4 دقائق للقراءة 783 كلمة
د. محمد راوح*
يتعاطى غالبية اليمنيين أغصان شجرة القات في جلسات جماعية أو فردية تمتد في الغالب من أربع إلى ست ساعات يومياً، كما أن بعضهم يتناوله لساعات طويلة وفي فترات مختلفة.
يترتب عن مضغ وتناول القات أضرار صحية وبيئية، ناهيك عن الأضرار الجسيمة الناجمة عن استخدام مبيدات كيميائية خطيرة وبصورة عشوائية على شجرة القات لغرض زيادة الإنتاج ومكافحة الآفات والأمراض.
فقد تبين من خلال التقارير الطبية التأثير الضار لتناول القات على صحة الجهاز الهضمي والدوري والبولي والتناسلي إضافة إلى الجهاز العصبي.
قد يهمك..عودة مقلقة.. ارتفاع أعداد ضحايا الجدري في اليمن
أما المبيدات الزراعية فهناك مئات من المواد الفعالة الكيميائية تدخل البلاد بصفة رسمية وبكميات كبيرة تقدر بملايين اللترات سنوياً، كما تحتوي الكثير من هذه المبيدات على أكثر من مادة فعالة، وللأسف الشديد تدخل البلاد بصورة غير شرعية عن طريق التهريب أنواع كثيرة وبكميات كبيرة من المبيدات المحرمة والمحظور استخدامها والقليل من هذه المبيدات ما يتم ضبطها ومصادرتها من الجهات الرسمية، بينما الكميات الكبيرة فيتم ادخالها وتسويقها لتصل بدورها إلى المزارعين حيث يتم استخدمها على المحاصيل وبخاصة شجرة القات.
تستخدم أغلب هذه الكميات المهولة من المبيدات سواء التي دخلت بصفة رسمية أو مهربة في رش شجرة القات حيث قدرت بنسبة تزيد عن 70% من إجمالي المبيدات التي تدخل للبلاد.
كما تجدر الإشارة إلى أن الكثير من هذه المبيدات ليس لها علاقة بمكافحة الآفات وإنما هي عبارة عن مركبات تحتوي على محفزات أو هرمونات تعمل على زيادة نمو شجرة القات بصورة غير طبيعية حيث يتم قطف أغصان القات مرات عديدة خلال الموسم بما يخالف الحالة الطبيعية لنمو النبات، مما يؤكد إحتواء هذه المبيدات على مركبات كيميائية إضافية خطيرة على الصحة.
ومما يزيد الطين بلة أن هذه المبيدات تستخدم بطرق عشوائية سواءً كان عن طريق استخدام تركيزات عالية من هذه المركبات أو بخلط عدة أنواع من هذه المبيدات التي يكون الغالب منها يحتوي على أكثر من مادة فعالة واحدة والتي قد تكون محرمة، هذا الخلط قد ينتج عنه مواد جديدة شديدة الخطورة، بالتأكيد هذه المركبات المتعددة ونواتج خلطها إضافة إلى تركيزاتها العالية لها تأثيرات سلبية خطيرة على صحة الإنسان والحيوان والبيئة، علاوة على أن استخدام هذه المبيدات على القات ينجم عنه مخاطر أكثر عن غيره من المحاصيل، حيث ترش المبيدات على الأوراق والأغصان التي تؤكل مباشرةً، كما أن مزارعي القات يقومون برش المبيدات على أشجار القات عدة مرات إضافة إلى قصر المدة من وقت الرش إلى القطف والتي قد لا تتجاوز الساعات، كما أن البعض يقوم برش القات المقطوف أثناء نقله للسوق ليكسب القات رونقاً ولمعاناً.
تؤكد الدراسات والتحاليل أن متبقيات المبيدات الموجودة في أوراق وأغصان القات تكون بنسب كبيرة عن غيرها من المحاصيل، خاصة مع الممارسات الخاطئة لاستخدام المبيدات، ولا يمكن التخلص منها مهما تم غسل القات لوجود هذه المركبات السامة في العصارة النباتية للأوراق والأغصان، وتعد هذه السموم الكيميائية سبباً رئيسياً للإصابة بأورام سرطانية.
اقرأ أيضاً..آباء وأمهات يمنيون يفندون الشائعات المتعلقة بلقاحات الأطفال
وقد سجل مركز الأورام في العام الماضي 2022م عدد 6789 حالة سرطان جديدة، تساهم تلك المبيدات في حدوث أورام سرطانية خاصةً في الفم الذي سجل نسبة 4.7% بين حالات البالغين، البلعوم 4.1%، الكبد 3.7%، المعدة، الأثنى عشر، الأمعاء الدقيقة، المستقيم، الغدة الدرقية، والكليتين والمثانة، أورام الأثنى عشر والدم (اللوكيميا) والجلد، كما تؤدي إلى تليف الكبد والفشل الكلوي، إضافة إلى خطورتها على الحوامل والأجنة، حيث تؤدي إلى عيوب خلقية للأجنة، والإجهاض للحوامل، وتزيد خطورة الاصابة بسرطانات الفم 4.7% نتيجة تأثير الاحتكاك الدائم لمضغ القات إضافة إلى تأثير الآفات ومخلفاتها المتواجدة على أغصان وأوراق القات مثل الفطريات والعناكب وبعض الحشرات والتي تؤدي إلى حدوث خدوش أو جروح مزمنة تتحول مستقبلاً إلى سرطان، كما يساهم هذا التخريش لأنسجة الفم في زيادة امتصاص وتأثير هذه المبيدات في هذه المناطق ومن ثم إحداث أورام سرطانية.
كما تُسجل الكثير من حالات التسمم الحادة الناتجة عن تناول القات المحتوي على تركيزات عالية من المبيدات، أو نتيجة التعرض المباشر للمبيدات أثناء تداول أو رش المبيدات والتي قد تؤدي إلى الوفاة. ومن الآثار السلبية للمبيدات التي ترش على القات أنها تتفاعل مع مركبات كيميائية آخري في التربة وتصبح أكثر سمية، كما قد تصل إلى الماء الأرضي وتلوثه.
أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “عدن الغد”