الهدنة لم توقف النزوح في اليمن

الهدنة لم توقف النزوح في اليمن
‏  6 دقائق للقراءة        1036    كلمة

طلب الثلاثيني محمد جابر من صديقه سامح العديني التقاط مجموعة من الصور لمنزله في مدينة تعز وإرسالها إليه بحجة الاطمئنان على سلامة المنزل وما إذا كان قد تعرض لأي أضرار نتيجة الحرب التي يعيشها اليمن منذ عام 2015.

لكن في حقيقة الأمر لم يكن الهدف الأساسي من الصور هو الاطمئنان على سلامة المنزل وفقا لـ جابر، وإنما محاولة منه لتخفيف لواعج اشتياقه لمنزله الذي ولد وكبر فيه وترك فيه الكثير من ذكريات الطفولة والشباب.

عوافي/ حاشد مزقر

يقول جابر لذمار نيوز “في كثير من الليالي انتحب شوقا إلى منزلي وحارتنا والأصدقاء والجيران” لقد مرت 7 أعوام منذ نزح جابر وأسرته من تعز لم يتمكن من العودة حتى للزيارة بسبب الصراع ومخلفاته.

جابر واحد من ملايين اليمنيين الذين أجبرتهم الحرب على النزوح من مناطقهم إلى مناطق أخرى داخل اليمن، فبحسب تقرير صدر عن مركز المعلومات بمجلس الشؤون الإنسانية في صنعاء بلغ أعداد النازحين  خمسة ملايين ﻭ 159 ألفا ﻭ 560 نازحا حتى نهاية أغسطس من العام الماضي 2022ﻡ.

قد يهمك..كم يشتري اليمنيون خضروات وفواكه مقابل شراء القات؟

لكن في المقابل أكد تقرير حديث صادر عن الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين التي تدير نشاطها من عدن أن عدد النازحين في اليمن منذ بدء الحرب يبلغ 4.3 مليون شخص 60٪ منهم يقطنون في محافظة مأرب.

وأوضح التقرير الذي صدر بداية شهر يونيو 2023 أن الوحدة رصدت خلال الفترة من 1 يناير إلى 31 مايو 2023 م نزوح 4.191 أسرة (23.560 فردا) من 20 محافظة مختلفة وتم توزيعهم على 10 محافظات حوالي (24٪) من النازحين نزحوا من محافظة تعز ومن الحديدة حوالي (23٪) ثم مأرب حوالي (15٪) وإب حوالي (10٪) وتوزعت باقي النسبة على محافظات: ذمار، البيضاء، حجة، ريمة، عمران، صنعاء، الضالع، المحويت، صنعاء، وشبوة.

 

استمرار النزوح رغم الهدنة

أعلنت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة عن رصد نزوح 33 أسرة يمنية خلال الأسبوع الأخير من شهر مايو المنصرم وبداية يونيو الجاري وقالت المنظمة -في تقريرها الأسبوعي لحالات النزوح- إنها رصدت نزوح 33 أسرة يمنية (198 فردا) خلال الفترة من 28 مايو و 3 يونيو 2023م.

وبحسب إحصاءات المنظمة الأممية فإن إجمالي أعداد النازحين من الفترة من 1 يناير وحتى 3 يونيو 2023 بلغ 3.303 أسرة يمثلون (19.818 فرداً) تعرضوا للنزوح مرة واحدة على الأقل.

الهدنة لم توقف النزوح في اليمن

خيبة أمل

عندما اندلعت الحرب عام 2015م كان جميع اليمنيين يعيشون في منازلهم وقراهم ومدنهم قبل أن تجبر ظروف الحرب ملايين المواطنين إلى لنزوح داخليا بين المحافظات اليمنية .

كان غالبية النازحين يعتقدون أن معاناتهم ستنتهي خلال شهور أو أعوام قليلة، يقول فاروق جلال ،43 عاما، “لقد تركنا منازلنا في منطقة حرض شمال اليمن على أمل أن تهدأ الأوضاع ونعود سريعا إلى مدينتنا” ولم يكن يتوقع انه لن يستطيع العودة طوال كل هذه السنوات.

تنقل جلال بين أربع محافظات منذ ترك مدينته في عام 2015 ، إما بحثا عن مصدر رزق أو فرارا من مواجهات مسلحة بين المتصارعين، ليستقر مؤخرا في مدينة إب وسط اليمن.

ويؤكد جلال في حديث لذمار نيوز أن معاناته هو وعائلته المكونة من 5 أطفال “3 إناث،2 ذكور” وزوجته تتفاقم يوم بعد آخر خاصة وهو العائل الوحيد لأسرته.

استمرار الصراع ومخلفاته وعدم التوصل إلى استقرار حقيقي جعل اليمن يحتل المرتبة الخامسة عالميا من حيث عدد النازحين، وفقا لتقييم أجرته الأمم المتحدة للعام 2022.

تقييم الوضع الصحي والبيئي

تشهد مخيمات النازحين ظروفاً صحية سيئة تنعكس حتماً بشكل سلبي على حياة معظم سكان المخيمات وصحتهم؛ إذ تنتشر الأمراض التنفسية والجلدية على نطاق واسع بين النازحين، وفقا لتقرير حديث صادر عن الوحدة التنفيذية للنازحين.

وأفاد التقرير بأن ملايين النازحين يواجهون أوضاعا معيشية صعبة للغاية، إذ يفتقدون لأبسط الاحتياجات الأساسية كمياه الشرب النظيفة ودورات المياه، وفي أوقات كثيرة لا يتوفر الماء والغذاء بشكل كافي؛ مما يتسبب في انتشار الأمراض والأوبئة في ظل افتقار معظم المخيمات لخدمات صحية كافية.

يأتي ذلك في ظل توقف برامج وخدمات العيادات المتنقلة التي تقدم الرعاية الصحية الأولية و التي توقفت عن النزول في كثير من المخيمات بحجة نقص التمويل، مما أدى إلى انعدام شبه كامل للرعاية الطبية والصحية والتغذوية للنساء الحوامل والأطفال؛ وحذر التقرير من كارثة وشيكة قد يتعرض لها النازحين خاصة في محافظة مأرب وسط اليمن.

اقرأ أيضاً..سوء التغذية أهم أسباب تقزّم الأطفال في اليمن

تداعيات وخسائر

أكد مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمحافظة مأرب سيف مثنى انتشار وباء حمى الضنك في عدد من مخيمات النازحين الموزعة في محافظة مارب .

وبحسب مسح نفذته الوحدة في الأسبوع الثاني من شهر يونيو2023 استقبلت الوحدة الصحية في منطقة الحصون 106 حالات من المصابين بحمى الضنك جميعهم من المخيمات المجاورة للمرفق الطبي بينما توزعت باقي الحالات على مستشفيات مأرب.

ووفقا لمثنى, يعيش 89% من النازحين في خيام مهترئة لا تحميهم من السيول والأمطار الموسمية، كما تتعرض هذه المخيمات للحرائق باستمرار، مشيرا -في تصريح لذمار نيوز- إلى تعرض المخيمات لـ 61 حريقا منذ مطلع العام الجاري نتج عنها وفاة ثلاثة أشخاص وإصابة 17 آخرين بحروق من درجات مختلفة.

أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “ذمار أونلاين”