20.7 C
اليمن
Home Featured أخطاء المختبرات الطبية.. خطر على صحة المرضى اليمنيين

أخطاء المختبرات الطبية.. خطر على صحة المرضى اليمنيين

0
أخطاء المختبرات الطبية.. خطر على صحة المرضى اليمنيين
‏  9 دقائق للقراءة        1647    كلمة

عوافي: جوري مرشد المعمري

ظلت الثلاثينية تهاني عبدالسلام تستخدم علاجاً خاصاً بالقلب لمدة ثلاثة أشهر وصفه لها الطبيب المعالج بعد إجراء بعض الفحوصات في إحدى المراكز المتخصصة بالعاصمة صنعاء، غير أن أوجاع الجهة اليسرى من الصدر استمرت، مع ظهور آلام أخرى في البطن دفعها للبحث عن طبيب لعله يشخص علتها.

لم يقتنع طبيب القلب الجديد بالفحوصات القديمة، وكخطوة أولى طلب منها إجراء فحوصات إضافية أجرتها في مختبرات أخرى، ليكتشف بعد قراءة صورة الأشعة والفحوصات المخبرية بـ”إن قلب المريضة عبد السلام.. سليم ” غير أن فرحتها لم تكتمل بعد أخبرها الطبيب عن إصابتها بمشاكل صحية في الكبد والكلى نتيجة لبعض الأدوية التي حصلت عليها من الطبيب الأول.

حاولت عبد السلام وزوجها البحث عن السبب الرئيسي وراء معاناتها النفسية والمرضية، وعند عودتها إلى المختبر السابق تفاجأت بأنها حصلت على نتائج فحوصات مريض آخر يعاني من مرض في القلب والأوعية الدموية، بينما كانت هي تعاني من شد في عضلة الصدر اليسرى، حد قولها لـ منصة عوافي.

ورغم رحلة الألم الطويلة التي استمرت لشهور، لم تلجأ إلى القضاء، لم يخطر ببالها أو حتى طبيبها المعالج بأن نتائج مخبرية خاطئة نالت من جسدها الغض”.

التشخيص الطبي الخاطئ، ترك لها سلة ممتلئة بأدوية أخرى لعلاج عضوي الكبد والكلى بعد أن أتلفت أدوية القلب وعضلته.

خطأ مخبري كاد أن ينهي حياة عمر

الخلط وتبادل فحوصات المرضى في المختبرات ليست المشكلة الوحيدة، التي يشتكي منها المرضى هنا، فقد كاد عمر محمد -13 عاما- أن يفقد حياته بسبب حصوله على نتائج خاطئة لفحوصات أجراها في أحد المختبرات بالعاصمة صنعاء

وبحسب حديث والده -لـ “منصة عوافي”- كان الطفل يعاني من الخمول وفقدان الشهية ويميل إلى الوحدة بعيدا عن أعين الناس، ما استدعاهم لاستشارة الطبيب.

لم يكتف اختصاصي الأطفال بتشخيص حالة الطفل عمر بناء على هذه الأعراض المرضية بل طلب من ذويه إجراء بعض الفحوص المخبرية لتحديد حالته المرضية.

تطابقت التحاليل المخبرية التي حصل عليها الطبيب مع الأعراض المرضية للطفل عمر والتي كشفت عن “إصابته بسوء تغذية”.

حرص والدا عمر على تغذيته بشكل جيد وتخصيص له وجبات غذائية صحية متكاملة لتساعده على مقاومة سوء التغذية، بجانب بعض الأدوية التي وصفها الطبيب له، ركز الأهل على تغذيته بالمواد الطبيعية كالعسل والفاكهة والخضروات واللحوم.

غير أن حالة الطفل زادت تفاقما وبدأ يدخل في حالات فقدان الوعي “حالات إغماء” ليتم نقله في إحدى الليالي كحالة طارئة إلى مركز الأمين الطبي، مركز خاص، في منطقة الحصبة وسط صنعاء، وفي المركز الطبي، أجريت فحوص مخبرية جديدة للطفل عمر والتي كشفت عن إصابته بمرض السكري (النوع الأول)، بحسب قول والده.

بحرقة شديدة، يضيف والد عمر “كاد ابني أن يخسر حياته بسبب أدوية وأغذية فاقمت حالته الصحية ” وهذا ما حذر منه الدكتور احمد العبسي، طبيب عام، مضيفا بأن حصول المريض على أدوية نتيجة فحوصات خاطئة قد تسبب متاعب أخرى.

قد يهمك..الفحص الذاتي للثدي يساهم في شفاء 95% من اليمنيات اللاتي يصبن بالسرطان

وأفاد -في تصريح لـ عوافي- بأن الأخطاء التشخيصية غالبا ما تحدث نتيجة عدم كفاءة بعض المختبرات، سواء من حيث المواد المستخدمة أو ضعف الكادر، في ظل غياب الرقابة الرسمية، بالإضافة إلى عدم اعتمادها على أنظمة دقيقة في استقبال المرضى وأخذ العينات ومن ثم فحصها ومنح المريض التقرير النهائي لنتائج الفحص الخاص به.

ونصح الدكتور العبسي المرضى بأهمية اختيار المختبرات المتخصصة والمعروفة بكفاءتها العالية، تفاديا للوقوع في مثل هذه الأخطاء ذات العواقب الوخيمة، حد وصفه.

محاليل غير سليمة

أسباب أخرى تطرقت لها الدكتورة هناء كامل، طب عام، تتعلق بضعف الخبرة في التعامل مع الأجهزة الحديثة التي يقتضي العمل عليها حصول الكادر على دورات تدريبية جيدة، منبهة إلى عدم الجدية في تدريب الكوادر على الأجهزة الحديثة بالشكل المطلوب.

 وتوضح -في حديثها لـ منصة عوافي- أن المختبرات في اليمن تستقبل أعدادا كبيرة من المرضى “تفوق قدرتها” في ظل عدم وجود كادر يتناسب مع هذه الأعداد، بالإضافة إلى أن بعض المختبرات ما تزال تستخدم أجهزة قديمة تحتاج إلى جهد ووقت أطول لإتمام العمل، وهذا يساهم في ارتكاب الأخطاء.

كما أن غياب المواد المخبرية التي كانت تُشحن جواً في ظروف خاصة، كالتبريد الملائم”، بالإضافة إلى أن جودة المحاليل الطبية التي تستخدم في المختبرات تؤثر على نتائج التحاليل وتسبب فرقاً في القراءات، وبالتالي فإن رداءة جودة المحاليل قد تؤثّر على نتائج الفحوصات، حد وصف الدكتورة كامل.

وبحسب حديث الدكتور هادي -الذي يعمل في مستشفى المجد الخاص- قد تظهر نتائج الفحص غير صحيحة، أحيانا، بسبب اختيار التوقيت الخطأ لأخذ العينة، كأن تؤخذ العينة بعد تناول المريض الطعام، بينما تقتضي بعض الفحوصات المخبرية أخذ العينة وهو صائم لنحصل على نتائج صحيحة

وشدد -في حديثه لـ منصة عوافي- على أهمية اختيار جميع مستلزمات العمل في المختبرات بعناية وبحسب تخصص المختبر كمواد التحليل والأجهزة التشخيصية والأدوات المستخدمة “الأنابيب والماصات الزجاجية” وحتى نوع الطاولات، بالإضافة إلى الالتزام العالي بالخطوات السليمة كالتقاط العينة وفحصها والحصول على النتائج، ومن ثم منحها للمريض.

خطأ في آلية الفحص

قسّم الدكتور نبيل هادي آلية عمل الفحص إلى ثلاث مراحل، ابتداء بمرحلة ما قبل الفحص والتي تتمثل باستقبال المريض وأخذ عينة سليمة كافية بشكل سليم يجنبها أي تلوث، ومن ثم مرحلة الفحص حيث يجب الحرص على استخدام المحاليل الخاصة بالفحوصات المطلوبة، وتشمل التعامل مع أجهزة سليمة لقراءة نتائج الفحوصات، وانتهاء بتسجيل النتائج ووضع تقارير الفحوصات بشكل سليم وعمل مقارنة بالنتائج المرجعية المعتمدة, والتأكد من بيانات المريض بشكل صحيح.

 وحمّل المختبرات مسؤولية حصول المريض على نتائج تشخيصية خاطئة يترتب على ذلك أضرار، في حال ثبت أن المختبرات أخلّت بأي جزيئة من عملها وفق المعايير والشروط السابق، أو كان الإهمال منها بأي صورة كانت.

الفحوصات بالنسبة

عانت الأربعينية فاطمة النمر، من آلام في المعدة لسنتين دون أن يكتشف الأطباء إصابتها بقرحة، رغم إجرائها عددا من الفحوصات “لا تتذكر عددها”, واتهمت بعض الأطباء بأنهم يحصلون على نسبة من تكاليف الفحوصات التي يشترطوا على المرضى إجراءها في مختبرات معينة، رافضين أي فحوصات من مختبرات أخرى، متسائلة “لماذا يشترط بعض الأطباء إجراء الفحوصات في مختبرات معينة ويرفضون أي فحوصات بمختبرات أخرى”

وأفادت -لـ عوافي- بأنها أجرت عددا من الفحوصات في المختبرات الموصى بها من قبل الطبيب، ولم تكشف حقيقة مرضها، لتحصل على أدوية مهدئة سرعان ما ينتهي مفعولها. وعند إجراء نفس الفحص في مختبرات أخرى اتضح أنها تعاني من قرحة في المعدة لتبدأ مرحلة العلاج وأصبحت تشعر بالتحسن، حد قولها.

 وفي سياق آخر تشير الأخصائية المخبرية كوكب القطواني إلى أن انتشار المختبرات بشكل عشوائي وبدون أي ضوابط أو رقابة رسمية فاعلة يزيد حدوث التشخيصات الخاطئة، وقالت -لـ عوافي- “هنالك الكثير من الدخلاء على المهنة، قاموا بفتح مختبرات والعمل فيها”.

اخترنا لك..أكثر الاضطرابات النفسية التي تصيب النساء في اليمن

واتهمت بعض المختبرات بالاعتماد على كوادر ضعيفة الخبرة، أو حديثي التخرج، “لأنهم يتقاضون رواتب أقل، من غيرهم” لافتة إلى أن الفحوصات الكيميائية، والفحص المخبري لـ “البراز، شرائح الدم،” هي أكثر الفحوصات التي تحدث فيها الأخطاء.

ولمعرفة الشروط والمعايير التي يتم على أساسها منح تراخيص إنشاء المختبرات، بالإضافة إلى نوع ومستوى الرقابة المفروضة على الأداء، تم التواصل مع المسؤولين المختصين في وزارة الصحة بصنعاء أكثر من مرة، ولم نجد منهم أي رد.

بينما أكد الأمين العام للمجلس الطبي الأعلى الدكتور عبدالرحمن الحمادي أن هناك شروطا ومعايير علمية يجب توفرها لمنح المتقدم ترخيص عمل في المختبر، منها حصوله على شهادة أكاديمية في التخصص.

ولا يكفي المجلس، الجهة الوحيدة التي تمنح تراخيص العمل، باستيفاء الشروط بل يخضع المتقدم لاختبار مهني يجب أن يجتازه ليحصل على الترخيص، حد قوله لـ منصة عوافي.

متاهة التقاضي في المحاكم

يحمّل المحامي غمدان المعلمي المختبرات مسؤولية الضرر الذي يلحق بالمريض نتيجة حصوله على نتائج تشخيصية خاطئة، والتي قد تحدث لأسباب عديدة كالإهمال أو ضعف كفاءة الكادر أو استخدام أجهزة غير سليمة.

وأوضح أن المسؤولية قد تشمل أطرافا أخرى في حال اعتمد المختبر على أشخاص أو مختبرات أخرى في أي مرحلة من مراحل الفحص كأخذ العينة أو إجراء التحليل، مؤكدا أن ارتكاب مثل هذه الأخطاء ينشأ عنها قيام المسؤولية المدنية أو الجنائية أو التأديبية وقد تجتمع الثلاث أو بعضها في قضية واحدة.

ونصح -في تصريح لـ منصة عوافي- المرضى بأهمية الحفاظ على جميع الوثائق والمستندات المتعلقة بالمرض والفحص ليتمكن من الحفاظ على حقه القانوني أمام المحكمة، التي تعتمد في مثل هذه القضايا على (الاعتراف – المعاينة – شهادة الشهود – الخبرة- الأوراق والمحررات الكتابية) وهي التي حددها القانون وألزم القاضي باتباعها، ولم يترك للقاضي استخدام سلطته التقديرية في هذه القضايا.

وأفاد المعلمي بأن هناك طريقتين أمام المتضرر أو من ينوب عنه لمقاضاة المتسبب أو المتسببين عن الخطأ، الطريقة الأولى تقديم شكوى مكتوبة إلى المجلس الطبي الأعلى قبل اللجوء إلى الجهات القضائية المختلفة للتحقيق في الشكاوى والبت فيها وتوقيع العقوبات التأديبية وإحالة القضية إلى النيابة العامة وفقا للمادة (10) الفقرة (ف) من القانون رقم 28 لسنة 2000 بشأن المجلس الطبي الأعلى.

أو اللجوء إلى الجهات القضائية (النيابة العامة أو المحاكم المدنية) سواء في حالة عدم اقتناعه بالتحقيق الذي قام به المجلس الطبي أو الذهاب مباشرة إلى القضاء، مشيرا إلى أن المجلس الطبي يختص بإيقاع العقوبات التأديبية فقط كـ ” الإنذار- الغرامة المالية – إلغاء التراخيص ” ولا يختص بالعقوبات الجنائية كالحبس أو المدنية كالتعويض لأن مجالها المحاكم المختصة.

ورغم أن الطريق الأولى تضمن الحصول على نتائج بوقت قصير مقارنة بالوقت الذي يقضيه المدعي في التقاضي أمام المحاكم، إلا أن فاطمة النمر اختارت طريق المحكمة للحصول على حقها القانوني في ما لحقها من أضرار صحية ومالية على مدى أكثر من عامين نتيجة التشخيص الخاطئ.

اخترنا لك..يمنيات بين سجني الاضطرابات النفسية والعادات المجتمعة