5 دقائق للقراءة 942 كلمة
أربعون عاما مرت من عمر الخمسيني محمد عبدالرحمن وما يزال يتذكر تفاصيل أسبوع الحزن الذي عاشته عائلته إثر وفاة ثلاثة أطفال تباعا بسبب مرض الحصبة وما خلفه تفشي المرض من مآسٍ.
عوافي/عمران مصباح
يقول عبدالرحمن من أبناء مدينة تعز وسط اليمن “كنت في الثالثة عشر من العمر عندما توفي أخواي التوأم وبنت عمتي خلال أسبوع بعد إصابتهم بالحصبة ولم تكن حينها اللقاحات متوفرة في منطقتنا التي عاشت حالة رعب حقيقية بسبب انتشار العدوى بسرعة كبيرة”.
رسوخ تلك التفاصيل المحزنة في ذاكرة عبدالرحمن جعلته اكثر حرصا على تطعيم أطفاله سواء من خلال اللقاحات الروتينية أو حملات التطعيم التي تنفذها الجهات المختصة بين حين وآخر، موضحا في حديثه لمنصة “يمن فيوتشر” أنه يحرص دائما على دفع الأهالي لتطعيم أطفالهم.
وقال “لا يشعر بأهمية اللقاحات إلا من خسر أقرباء له بسبب الحصبة”
وتشهد اليمن في السنوات الأخيرة تفشيا سريعا لمرض الحصبة تسبب في وفاة الكثير من الأطفال في ظل انتشار شائعات تروج بأن اللقاحات تتسبب في ضعف المناعة والعقم لدى الأطفال.
قد يهمك..أدوية وعلاجات الأمراض المزمنة في اليمن 8 سنوات من المنع وتهديد حياه اليمنيين
وبحسب إعلان وزارة الصحة و السكان في صنعاء – خلال مؤتمر صحفي عقدته نهاية شهر مارس الماضي – تم تسجيل أكثر من 22 ألف حالة اصابة بالحصبة خلال العام الماضي 2022، بينما تجاوز عدد الوفيات بالمرض مائة حالة.
وكانت منظمة الصحة العالمية، أعلنت في وقت سابق من شهر مارس الماضي تفشي الحصبة وشلل الأطفال في اليمن الذي يشهد حرباً منذ ثماني سنوات.
وقالت المنظمة الأممية “يشهد اليمن الآن تفشياً للحصبة وشلل الأطفال” مشيرة إلى أن أكثر من 80 بالمائة من الأطفال الذين يعانون من الحصبة لم يحصلوا على اللقاح.
مأمونية اللقاح وأهميته
منذ حصل أبناء عبدالرحمن الأربعة على لقاح الحصبة لم يحدث أن تعرضوا للإصابة بهذا الفيروس، كما عزز عدم إصابة أي طفل في منطقته ممن حصلوا على اللقاح شعوره بالأمان وفاعلية اللقاحات، حد قوله.
وفي هذا السياق يؤكد الدكتور حمزة الكبسي، وهو طبيب مقيم في مستشفى الثورة بمدينة تعز وسط اليمن، أن لقاح الحصبة فعال، وآمن، ويحمي الأطفال من الإصابة بهذا الفيروس، محذرا من ان مضاعفات الحصبة قد تكون “قاتلة”.
ويصف الدكتور الكبسي-الذي عمل سابقا لصالح منظمة الصحة في اليمن- لقاح الحصبة بأنه فعال جدا، حيث تصل فاعليته إلى نحو 97% تقريباً في حماية الفرد الذي يحصل عليه”.
وشدد على أهمية حصول الأطفال على اللقاح لمكافحة انتشار عدوى الحصبة باعتبار نسبة انتقال العدوى من المصاب بالحصبة إلى الأشخاص المجاورين له قد تصل إلى 90% .
تفاوت الاستجابة للقاح
يحدث أن تتفاوت نسبة الاستجابة للقاح من شخص إلى آخر أو رفض الاستجابة وهنا يوضح الدكتور الكبسي، أن جميع أجسام الأطفال تتعامل مع اللقاح بنفس الآلية باستثناء الأشخاص الذين يعانون من أمراض متعلقة بالمناعة.
وأرجع عدم استجابة البعض للقاح إلى حدوث إما خطأ ما أثناء التلقيح، أو عدم أمتلاك المختص الخبرة اللازمة في طريقة إعطاء اللقاح، بالإضافة إلى احتمالية أن تكون اللقاحات تعرضت لظروف غير سليمة اثناء التخزين أو أن تكون منتهية الصلاحية، مبيناً بأن عدم الاستجابة تمثل نسبة ضئيلة جدا.
وخلال فترة عمل الكبسي لم يحدث أن وصلت إليه حالة مصابة بالحصبة ممن سبق وحصلوا على اللقاحات، موضحا “ان حدث ذلك فالسبب انخفاض نسبة الأجسام المضادة التي تكونت نتيجة التلقيح”.
منهجية التطعيم
عن منهجية التطعيم في حماية الفرد من الوقوع ضحية للأمراض، والفيروسات، يقول رئيس قسم الأنسجة، وعلم الخلية في كلية الطب، جامعة تعز، الدكتور فؤاد اليوسفي بإن “اللقاح وسيلة بسيطة، وفعالة لحماية الأشخاص من الضرر قبل الوقوع به.”
ووفقا لحديث اليوسفي لمنصة” يمن فيوتشر” يعمل التطعيم على تنشيط وسائل الدفاع الطبيعية في الجسم لبناء القدرة على مقاومة أمراض محددة، فضلاً عن تقويته للجهاز المناعي، مبيناً بأن اللقاح عبارة عن فيروس حي متحور؛ أي أن المادة الجينية للفيروس موجودة، لكن، من دون الفعالية المسببة للمرض.
وأفاد بأن أجسام الأطفال الذين يتلقون لقاح الحصبة تستجيب للقاح بشكل فوري، ويظل مفعول اللقاح لفترة طويلة ثم تبدأ نسبة الأجسام المضادة تنخفض، مشيرا إلى احتمالية تعرض الطفل مستقبلا للإصابة، لكن، غير أن استمرار إعطاء اللقاحات للأطفال بشكل دوري يشكل حماية جماعية للمجتمع.
اقرأ أيضاً..سلامة ومأمونية دم الحاصلين على لقاح كوفيد-19
أعراض طبيعية
يبدي البعض قلقهم حول الأعراض التي تظهر على الأطفال بعد أخذ اللقاحات مثل الحمى والطفح والتحسس، وهنا يؤكد الدكتور فؤاد اليوسفي ،وهو متخصص بعلم الأمراض، أن هذه الأعراض طبيعية وغير مقلقة إطلاقا.
وقال “يجب أن يحصل كل الناس على اللقاحات، وفي أي عمر، لكن، يفضل أن يعطى للأطفال في سن 8-12 شهرا، لأنهم أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من العدوى لعدم اكتمال تطور الجهاز المناعي لديهم”.
من جانبه نوه الدكتور حمزة الكبسي إلى ضرورة أن يحصل الجميع على اللقاح في مرحلة الطفولة وفي حالة كان هناك منطقة موبوءة يمكن أن يعطى اللقاح أيضا للأشخاص البالغين.
يجب الحرص على أن يحصل الجميع على اللقاحات من اجل سلامة المجتمع وحتى لا تتكرر مأساة عائلة محمد عبدالرحمن في مناطق أخرى من اليمن.
أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “يمن فيوتشر”