14.2 C
اليمن
Home Featured طلاب المدارس يواجهون متحورات كورونا بلا احترازات

طلاب المدارس يواجهون متحورات كورونا بلا احترازات

0
طلاب المدارس يواجهون متحورات كورونا بلا احترازات
‏  8 دقائق للقراءة        1424    كلمة

 

عوافي: جوري مرشد المعمري

يجلس فارس محمد ،14 عاماً، إلى جوار زميليه محمد وعلي على مقعد خشبي واحد لا يتجاوز طوله متر ونصف في فصل يضم 57 طالبا، جميعهم لا يضعون الكمامات الطبية التي تعد إحدى وسائل الوقاية من كورونا.

ابتسم فارس وهو يجيب عن سؤال “عوافي” حول عدم الالتزام بإجراءات الوقاية من الجائحة قائلا “الذي يلبس كمامة يتعرض للسخرية والتنمر” وهذا الوضع مستمر منذ بداية الفصل الأول من العام الدراسي الجاري.

وبحسب فارس، وفرت المدرسة العام الدراسي الماضي بعض المستلزمات مثل المعقمات والمياه في الحمامات بشكل دائم وأحيانا، الكمامات ، أما هذا العام لم يتم توفير أي من الإجراءات الوقائية كالكمامة والمعقمات.

ليس الطلاب فقط من لا يلتزمون بالإجراءات الوقائية من كورونا، فالمدرسين أيضا لا يفعلون، وهذا ما ساهم في زيادة قلق الأربعيني محمد وهيب الذي يدرّس مادة الرياضيات في إحدى المدارس الحكومية بصنعاء ولديه ثلاثة أطفال يتلقون تعليمهم في نفس المدرسة.

قد يهمك..أكثر من 7 مليون يمني يواجهون 5 أوبئة خطرة

يقول وهيب -لـ منصة عوافي- لا يلتزم المدرسون بإجراءات كورونا في المدارس الحكومية ولا توجد أدوات تعقيم، فما بالك بالطلاب، في ظل الازدحام الشديد إذ يتجاوز عدد الطلاب في الفصل الواحد 60 طالبا، حد قوله.

يواجه طلاب المدارس جائحة كورونا ومتحوراته بمفردهم في ظل غياب أي تنسيق مع الجهات ذات الاختصاص سواء الرسمية أو منظمات المجتمع المدني، بحسب ما أكده أحد العاملين الصحيين في مركز العزل الموجود بمحافظة إب وبالتحديد في منطقة السحول عدم وجود أي تنسيق بينهم وبين مكتب التربية أو المدارس.

وأفاد المختص، الذي فضل عدم ذكر اسمه، بأن جميع المصابين بكورونا الذين استقبلهم المركز محالون إليه من مستشفيات خاصة سواء كانوا أطفالا أو بالغين في السن، موضحا -لـ منصة عوافي- أن نشاط المركز ينحصر في استقبال الحالات ورعايتها، ولا يقوم بأي مهام أخرى كالتنسيق مع الجهات أو التوعية أو حتى تعميم الأماكن السابقة للمصابين المحالين الى مركز العزل.

مدارس بلا احترازات.. واجتهادات شخصية

قائمون على مدارس حكومية لم ينكروا عدم التزام مدارسهم بالإجراءات، بحسب قولهم، ويرجعون هذا السلوك لأسباب عديدة، منها مالية وأخرى لها علاقة بقلة عدد المدرسين.

يقول مدير مدرسة أبو موسى الاشعري في حزم العدين -إحدى مديريات محافظة إب في وسط اليمن- رضوان سالم: إن الالتزام بالإجراءات الاحترازية للوقاية من الجائحة تحتاج إلى مستلزمات وقائية والمدرسة غير قادرة على توفيرها.

وفي ما يتعلق بالتباعد الاجتماعي أكد سالم -في حديثه لـ “عوافي”- عدم إمكانية تطبيق مثل هذا الإجراء وذلك بسبب عدم توفر فصول دراسية كافية للطلاب في حال أرادوا تطبيق هذا الإجراء، مضيفا بأن أغلب المدارس لا تكفي فصولها لاستيعاب أعداد الطلاب دون تباعد، إذ تضطر بعض المدارس لوضع صفين دراسيين في فصل واحد.

طلاب المدارس يواجهون متحورات كورونا بلا احترازات
طالبات في أحد مدارس صنعاء.. تصوير عادل حويس

قد يصل عدد الطلاب في الفصل إلى 100 طالب في بعض المدارس، خاصة صفوف المرحلة الأولى في الأساسي، بحسب سالم، الذي أعاد هذه المظاهر إلى تغيب الكثير من المدرسين بحثا عن مصدر رزق بعد انقطاع المرتبات.

يحمل سالم الكثير من العتاب على المنظمات ذات العلاقة، ويعتقد أنها لم تهتم بالمدارس إذ لا يوجد منظمة تبنت حتى فكرة توزيع معقمات في المدارس، ورغم وجود حالات إصابة، نادرة، إلا أنه تم التكتم عنها فالإعلام” لم يقم بدوره حتى في توعية الناس” حد قوله.

المدارس الأهلية.. التزام ولكن

يختلف الأمر في المدارس الاهلية عن الحكومية بنسب متفاوتة حيث يراعي بعض القائمين على المدارس الأهلية إرضاء الأهالي والتخفيف من مخاوفهم في ما يتعلق بكورونا، فبحسب ملاحظات “عوافي” التي زارت عدداً منها ، تم اختيارها بشكل عشوائي أثناء تنفيذ التقرير، تحرص الكثير منها على الالتزام بالاجراءات كالتباعد وتوفير المعقمات وتجنب الازدحام، لكن في المقابل هناك مدارس أهلية لا تلتزم بأي نوع من الإجراءات الوقائية وهذا ما دفع فارس السنباني لنقل أطفاله فارس 7 سنوات، وأميرة 9 سنوات، من مدرستهم السابقة بمنطقة الحصبة في صنعاء إلى مدرسة تواصل الأهلية على شارع النصر.

يقول السنباني لقد تحملت نفقات إضافية كأجرة الحافلة التي تأخذ الأطفال إلى مدرستهم ولكنني أصبحت أكثر اطمئنانا عليهم “ولو ليس بشكل كامل”، موضحا أن المدرسة السابقة لم تكن تضع أي اعتبار للجائحة وتمارس نشاطها اليومي كما لو لم يكن هناك وباء.

لقد نبه إدارة المدرس أكثر من مرة لكنهم لم يعيروا تنبيهاته أدنى اهتمام، فلا تباعد ولا كمامات ولا إرشادات، حتى مواد التعقيم لم يوفروها، بحسب السنباني، بينما تهتم المدرسة الجديدة بالاجراءات ولو بحدودها الدنيا.

مدارس أخرى ما تزال حريصة على تطبيق الإجراءات، يقول مدير مدرسة صقور اليمن الأهلية سليم الجلال أن مدرسته مستمرة في توفير المعقمات وفرض التباعد وترتيب الطلاب أثناء الدخول والخروج.

وينطبق الأمر على المدرسين أيضا حيث تفرض عليهم إدارة المدرسة الالتزام بجميع الإجراءات داخل الفصول وفي الساحات والاجتماعات، وفقا للجلال.

تراجع غير مبرر

نعم هناك فرق بين الالتزام بالإجراءات الاحترازية من كورونا في العام الدراسي الماضي مقارنة بهذا العام.. فبحسب المشرفة الصحية بمدرسة الوحدة الأساسية والثانوية للبنات بمدينة إب وسط اليمن بشرى البعداني ألزمت إدارة المدرسة طاقم هيئة التدريس والطلاب بتطبيق بعض الإجراءات.

ومن بين جملة الإجراءات الوقائية التي تحرص البعداني على تطبيقها التباعد وعدم المصافحة وإلغاء الاجتماعات ومغادرة المدرسين فور انتهائهم من الحصص المقررة، بالإضافة إلى توفير مواد التعقيم وتعميم الإرشادات، أما ما يتعلق بالكمامة الطبية فقد اكتفينا بالنقاب الذي ترتديه معظم الطالبات والمدرسات.

رغم ذلك تلاشت معظم الإجراءات شيئا فشيئا هذا العام 2021 فبحسب حديث البعداني لـ “عوافي” لم يعد الكثير من المدرسين والطالبات يعير الجائحة أدنى اهتمام، رغم أن إدارة المدرسة توفر مواد التعقيم، وتسمح للطالبة بالتغيب في حال ظهرت عليها أي أعراض مشابهة لأعراض كورونا مثل الزكام او الحمى.

ورغم ظهور متحورات جديدة لفيروس كورونا مثل ألفا، غاما، بيتا ودلتا واوميكرون، إلا أن مستوى الالتزام بالإجراءات الاحترازية في أوساط الطالبات والمدرسين أقل بكثير مما كان عليه في العام الماضي، وفقا للمشرفة الصحية، التي أفادت بأن عددا قليلا من الطالبات ملتزمات باستخدام الكمامات الطبية واصطحاب المعقمات الشخصية.

“إدارة المدرسة تحاول عمل المتاح كالحرص على خلق بيئة نظيفة والاستمرار في التوعية بالإجراءات الوقائية ضد الفيروس ولو بدرجة أقل مما كانت عليه في العام الماضي”، وأوضحت البعداني أن غياب الاهتمام بالجائحة من قبل المجتمع ووسائل الإعلام والمؤسسات الرسمية وحتى المنظمات المعنية انعكس سلبا على مستوى حرص المدارس على الالتزام بالإجراءات الوقائية.

طلاب في إحدى مدارس العاصمة صنعاء.. تصوير عادل حويس

تجاهل كامل للجائحة

ما بين تجاهل أغلب أهالي الطلبة وبعض القائمين على المدارس لتطبيق الإجراءات الوقائية للحد من انتشار وباء كورونا ومتحوراته، ما تزال بعض المنظمات تنفذ أنشطة في المدارس تتعلق بالوقاية من الجائحة، ولو بمستوى أقل مما كانت عليه في العام الماضي.

وفي هذا السياق يقول أحمد سالم، يعمل لصالح منظمة دولية في شمال اليمن، أن المنظمة أقامت عدداً من الأنشطة في المدارس ركزت على التوعية بخطورة المرض وكيف تتم الوقاية منه عبر إقامة دورات وجلسات توعوية للطلاب والمدرسين.

وبحسب حديثه -لـ منصة عوافي- قامت المنظمة بتوزيع بعض المنظفات والمعقمات وأجهزة قياس الحرارة والتدريب على استخدامها بالإضافة إلى كيفية التعامل مع أي حالة اشتباه.

يحدث ذلك بينما امتنع مسؤولون في إدارة الصحة المدرسية التابعة لوزارة التربية والتعليم في صنعاء عن الحديث لـ”عوافي” حول تطبيق الاجراءات الوقائية ضد كورونا في المدارس، وهذا الامتناع يأتي متماشيا مع سياسة الحكومة في التعامل مع الجائحة، والتي اعتمدت على تجنب الحديث عن الجائحة وفقا لما سبق وأعلنه وزير الصحة طه المتوكل في أكثر من مناسبة.

اخترنا لك..حصيلة أضرار كورونا في اليمن خلال عام 2021