22.1 C
اليمن
Home Featured “وباء المعلومات” تسبب في تدني إقبال اليمنيين على لقاح كوفيد-19

“وباء المعلومات” تسبب في تدني إقبال اليمنيين على لقاح كوفيد-19

0
“وباء المعلومات” تسبب في تدني إقبال اليمنيين على لقاح كوفيد-19
‏  7 دقائق للقراءة        1205    كلمة

نجيب علي العصار

كثافة الشائعات التي تعرض لها الثلاثيني مازن أحمد حول مخاطر لقاح كوفيد-19 على الصحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض وسائل الإعلام، دفعته للامتناع عن الذهاب إلى مركز التطعيم في مدينة تعز وسط اليمن.

يقول مازن في حديثه لـ”المواطن”: “رغم إصابتي بالفيروس، بداية وصول الجائحة إلى اليمن وتحديداً في شهر إبريل للعام 2020م، إلا أن الشائعات حول الأعراض، خاصة تلك التي روجت بأن اللقاح يسبب الجلطة جعلتني أشعر بالخوف والتردد في أخذ اللقاح حتى الآن”.

ورصد معد التقرير مجموعة من الشائعات التي انتشرت في اليمن منذ وصول أول دفعة من اللقاحات، أواخر مارس 2021م، أبرزها أن اللقاح يؤدي إلى العقم والجلطات، وأن التطعيم باللقاح أيضاً قد يولد طاقة كهربائية بالجسم، وأن التطعيم ضد كوفيد-19 جزء من المؤامرة الغربية التي تستهدف الأمة.

وساهمت الشائعات بشكل كبير في امتناع البعض عن الحصول على اللقاح، خاصة في ظل ضعف الرسالة التوعوية عن سلامة ومأمونية اللقاح في اليمن، لكن في المقابل هناك الكثير ممن سعوا للحصول على اللقاح، بعضهم كان يعرض المال مقابل اللقاح، منهم الأربعيني أحمد الصالحي الذي يقيم في العاصمة صنعاء.

يقول الصالحي إنه تعرض لكمٍّ كبير من الشائعات حول مخاطر لقاح كوفيد-19، لكن ذلك لم يغير قناعته حول أهمية اللقاح، مفيداً في تصريح لـ”المواطن”، أنه كان يتمنى الحصول على اللقاح حتى لو اضطر لدفع مبلغ مالي مقابل ذلك.

قد يهمك..الإستخدام العشوائي للمبيدات الزراعية ومخاطره على صحة البيئة والمجتمع

وذكر أن بعضاً ممن كانوا يتساءلون عن موعد وصول اللقاح إلى اليمن تراجعوا عن التطعيم بعد وصول اللقاح بسبب الشائعات التي انتشرت بشكل كبير: “نفتح الواتس نجد شائعات تحذر من اللقاح.. نفتح الفيس نجد شائعات، نفتح مواقع صحفية، تويتر، وحتى رسائل في الإيميل تحذر من اللقاح”.

رغم مرور عامين منذ حصل الصالحي على اللقاح لم يحدث له أو لأحد ممن تطعموا ضد الفيروس من معارفه، أيٌّ من تلك المخاطر التي روجت لها الشائعات، حد قوله.

وساهمت الشائعات في تدني نسبة الإقبال على مراكز التطعيم، لتسجل اليمن الآن واحدةً من أدنى نسب التلقيح في العالم، إذ لم يتجاوز عدد الملقَّحين فيها 864544 ملقحاً حتى الآن، أي قرابة 2% من السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة، وهو أدنى رقم في منطقة شرق البحر المتوسط (EMRO)، حسب آخر إحصائية صادرة عن منظمة الصحة العالمية، أواخر أغسطس/ آب الماضي من العام 2022م.

عوامل عديدة بين الثقة والسلامة

وصف رئيس قسم الطب البشري بكلية الطب والعلوم الصحية، جامعة الجيل الجديد، الدكتور رضوان النجار، انتشار الشائعات حول لقاح كوفيد-19 بأنه أحدث فوضى وكان تأثيره السلبي حاداً في رفع التوتر وزيادة القلق.

ويؤكد الدكتور النجار في حديثه لـ”المواطن” أن الشائعات استغلت عدة عوامل، منها اجتماعية وثقافية وسياسية، لكن معظم الشائعات ركزت على التشكيك في سلامة اللقاح وفاعليته، والخوف من المضاعفات السلبية المحتملة، عدم الثقة في مصنعي اللقاح، بعض التجارب السابقة، ونظام الرعاية الصحية الذي يوعز للأفراد الامتناع عن أخذ اللقاح.

وأضاف: من ضمن العوامل التي ساهمت في ارتفاع تأثير الشائعات في اليمن المفاهيم الخاطئة حول الحاجة إلى التطعيم، ونقص المعرفة والفهم للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، مؤكداً أن المعلومات المضللة والإشاعات تؤدي إلى تردد الناس بشأن أخذ اللقاحات، وبالتالي قد تعرض الصحة العامة للخطر.

طرق مبتكرة للمواجهة

وفي السياق ذاته ترى الطبيبة أميرة زين بافضل، الحاصلة على منحة منظمة الصحة العالمية لدراسة الماجستير في البحوث الصحية التنفيذية، أن الشائعات المضخّمة لعبت دوراً لا يستهان به في إحجام الناس، حتى الراغبين منهم، عن التوجه إلى مراكز التلقيح في اليمن.

وقالت في ندوة عبر الإنترنت، 18 فبراير/ شباط الجاري، نظمها المركز اليمني للسياسات، حول تأثير الشائعات على أخذ التطعيم في اليمن، إن الشائعات التي انتشرت مثل “تسبب لقاح كوفيد-19 بالموت وبالعقم أو الترويج بأن الفايروس لا يعدو كونه أنفلونزا عاديةً، بالإضافة إلى شائعات حول عدم تخزين اللقاحات وفق الشروط المطلوبة، وإبرة الرحمة” ساهمت بشكل كبير في تدني إقبال المواطنين على مراكز التطعيم.

“وباء المعلومات” تسبب في تدني إقبال اليمنيين على لقاح كوفيد-19

وتقترح منى بافضل، ابتكار طرق توعوية وأساليب جديدة لإيصال الرسالة الصحيحة للناس، تتضمن إشراك المجتمع في عملية التوعية حول أهمية اللقاحات، وأن تخلق وزارة الصحة والسكان علاقة وثيقة مع المجتمع يمكن أن تستخدمها مستقبلاً في التوضيح بأهمية ومأمونية اللقاحات والحد من تأثير الشائعات.

ودعت بافضل الأطـباء ورجال الدين والإعلاميين إلى الإسهام الفعال في التوعية بأهمية تلقي اللقاحات ودحض الشائعات والشبهات علمياً، والرد على تلك الشائعات التي تنشر في “السوشال ميديا”، مما يساعد على تعزيز المستوى المناعي للمجتمع.

بيئة خصبة لشائعات أخرى

الفضاء الذي أوجدته الشائعات التي استهدفت لقاح كوفيد-19 في اليمن خلق شائعات جديدة استهدفت اللقاحات وعمليات التحصين ضد الأمراض المختلفة، بما فيها اللقاحات التقليدية للمواليد.

وفي هذا السياق، أبدى الدكتور علي العمار، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة صنعاء، استغرابه من نشر العديد من الشائعات عن مخاطر اللقاحات والتحصين ضد الأمراض المختلفة، مشيراً إلى أن البعض وصل به الأمر إلى درجة تحريم اللقاحات.

اقرأ أيضاً..عقولٌ لم تُلقّح… ففسد تفكيرها!

وطالب في تصريح لـ”المواطن” وزارة الصحة والجهات المسؤولة بتفعيل الجانب التوعوي، خاصة في ما يتعلق بالرد والتوضيح العلمي على مثل هذه الشائعات، مشيراً إلى أن اليمن كانت قد حققت نجاحات في القضاء على بعض الأمراض المعدية، نتيجة التزامها بالتحصين ضد العديد من الأمراض والأوبئة، منها مرض شلل الأطفال والحصبة.

وفي إشارة إلى مأمونية اللقاحات قال العمار: “لن تقدم منظمة الصحة العالمية على طرح أي لقاح إلى عامة الناس في بلدان العالم أجمع إلاّ بعد تجريبه والتأكد من فاعليته وسلامته على صحة الإنسان”.

هلع وقلق بسبب “وباء المعلومات”

انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة أدى إلى انتشار الهلع والقلق بوتيرةٍ أعلى من انتشار الفايروس نفسه، وفق تصريح مسؤولة منصّات التواصل الاجتماعي في منظمة الصحة العالمية، كما تطرق تقرير لمنظمة الصحة بتاريخ 2 فبراير/ شباط من العام الجاري لهذه الظاهرة، مشيراً إلى أن تفشّي كوفيد-19 في نهاية عام 2019م صحب معه كمّاً ضخماً من المعلومات غير المسبوقة، بعضها دقيق وصحيح وبعضها زائف.

انتشار الشائعات وما تتركه ما آثار سلبية على المجتمعات دفع بعض الهيئات والمنظمات إلى تسخير فريق متخصص لمواجهة هذه المشكلة التي تصفها بأنها وبائية، أو “وباء المعلومات”، والذي تعرفه المنظمة بأنه صعوبة قدرة الأفراد للوصول إلى المصادر الموثوقة والإرشادات ذات المصداقية عند الحاجة، وتؤدي هذه الظاهرة إلى سهولة وسرعة انتشار المعلومات المزيفة والمضللة، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وخلافًا لمنافذ الأخبار التقليدية، تسمح وسائل التواصل الاجتماعي بمشاركة المعلومات بسهولة، كما يسهل من على منصات وسائل التواصل الاجتماعي ترويج أنصاف الحقائق والتلميحات والإشاعات، خاصة أن نسبة عالية من المواطنين يستقون الأخبار منها.

أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “المواطن نت”