5 دقائق للقراءة 977 كلمة
حذرت تقارير دولية ومحلية من احتمالية حدوث موجة جفاف تضرب اليمن، وبحسب تقرير حديث للبنك الدولي، فإن توفير مياه الشرب في اليمن سيكون أكبر المشاكل التي سيواجهها اليمنيون في السنوات المقبلة، ويعتبر استنزاف المياه هو السبب الرئيسي لهذه الكارثة المحتملة. وبالرغم من زيادة هطول الأمطار مؤخراً عما كانت عليه، إلا أن امكانية وقوعها لازال قائم وذلك لأن استنزاف المياه في تزايد مستمر خاصة مع تنامي زراعة شجرة القات.
عوافي/ عمران مصباح
ووفقاً لتقرير الموارد العالمية الصادر منتصف 2019، فإن اليمن تقع ضمن الدول القليلة التي تعاني من نقص حاد في المياه، مع زيادة مستمرة للسكان والتغير المناخي وتوسع حفر الآبار وزيادة استزراع شجرة القات، بالإضافة الى انكفاء للدولة عن تقديم الحلول.
أضرار استنزاف المياه
حسب تقارير مختلفة فان نسبة كبيرة من المخزون المائي في اليمن تذهب لزراعة القات، وتقدر وزارة الزراعة والهيئة العامة للموارد المائية النسبة بحوالي 40%، وذلك لعدة أسباب منها الري عبر الغمر والذي يتطلب أعلى قدر من دفع المياه في الأرض، بالإضافة إلى أن نسبة زراعة شجرة القات وحتى 2013 كانت تزيد 12% سنوياً، بحسب تقرير نشره موقع حلم أخضر المتخصص في الشؤون البيئية اليمنية.
يقول الدكتور أحمد الوادعي “خبير البيئة والمياه” أن السبيل الوحيد للتقليل من استنزاف المياه هو الحد من زراعة القات حسب تعبيره، مضيفاً “لأجل ذلك يجب أن ينفذ مشروع شامل، تتكاتف فيه عدة جهات في الدولة مؤكداً على ضرورة الاعتماد على دراسات دقيقة لإيجاد البدائل المناسبة للمزارعين الذين يذهبوا لزراعة القات من أجل تحقيق الدخل.
قد يهمك .. مأمونية اللقاحات وآلاف المستفيدين في اليمن
وتعتمد اليمن بشكل رئيسي على الأبار، لندرة وجود الحواجز المائية، والسدود، وتلك تعتبر اشكالية كبيرة، عن ذلك، وأثره على مستقبل البلد، يتحدث الدكتور “محمد الخرساني” وهو باحث ومختص في المناخ الزراعي قائلاً” :استنزاف المياة بشكل عام يتم من خلال الحفر العشوائي للآبار الجوفية والتعميق السنوي لها بعيداً عن الرقابة الرسمية، ومعظم تلك المياة يتم استخدامها لري المزروعات، وعلى رأسها شجرة القات، ولا يوجد قياسات دقيقة للكميات المستهلكة، وإنما عبارة عن تقديرات، مضيفا أن معالجة المشكلة يجب أن تتم من قبل الجهات المختصة”.
القات على حساب عدة منتجات
تقدر منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” المساحات المزروعة بشجرة القات بأنها تصل الى نسبة 58% من مساحة الاراضي المزروعة في اليمن.
عن تلك الظاهرة يقول الدكتور “الخرساني”: “بالتأكيد زراعة القات لها تأثير سلبي على زراعة بقية المحاصيل، خاصة في ظل التوسع، والزحف في زراعته على أراضي القيعان الزراعية، مثل قاع جهران، وغيره من القيعان التي اشتهرت بزراعة القمح والبطاطس، وأنواع أخرى من الخضروات، ويحدث ذلك بعيداً عن أي رقابة رسمية”.
وتقول منظمة الصحة العالمية أن 90% من الرجال في اليمن يتعاطون القات، بينما تصل النسبة الى ٥٠% عند الاناث، ويدفع الاقبال الكثيف المزارعين اليمنيين نحو التوسع في زراعة القات.
و بهذا الصدد، يقول الدكتور “الوادعي”: “نحن بحاجة إلى صور عبر الأقمار الصناعية تحدد مساحة زراعة القات لمعرفة حجم المشكلة، وبناء عليها يتم عمل استراتيجيات لدعم المزارعين بطرق متعددة من أجل استبدال القات بمنتجات أفضل، بل إن المزارعين على استعداد لفعل ذلك، فالكثير من الاستبيانات والاستطلاعات تقول بأن المزارعين يريدون التخلص من شجرة القات فيما لو وجدوا محصول أكثر جدوى”.
دور الدولة الغائب
تتم زراعة القات واستخراج المياه واستنزافها بعيداً عن الاشراف المباشر للدولة، وبهذا الخصوص يعلق الدكتور “الوادعي” أن هذا المشكلة تقع على عاتق وزارة الزراعة والري، و وزارة المياه والبيئة، ويعد انتشار المنظومات الشمسية أحد الأسباب في استنزاف المياه واستخدامها لري شجرة القات، لذلك يجب اتخاذ قرارات وفرض عقوبات للحد من ذلك، والتوسع في زراعة المحاصيل التي لا تستنزف المياه.
إقرأ أيضاً.. الخلطات العشبية.. وصفات وهمية لا تحمي من كوفيد-19
ولأن عملية حفر الآبار بطرق عشوائية هي أولى الخطوات نحو استنزاف المياه، وعن وجود قوانين منظمة لعمليات الحفر، يقول الدكتور “الخرساني “بالنسبة للقوانين نعم توجد قوانين منظمة لعمليات الحفر لكنها مطروحة بأدراج الهيئات الرسمية، ولم ينفذ منها شيء، وهذا الأمر يتطلب توجه رسمي للعمل على مشروع متكامل للحد من استنزاف المياه”.
توسع في زراعة القات بعد الحرب
تقدر مساحة الاراضي المزروعة بشجرة القات بحوالي ٢٠٠ الف هكتار، تلك التوقعات كأرقام تقريبية بناء على الأرقام السابقة، والتي قدرها البنك الدولي في عام 2000 بأنها تجاوزت 100 الف هكتار، وقد ارتفعت زراعة القات فيما بعد بنسب كبيرة، قبل أن ترتفع كثيراً في فترة الحرب، وعن البدائل والحلول، يقول الدكتور الخرساني: “بالفعل، من ضمن أسباب التوسع في زراعة القات هو نزوح بعض الموظفين من المدن إلى الأرياف بعد توقف صرف المرتبات خلال الحرب سعياً لإيجاد مصدر دخل بديل ، وأمام غياب الحلول الاخرى امامهم توسعوا في زراعة القات.
ومن المتوقع أن يستمر استنزاف المياه مع التوسع في زراعة القات ، حيث أصبح مصدر الدخل الأكبر في البلد للمزارعين.
عن ذلك، يقول الدكتور “احمد الوادعي”: ان القات متجذر في المجتمع، وأن مكافحته لا بد أن تتم عبر تنمية الوعي المجتمعي قبل أن يجبر المزارع على استبداله.
ويضيف الوادعي :يجب أن يتم تنفيذ دراسات وبحوث تتناول النتائج السلبية لهذه الشجرة وتأثيرها على التربة والمياه والمجتمع والصحة والحياة الزوجية ويقترح ايضا اصدار قرارات بمنع الأسواق داخل المدن ونقلها إلى خارج العاصمة مضيفا إنه عندما يتم التقليل من الإقبال على شراء القات ستكتمل العملية في الحد من زراعته وسيذهب المزارع الى زراعة البدائل”.
أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “عدن الغد”