14.2 C
اليمن
Home Featured الوسواس القهري.. مرض عنيد والمعرفة بداية العلاج

الوسواس القهري.. مرض عنيد والمعرفة بداية العلاج

0
الوسواس القهري.. مرض عنيد والمعرفة بداية العلاج
‏  6 دقائق للقراءة        1022    كلمة

عوافي: دعاء المطري

نجت من محاولة انتحار ولم تنفع في علاجها الجلسات النفسية والأدوية التي استخدمتها العشرينية ليلى محسن “اسم مستعار”  نتيجة إصابتها بوسواس قهري شديد جداً بنوعية “الأفكار” و”الطقوس” في آن واحد .

وصفت رئيسة الوحدة النفسية بمستشفى الرسالة الأخصائية منيرة النمر ،التي أوردت القصة، الوسواس القهري بأنه “من أبشع الأمراض النفسية العصابية” ويعد أحد أهم الأمراض التي تؤدي إلى الإصابة بالانفصام موضحة أن الحالة قد تتطور إلى فقدان الأهلية العقلية “مختل”، ما يعني أن المرض يتحول من نفسي عصابي إلى مرض نفسي ذهاني شديد.

وأوضحت الأخصائية النمر -في تصريح لمنصة (عوافي)- بأن الوسواس القهري ينقسم إلى قسمين وسواس الطقوس ووسواس الأفكار، مبينة بأن وسواس الطقوس يتمثل في عادة تكرار الطقوس اليومية كغسل اليد أكثر من عشرين مرة في اليوم ويظل الشك بأنها ليست نظيفة، أو إعادة الصلاة عشرات المرات ويظل هناك وسواس بأنه لم يصل، والتأكد من إغلاق  الباب عدة مرات والتأكد من إغلاق أنبوبة الغاز عشرات المرات.

وقالت “بعض النساء المصابات بهذا النوع من الوسواس  قد تغتسل من الدورة الشهرية أكثر من مرة في اليوم وتظل تعتقد بأنها لم تتطهر منها بعد”.

وبحسب مجلة التايم الأمريكية، فإن الوسواس القهري ينتج بشكل أساسي عن النشاط المفرط في اللوزة، وهي جزء صغير يقع في قاعدة الدماغ يربط بمشاعر الخوف والخطر والاستجابة إلى المشاكل.

لكن حتى الآن ، لم يكتشف العلماء سببا رئيسيا للإصابة بالوسواس القهري، بحسب حديث الدكتورة النمر، غير أن هناك أسبابا ثانوية متنوعة منها بيئية، وراثية واجتماعية؛ موضحة أن الأسباب البيئية متعلقة بالمشاكل التي يتعرض لها الجنين أثناء الحمل والولادة كالولادة المتعسرة وتعرض رأس الجنين لصدمة عند الولادة.

وأفادت النمر بأن الوسواس قد يتم اكتسابه عن الآخرين ، كأن يكتسبه الطفل من الأم أو الأب، مرجحة بأن الأسباب المكتسبة الاجتماعية “بيئي متعلم” هي أكثر الطرق المؤدية للإصابة بالوسواس؛ لأن المريض يتعلمها عن طريق ممارستها يومياً إلى أن تصبح ثابتة.

ولا يوجد سن معين لظهور المرض أو مرتبط به ، وفقا للإحصائية النمر يظهر المرض عند البعض قبل الوصول إلى العشرينيات من العمر، بينما يظهر عند آخرين في الثلاثينيات ويعبر التاريخ المرضي بفترة ظهور الاضطرابات ، وفقا للأخصائية، التي أكدت عدم وجود دراسة علمية ،لحد الآن، تثبت أن فئة عمرية معرضة للإصابة أكثر من فئة أي لا يوجد معيار ثابت، وتختلف نسب الإصابة من بلد إلى آخر ومن بيئة إلى أخرى ولذلك يختلف التقييم.

وفي هذا السياق تعاني الثلاثينية أروى علي ،اسم مستعار، من وسواس الطقوس، إذ تكثر من الاستحمام وغسل يديها بالماء والصابون بشكل مفرط، وتعتقد أن الالتهابات الجلدية التي تعاني منها جاءت نتيجة ذلك.

تقول علي -في تصريح لمنصة (عوافي)- “أعاني من التهابات جلدية شديدة إلى درجة أصبحت أتحسس من اللمس”، ليس ذلك فحسب ، بل هناك ما هو أكثر خطورة ، إذ أصبحت تشتكي من وسواس “الخيالات” كالتفكير بأن الجن يتربصون بها بالإضافة إلى الخيالات المتعلقة بالجنس ،حد قولها.

 

قد يهمك..استشاري يحدد الحالات التي يمنع فيها مرضى القلب من الصيام

ويمكن للوسواس أن يدمر المريض ويستنزف وقته وطاقته وصحته وينعكس أثره على الأشخاص المحيطين به، وفقا لـ النمر فالمريض لا يعيش حياة طبيعية ويفشل في إقامة علاقات سليمة مع الغير.

وهذا ما دفع الثلاثيني علي قاسم لاتخاذ قرار الانفصال عن زوجته التي تعاني من وسواس قهري الخاص بالنظافة، يقول قاسم لمنصة (عوافي) “لقد كانت تأخذ طفليها إلى الحمام لغسل أجسامهم بعد تناول أي طعام مهما كان البرد قارسا، وتظل طوال اليوم تغسل وتمسح البيت وإذا سقط جزء من الأكل على ملابس الأطفال تقوم بغسلها أكثر من مرة”.

وهنا نبهت النمر  إلى الفرق بين  الخيالات الوسواسية والوهم، مبينة بأن الشخص المصاب بالخيال  الوسواسي يعرف بأن ما يفكر به مجرد خيال ويوجد له أثر على الواقع، لكنه لا يستطيع مقاومتها ومنعها أو السيطرة عليها، بينما الوهم اعتقاد جازم بأن أفكاره حقيقة وأنه على حق ولا يستطيع الإنسان العادي إقناعه بغير ذلك إلا عن طريق العلاج.

 وتنقسم الاضطرابات النفسية إلى نوعين رئيسيين ذهنية وعصبية ،بحسب النمر، موضحة أن الاضطرابات الذهانية عبارة عن اضطرابات عقلية شديدة يصعب علاجها وإقناع المريض بأن ما يفكر به مجرد وهم، بينما الاضطرابات العصابية عبارة عن اضطراب عقلي شديد يمكن أن يصاب به كل الناس ، ويكون الشخص ،غالبا، يدرك أنه مريض وبحاجة إلى علاج.

 ومؤخرا تسببت جائحة كورونا في زيادة عدد المصابين بالوسواس القهري نتيجة الخوف من المرض، وفقا لـ النمر، وتحول الالتزام بالإجراءات الوقائية من سلوك طبيعي إلى مرض، عندما أصبحوا يلتزمون بها بشكل مبالغ به، حتى في الأوقات التي لا تستدعي كالبقاء بمفردهم في غرفهم، خاصة الأشخاص الذي سبق وأصيبوا بالفيروس،  فقد ذكر في بحث لعدد من الأطباء النفسيين، نُشر في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 في مجلة «Current Psychology Reports، وجد أن 32 في المائة من المصابين بالوسواس القهري عانوا من تفاقم الأعراض أثناء وباء كورونا.

 لكن مهما كان نوع المرض ومستواه يظل العلاج النفسي هو الحل، فمثلا بعد أن عانى الثلاثيني سالم محمد من وسواس بلغ حد الشك بعدم وجود الله، ما اضطره لزيارة الأشخاص الذين يسمون أنفسهم معالجين روحانيين لكن دون جدوى ، وظل يعاني من الوسواس حتى بعد أن أدى مناسك العمرة، ولم تتحسن حالته إلا بعد أن خضع للعلاج النفسي.

وبحسب النمر، الغالب يظل علاج وسواس الأفكار أصعب من وسواس الطقوس لكن الأمر يختلف عند النساء ، إذ يصبح علاجهن من وسواس الطقوس صعب جدا ، ولذلك يحتجن إلى العلاج السلوكي المعرفي والتدرج في تعديل الأفكار بحسب مستوى الوسواس.

وبشكل عام يتم العلاج من خلال معرفة التاريخ المرضي للحالة وإجراء بعض الفحوصات ومن ثم وضع خطة مناسبة وفقا للحالة، ومواجهة الأفكار بشكل متدرج إلى أن يتم التخلص من المرض.

اخترنا لك..تقرير أممي.. 50% من حالات الحمل غير مقصودة