5 دقائق للقراءة 847 كلمة
لا تزال آثار المرض ماثلة في وجه الطفل رضوان عبدالرحمن (7 أعوام) بعد أسبوعين قضاها متنقلًا بين مستشفى حكومي وعيادة طبية خاصة بمدينة تعز (جنوب غرب اليمن) جراء إصابته بالسعال الديكي.
عوافي/مازن فارس
يقول والد الطفل عبد الرحمن إن “الأعراض كانت في بداية الأمر تشبه السعال العادي لكن بعد خمسة أيام تضاعف السعال لديه مع وجود صعوبة بالتنفس”.
نُقل الطفل رضوان إلى مستشفى حكومي وصُرف له “كيس أدوية” لكن دون جدوى “لم تتحسن حالته” ، حيث تم نقل نجله إلى عيادة خاصة ليتبين أنه “مصاب بالسعال الديكي”.
ويعتبر “السعال الديكي” أحد أمراض الجهاز التنفسي، وهو أشد حدة من السعال العادي والإنفلونزا رغم التشابه بينها، ويصيب المرض الرئة والجهاز التنفسي العلوي بالتهابات مفاجئة، ويمكن أن تصل خطورته لدى بعض الأشخاص، خصوصاً الصغار وكبار السن، إلى الوفاة.
وتتمثل أعراضه بالعطاس، وسيلان الأنف، ونَقص الشَّهية، والفتور، والسعال الشديد في الليل، والشعور العام بالتوعك إلى جانب نوبات من السعال الشديد.
أسباب عودة المرض الى اليمن
حالة رضوان تعد واحدة من أصل “135 حالة إصابة” بالسعال الديكي في مدينة تعز، حسبما أفاد نائب مدير الإعلام والتثقيف الصحي بمكتب الصحة بتعز، تيسير السامعي لـ عدن الغد.
قد يهمك..كوفيد-19.. فيروس لم تحجب الشائعات وجوده في اليمن
وأرجع سبب انتشار السعال الديكي إلى “الحرب وتأثيرها على القطاع الصحي خصوصًا ما يتعلق بتبريد اللقاحات” موضحًا أنه خلال عامي 2015 و2016 لم يتلق نسبة كبيرة من الأطفال جرعات اللقاحات ما أدى إلى عودة كثير من الأمراض من بينها السعال الديكي.
وتواجه المرافق الصحية في اليمن صعوبات في التعامل مع الأمراض والأوبئة، خصوصًا بعد أن فقدت العديد من الخدمات الضرورية جراء الحرب.
ويضيف السامعي أن عودة انتشار هذا المرض مؤخرًا يعود إلى “الضعف الاقتصادي لدى كثير من الأسر التي أصبحت غير قادرة على الوصول إلى مرافق صحية للحصول على اللقاحات”.
وساعد الصراع الدائرة في البلد منذ ثمانية أعوام على عودة أمراض كانت قد أصبحت غير شائعة.
وفي السنوات الأخيرة ظهر مرض السعال الديكي في عدة محافظات يمنية وسُجلت أرقام قياسية في انتشاره. ففي مطلع العام المنصرم سجل مستشفى السبعين في العاصمة صنعاء 147 حالة إصابة بالسعال الديكي خلال شهري يناير وفبراير فقط.
ولا توجد احصاءات حديثة شاملة بضحايا هذا المرض خلال السنوات الأخيرة في اليمن.
تشير آخر تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن اليمن تصدر في عام 2010 قائمة دول الشرق الأوسط من حيث عدد حالات الإصابة بالسعال الديكي وذلك بواقع 2534 حالة.
تحذيرات أممية
مؤخرًا حذّرت منظمة الصحة العالمية من عودة تفشي أمراض الطفولة في اليمن مثل “السعال الديكي وشلل الأطفال والحصبة” في حال لم يتم المحافظة على المعدلات المثلى للتحصين.
وتقوم المنظمة العالمية سنويًا بتسليم 25 مليون جرعة من اللقاحات المؤهلة مسبقًا إلى اليمن، حسبما أفادت في بيان لها منتصف مارس/آذار الجاري، مشيرة إلى أن برامج التطعيم ضرورية للغاية في من أجل حماية الأطفال من الأمراض التي يمكن الوقاية منها.
وبحسب بيان منظمة أطباء اليمن في المهجر (غير حكومية) فإن هناك مئات الحالات من السعال الديكي وغيرها من الأمراض انتشرت مؤخرًا في البلد.
ويُصيب السعال الديكي ـ والمعروف أيضًا باسم الشَّاهوق ـ الأطفال والمراهقين عادةً، وينتج ذلك عن تراجع المناعة ضد المرض مع مرور الوقت عندَ الأشخاص الذين جَرَى تطعيمهم ورفض بعض الآباء السماح بتلقيح أطفالهم.
ويُعد الأطفال ما دون سن العاشرة من أكثر الفئات عرضة للإصابة بالسعال الديكي نظرًا لعدم تلقيهم لقاح “غير الملحقين بلقاح البورديتيلا أو أنهم تلقوا لقاحات رديئة غير مخزنة بشكل صحيح أو ذاكرتها المناعية مدتها قصيرة”، كما يقول الطبيب محمد الفقيه رئيس مكافحة العدوى بهيئة مستشفى الثورة العام بتعز.
اقرأ أيضاً..شائعات لقاحات الأطفال في اليمن.. بين استغلال مخاوف الآباء وتجاهل الحقائق العلمية
ويشير إلى أن “هناك ثلاث جرع لقاحية للوقاية من الإصابة بالسعال الديكي تؤخذ ما بين الشهر الأول إلى الشهر السادس ويُنصح بأخذ هذه الجرعات للأطفال حتى يتم تعزير مناعتهم ضد الإصابة”.
وخلال فترة الحرب لوحظ أن هناك انتشار واسع لهذا المرض، بحسب الفقيه، الذي يرجع السبب إلى “عدم أخذ اللقاحات للأطفال” مؤكدا على مأمونية اللقاحات وفاعليتها في توفير الحماية للأطفال من مخاطر الكثير من الامراض من بينها السعال الديكي.
وأوصى الأهالي بعدم التساهل في تطعيم أطفالهم والالتزام بجدول التطعيمات لحماية الأطفال من الإصابة بهذه الامراض الخطيرة والتي قد تودي بحياتهم.
أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “عدن الغد”