تُعَدُّ المهن الطبية ذات طابع خاص ودرجة حساسية عالية في التعامل مع روح وجسد وعقل المريض، حيث تكون القيم والأخلاقيات وحسن الرعاية والاهتمام أهم محاور العمل الطبي الإنساني قبل العلاج والوصول إلى التشخيص، لما لها من أثر على علاقة المريض مع الطبيب.
فأحيانا يشكو المريض اليمني بعض المشاكل خاصة في ما يتعلق بطريقة تعامل بعض الأطباء والعاملين في القطاع الصحي.. وهذا يحدث في الغالب نتيجة عدة أسباب ، ربما نتناولها في كتابات قادمة ، لكننا هنا سنتحدث عن مجموعة من السلوكيات التي ينصح الأطباء بالالتزام بها أثناء التعامل مع المرضى لتظل العلاقة بين الطرفين صحية وإيجابية.
أولاً: تحري الصدق في طرح المشكلة الصحية على المريض بتجرد وتجنب الكذب عليه بداعي مراعاة مشاعره النفسية مع الأخذ في عين الاعتبار مراعاة طريقة إخباره بالمشكلة التي يعاني منها بطريقة غير مفزعة وجافة.. وبالطبع لا يتم إخباره بالمرض إلا بعد أن يكون خضع لتشخيص دقيق ونهائي.
ثانياً: الأمانة في التعامل مع المريض، ومنع استغلاله مادياً بما في ذلك التقليل من الفحوصات والعلاجات والتكاليف الأخرى.. في ما يخص المراجعة والترقيد بالمستشفى أو العمليات الجراحية أو الإجراءات الطبية الأخرى التي قد لا يكون لها داع.. بعكس الإجراءات المهمة التي لا بد منها في الوصول إلى التشخيص النهائي والدقيق.
ثالثاً: الصبر، حيث يتعرض العاملون في القطاع الصحي لضغوط نفسية هائلة من قبل المرضى وعائلاتهم بسبب قلة الوعي ومعاناتهم وشدة آلامهم وكذلك بسبب التكاليف المادية المرتفعة، لكن هذا لا يمنع من التحلي بأكبر درجات الصبر وضبط النفس مهما كان الموقف، لأن ذلك يزيد من درجة الاحترام والحب للطبيب والممرض من قبل المرضى وعائلاتهم.
رابعاً: الاهتمام، لأن الكثير من المرضى يشكون من قلة الاهتمام ونقص في جودة الخدمة سواءً في جانب الرعاية النفسي أو في المتابعة الطبية المستمرة أو شرح واقع الحالة التي يمر بها المريض أو التغيرات الطبية المحتملة التي تطرأ أو الأعراض الجانبية المتوقعة، رغم أن أغلب الخدمات تقدم في القطاع الخاص، ولا يعفى من ذلك القطاع العام أو الحكومي.
خامساً: حُسن الإصغاء، إنها مسألة مهمة، وفي أوقات كثيرة نجد مرضى يشكون من عدم اصغاء الأطباء لهم، والاطلاع على حالتهم الصحية بسرعة دون الاستماع لقصة المريض وكيف بدأت معاناته مع المرض.
فمن واجب الطبيب، منح مريضه وقتا كافيا لشرح ما يعانيه من آلام.. هذا الأمر يمكن الطبيب من تشخيص المرض بشكل دقيق، كما أنه يمنح المريض دفعة نفسية معنوية عالية، ويعزز ثقته بطبيبه.
سادساً: كرامة المريض، حيث تعد كرامة المريض من أهم الأولويات التي يجب الحفاظ عليها بالتزامن مع الحفاظ على حياته، وهذا يجعل حفظ خصوصية جسد وروح وعقل المريض واجبا أساسيا في بناء العلاقة بين الكادر الطبي “طبيبا ومساعدين” مع المريض.
أخيراً، نحن في الجانب الطبي لا نمنع الموت أو نمتلك حلول شفاء سحرية، بل نبذل قصارى جهدنا كي نخفف معاناة المرضى عبر تقديم خدمات صحية طبية على أكمل وجه.. ولا يحق لنا التقصير في حقوق المريض مهما كانت المبررات، فمهنتنا في المقام الأول قائمة على مبدأ الرحمة والإنسانية.
إن شعورنا بالرضا يكون مقترناً دائماً بتحسن وشفاء مرضانا، لأنه مؤشر على نجاحنا في عملنا الذي اخترناه بدوافع إنسانية بحتة.. ولا نقبل بأن ينجح بعض العاملين في هذا القطاع الحيوي الهام في تحويلنا إلى شياطين عذاب.