25.2 C
اليمن
Home Featured الوجبة المدرسية ..سبيل لصحة الطلبة وتساعد على استمرار التعليم

الوجبة المدرسية ..سبيل لصحة الطلبة وتساعد على استمرار التعليم

0
الوجبة المدرسية ..سبيل لصحة الطلبة وتساعد على استمرار التعليم
‏  7 دقائق للقراءة        1209    كلمة

عوافي/حاشد مزقر

أصيب الطفل محمد سليم، اسم مستعار، بحالة إغماء أثناء الطابور الصباحي في مدرسة النور بمدينة رحاب، 110كم جنوب صنعاء، وبعد إجراء بعض الفحوصات الطبية تبين بأن الطفل الذي يبلغ عمره 13 عاماً لم يحصل على التغذية المناسبة.

يقول عمّ الطفل، الذي روى القصة لمنصة “عوافي” إن محمد واحد ضمن سبعة أطفال، أربعة منهم يدرسون في المرحلة الأساسية، بالإضافة إلى الأم والأب الذي لا يمتلك دخلاً ثابتاً، وتعتمد الأسرة على ما يحصل عليه والدهم من عمله في السباكة.

وأوضح أن والد الطفل محمد أحياناً لا يحصل على عمل، وتضطر الأسرة لتناول نفس الوجبة الصباحية طوال شهر، وهذا ما يجعل الأطفال يملون ويمتنعون عن تناولها، ويذهبون إلى المدارس دون إفطار.

انعكس تدهور الوضع الاقتصادي في اليمن سلباً، وأضعف قدرة الأسرة اليمنية على توفير المستوى المقبول من التغذية لأطفالها، خاصة من يتلقون تعليمهم في المدارس ويقضون ساعات في المدرسة دون وجبة تساعدهم على الاحتفاظ بحيويتهم وسلامتهم الصحية، وهذا ما دفع منظمات أممية بالشراكة مع جهات محلية لتنفيذ مشروع الوجبة المدرسية في عدد من المحافظات.

وفي هذا السياق يحصل الطفل محمد حزام 10 سنوات، على بسكويت أثناء الدوام المدرسي مقدم من برنامج الغذاء العالمي ويتم توزيعه عبر مشروع التغذية المدرسية التابع لوزارة التربية والتعليم.

لقد أصبحت هذه الوجبة المجانية جزءاً من اليوم الدراسي لـ”حزام” الذي التحق بالمدرسة قبل ثلاثة أعوام، ويقول لمنصة “عوافي”: “أتناول هذا البسكويت كل صباح، بحيث أصبح وجبة خفيفة بالنسبة لي”، ولم يشعر بأن هناك أعراضاً غير طبيعية، حد قوله.

حزام واحد من ضمن أكثر من ألفي طالب في مدرسة المتنبي في العاصمة صنعاء، حكومية، يحصل كل طالب على علبة بسكويت مجاناً بشكل يومي، وقام معد التقرير بالحديث إلى أكثر من عشرة طلاب، من مستويات دراسية مختلفة، والجميع أكدوا حصولهم على حصتهم من البسكويت بشكل دائم منذ ما يقارب أربعة أعوام ولم يشعروا بأي أعراض أو تأثيرات غير طبيعية.

قد يهمك..أمراض الجهاز التنفسي والفروق بينها وبين كوفيد-19

في سياق متصل أكد معلم مادة الإنجليزي، بذات المدرسة محمد الكحلاني، بأنه يتم توزيع البسكويت للطلاب باستمرار، وتتنوع الوجبات الغذائية من حين لآخر، موضحاً بأن هذه الوجبات، بما فيها البسكويت، تعوِّض عن غياب وجبة الفطور التي يعجز الكثير من أولياء أمور الطلاب عن توفيرها بسبب ظروفهم المادية الصعبة الناتجة في الأصل عن الظروف التي تمر بها بلادنا.

وأفاد الكحلاني في حديثه لمنصة “عوافي” أنه وزملاؤه المعلمون في المدرسة، ومن خلال طبيعة عملهم اليومية على مدى أربعة أعوام من توزيع الوجبة المدرسية بما فيها البسكويت، لم يلاحظوا أي تأثيرات غير طبيعية على الطلاب.

وكان ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام محلية قد تناقلت شائعة حول بسكويت توزعه منظمة الغذاء العالمي على طلاب المدارس الحكومية في عدد من المحافظات اليمنية.

وتضمنت الشائعة بأن هذا البسكويت الذي دُوِّن عليه “بسكويت عالي الطاقة” يحتوي على مواد تجعل الطفل يميل لأشياء غريبة، مدعية أن لهذا البسكويت تأثيرات جنسية على الطفل و”تلعب بجيناته”، حد زعم الإشاعة.

الوجبة المدرسية ..سبيل لصحة الطلبة وتساعد على استمرار التعليم

وجبات مدرسية

البسكويت مجرد جزء من الوجبات المدرسية، فبحسب مسؤول التقييم والمتابعة في الإدارة العامة للتغذية المدرسية بوزارة التربية، يحيى صلح، هناك 7 آلاف طالب وطالبة في 11 مدرسة بأمانة العاصمة صنعاء يتلقون يومياً وجبات صحية مطهية مكونة من سندوتشات وفاكهة وخضار، علاوة على البسكويت، والتي ينفذها مشروع التغذية المدرسية والإغاثة الإنسانية بالشراكة مع برنامج الغذاء العالمي وبنك الطعام اليمني ووزارة التربية والتعليم بصنعاء.

وأوضح صلح في حديثه لمنصة “عوافي” أن مشروع الوجبة المدرسية يهدف لدعم الالتحاق بالتعليم والمساهمة في مساعدة الأسر التي لا تستطيع توفير الوجبات المدرسية لأبنائها كل يوم بسبب وضعها المادي الصعب.

وأفاد بأن الوجبة المدرسية، بما فيها البسكويت، تخضع لرقابة سابقة ولاحقة، للتأكد من سلامتها وقدرتها على تحقيق الفائدة التغذوية للطلاب. وأضاف أنه سبق التأكد من خلو البسكويت من أي مواد قد تترك أي تأثير غير طبيعي على الأطفال.

نتائج الفحص تدحض الشائعات

انتشار الشائعة وتناقلها بشكل واسع في اليمن دفع مشروع التغذية المدرسية لاتخاذ بعض الإجراءات حرصاً على سلامة وصحة الوجبة، وفقاً لحديث مدير مشروع التغذية المدرسية بصنعاء حمود الأخرم، الذي أفاد بأنهم طلبوا من الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة فحص عينة من البسكويت.

وأثبت تقرير الفحص الصادر من هيئة المواصفات والمقاييس، فرع أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، بتاريخ 17 أغسطس 2022م بأن عينة الفحص مطابقة للمواصفات والمقاييس المعتمدة الخاصة بالمنتج وفقاً لنتائج الاختبارات، وهذا يثبت أنها مجرد شائعة لا أكثر.

اقرأ أيضاً..“وباء المعلومات” تسبب في تدني إقبال اليمنيين على لقاح كوفيد-19

وبحسب حديث الأخرم فإن الوجبة المدرسية ساهمت بشكل كبير في الحفاظ على استمرار الكثير من الطلاب في الذهاب إلى مدارسهم، والحد من التسرب، مشيراً إلى أن الوجبة المدرسية توقفت قبل عامين في إحدى المديريات النائية فكانت النتيجة انقطاع ما يقارب 50% من الطلاب، وبعد عودة صرف الوجبة عاد الكثير منهم إلى مقاعدهم الدراسية.

من جانبه أكد رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك، فضل مقبل منصور، أن الجمعية تواصلت مع الشركة المستوردة للاستفسار عن البسكويت، وتبين أن هذا المنتج مستورد وهو منتج حلال، وأضاف في حديثه لمنصة “عوافي” بأنهم حصلوا على تقرير فحص المنتج من قبل الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة الذي أكد مطابقة المنتج للمواصفات المعتمدة.

سوء التغذية

نبَّه أستاذ علوم الأغذية المساعد بجامعة إب، الدكتور محمد السباعي، إلى ضرورة حصول طلاب المدارس على وجبة خفيفة أثناء الساعات التي يقضونها في المدرسة، لضمان حصول الجسم على ما يحتاجه من الفيتامينات والمعادن وقدر كافٍ من البروتين.

وأوضح السباعي في حديثه لمنصة “عوافي” أن تدني الوضع الاقتصادي نتيجة الصراع في اليمن جعل بعض الأسر غير قادرة على توفير الغذاء المناسب للأطفال، وهذا ما جعلهم عرضة للعديد من الأمراض، خاصة طلاب المرحلة الأساسية، ومن هذه الأمراض سوء التغذية، مثل انخفاض الوزن، وكذلك قصر في أطوال الأطفال مقارنة مع بقية الأطفال بنفس العمر.

وأضاف: قد يتعرضون للإصابة بفقر الدم مما يؤدي إلى الإحساس السريع بالتعب والإجهاد، وهذا بدوره يؤثر على المستوى التعليمي للطلاب مقارنة مع بقية زملائهم ممن يتلقون تغذية كاملة.

ويعاني ما يقارب من 2.3 مليون طفل يمني من سوء التغذية الحاد، بينما 400 ألف “معرضون لخطر الموت الوشيك”، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة اليونيسف، مفيداً بأن مليوني طفل في اليمن لا يذهبون إلى المدارس.

وقالت المنظمة الأممية إن الصراع في اليمن تسبب في تدهور الوضع الإنساني وأصبح ما يقارب 21 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية من أجل البقاء على قيد الحياة، من بينهم 11.3 مليون طفل.. كما أن أكثر من 10 ملايين طفل وما يقارب من 5 ملايين امرأة لا يستطيعون الحصول على الخدمات الأساسية، من بينها التعليم.

أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “المشاهد”