرر وتعرضهم للنزلات المعوية من وقت إلى آخر.
لا تنحصر الأضرار الصحية الجسمانية للقات عند هذا الحد، فبحسب ورئيس قسم الأطفال بمستشفى 48 الدكتورة نورا نور الدين، يتسبب مضغ القات عند الأطفال في التهاب اللثة، تفرق الأسنان وتآكلها.
كما قد يصاب الأطفال المعتادون مضغ القات بالغثيان وجفاف الفم، والطفح الجلدي، بحسب تصريح نور الدين لمنصة عوافي ، مؤكدة أن الأسمدة الكيميائية في القات تعرض هؤلاء الأطفال لخطر الإصابة بسرطان اللثة على المدى الطويل.
القات والأجنة
يعاني الجنين قيس وحيد من صعوبة في التنفس بعد ولادة مبكرة ،في الشهر السابع، ما اضطر المستشفى لإبقائه في الحضانة.
بحسب الطبيب المراجع أن وحيد لم يكن يحصل على الغذاء بشكل مناسب في رحم والدته ولذلك ولدته مبكرا بوزن أقل من الطبيعي مرجحا أن يكون إدمان والدته على مضغ القات أحد أهم الأسباب.
اتفق الصبري ونورا نور الدين أن تأثير القات يظهر على الأطفال في فترة الحمل خصوصاً حين يمضغن الأمهات القات باستمرار ما يعرضهن للولادة المبكرة ، وغالبا يعاني المولود من نقص الوزن وصعوبة في التنفس ما يستدعي وضع الجنين في الحضانات.
إدمان الأمهات على القات يعرض الأجنة أيضا إلى مخاطر الإصابة بعيوب خلقية وفقر دم مبكر، وفقا للصبري الذي أوصى بضرورة امتناع الأمهات أثناء الحمل عن مضغ القات.
وقال “من الأفضل للآباء والامهات الإقلاع عن مضغ القات بشكل نهائي حفاظا على صحتهم وصحة أطفالهم”.
اضطرابات نفسية مبكرة
حصل الطفل أسامة الوصابي ،14عاما، على علامات متدنية في النصف الأول من الصف السابع لهذا العام الدراسي بعد أن كان يحرز واحدا من المراكز الثلاثة الأولى منذ التحاقه بالمدرسة، ما دفع الأخصائي الاجتماعي في مدرسته عمر جارالله للبحث عن الأسباب.
يقول جارالله -الذي روى القصة لمنصة عوافي- “لقد لاحظ المعلمون بأن أسامة أصبح كثير الشرود وضعيف التركيز والاستيعاب للدروس، وبعد التواصل مع عائلته اتضح أنه أصبح يمضغ القات بشكل يومي منذ ستة أشهر تقريبا”.
علامات الطالب جارالله المتردية وتواصل المختص الاجتماعي دفع عائلة الوصابي إلى منعه عن ممارسة هذه العادة بالتدريج رغم أنه أصبح أكثر عصبية إلا أنه مع مرور الايام تخلص تماما من القات وعاد إلى طبيعته.
اشترك الآن في قناة عوافي على اليوتيوب
عصبية الوصابي وشروده الذهني وضعف تركيزه من النتائج النفسية لمضغ القات، إذ تؤكد رئيسة الوحدة النفسية بمستشفى الرسالة الأخصائية منيرة النمر أن أضرار مضغ القات النفسية كثيرة منها مشاعر القلق، العصبية، عدم التركيز وتغيير سلوك الطفل العام حيث يبدأ تأثير القات في أولى ساعات مضغه فيشعر المتعاطي بنوع من النشوة والنشاط ثم انخفاض متدرج للمزاج، ويصاب الأطفال بالخمول والإرهاق.
وقالت لمنصة عوافي بأن مضغ القات يؤدي إلى فقدان الشهية، الإرهاق، الأحلام المزعجة، قلة النوم، الخمول مع صعوبة في الاستيقاظ والذهاب إلى المدرسة، مشيرة إلى أن هناك علاقة عكسية بين تأثير القات وسن الأطفال فكلما كان الطفل أصغر كان الضرر أكبر.
إبعاد الأطفال عن مجالس القات
وفي هذا السياق توضح أخصائية تربية الأطفال هدى الزبيري أن المواد الموجودة في القات والتي تصنف كمواد مخدرة ذات تأثير أقوى على الأطفال، مضيفة -في تصريح لمنصة عوافي- بأن هؤلاء الأطفال دائما ما يعانون من اليقظة، الأرق ، الهذيان ، الشك، الأوهام، والاكتئاب.
وأشارت إلى أن أكثر فئة متضررة هي ما دون العاشرة من العمر وذلك بسبب قوة أثر المواد على أجسامهم ووصولهم إلى الإدمان وظهور الأعراض بشكل أسرع.
وتحمّل الزبيري البيئة المحيطة بالطفل وأولياء الأمور بشكل خاص مسؤولية اعتياد أطفالهم على مضغ القات، حيث يشجع الكثير من الآباء أطفالهم على هذه العادة وتوفير القات لهم، حد وصفها.
الزبير تعتقد أن رفع وعي العائلة بمخاطر القات على الأطفال هو الطريق الأسلم للحد من هذه الظاهرة ، داعية إلى توفير خيارات بديلة لشغل وقت فراغ الأطفال كإلحاقهم بالنوادي الرياضية والمعاهد التعليمية ، وبحسب الزبير يظل الأهم هو إبعادهم عن مجالس القات ومنع حصولهم على هذه الشجرة.
إحصائيات مقلقة وجهود توعوية
ارتفعت نسبة الأطفال الذين أصبحوا يمارسون عادة مضغ القات بشكل يومي خلال السنوات الأخيرة، وفقا للمسؤول الإعلامي في مؤسسة النجاة للتوعية بأضرار القات، محمد عبيد، بينما كانت هذه العادة محصورة على الرجال فقط.
ورغم أن مؤسسة النجاة لا تمتلك حتى الآن إحصائيات علمية دقيقة بعدد الأطفال الذين يمضغون القات إلا أن نتائج إحدى الدراسات التي أُجريت لصالح البنك الدولي في الآونة الأخيرة أشارت إلى أن 15 إلى 20 % من الأطفال دون سن 12 عاماً يتعاطون القات بشكل يومي، بينما تصل نسبة اليمنيات اللاتي يمضغن القات بشكل متكرر نسبيا 73 %.
وفي تصريح -لمنصة عوافي- أفاد عبيد بأن انتشار مضغ القات في أوساط الأطفال دفع مؤسسة النجاة -منظمة مسستقلة- لتركيز حملاتها التوعوية على طلاب المدارس بالإضافة إلى انش6طة تستهدف توعية الآباء والأمهات بأضرار القات على الأطفال من جميع النواحي الصحية والنفسية والاجتماعية.
أخيراً السؤال الذي يطرح نفسه هل يجب أن يعيش جميع الآباء تجربة والد الطفل علي الصنعاني حتى يكفون عن تشجيع أطفالهم على مضغ القات ويدركون حجم المخاطر الصحية والنفسية على الأطفال وعلى سلامة مستقبلهم؟
اخترنا لك..فوائد ممارسة العلاقة الحميمية بين الزوجين أثناء الحمل