4 دقائق للقراءة 640 كلمة
د. ياسر عفيف النجار
تعد الرضاعة الطبيعية (BREAST FEEDING) من أهم احتياجات النمو للطفل ، حيث أنها تعزز صحته الجسدية و النفسية والعقلية كما أنها تحقق الاحتياج الفطري للإنسان ككائن اجتماعي، من أجل الوقاية من الأمراض الجسدية والنفسية والعقلية في المستقبل.
وفيما يخص الجانب الجسدي و نمو الطفل، يعد تعزيز الجهاز المناعي للوقاية من الأمراض له أهمية قصوى لنظراً لعدم اكتمال العديد من أجهزة وأعضاء الجسم، حيث يبدأ تكوين الجهاز المناعي للإنسان منذ الشهر الثالث في بطن الأم، حيث تنتقل الأجسام المضادة من الأم إلى الطفل عبر المشيمة، ويستمر ذلك حتى الولادة، أما بعد الولادة فتستمر العديد من الأجسام المضادة حتى تتوقف الرضاعة، ولكن لا تعد مناعة الطفل مثل مناعة الشخص البالغ حيث تعزز اللقاحات مناعة الطفل ضد أمراض الطفولة القاتلة.
وفي الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية 2021م، في بيان مشترك صدر عن منظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف (، أشارت الوكالتان إلى ضرورة توفير البيئات الصديقة للرضاعة الطبيعية للأم والطفل، وإعطائها الأولوية، حيث أن الرضاعة الطبيعية هي حجر الزاوية في بقاء الرضع والأطفال الصغار على قيد الحياة، وهي المصدر الأفضل لتغذية الرضيع، وتعزيز نمو دماغه، وتعزيز المناعة والوقاية من العديد من الامراض، فضلا عن الفوائد الأخرى التي تستمر مدى الحياة لدى كل من الأم والطفل.
قد يهمك..الهدنة لم توقف النزوح في اليمن
وتوصي منظمة اليونيسف باعتماد الرضاعة الطبيعية الحصرية خلال الأشهر الستة الأولى من عمر الطفل، تليها الرضاعة الطبيعية المستمرة مع الأغذية التكميلية المناسبة حتى بلوغ الطفل عامين فأكثر، بوصفها خط دفاع قوي ضد جميع أشكال سوء التغذية في مرحلة الطفولة، بما في ذلك الهزال والسمنة، والعديد من الأمراض المعدية، فضلا عن تعزيز العلاقة ما بين الأم وطفلها، وتعمل الرضاعة الطبيعية أيضا باعتبارها اللقاح الأول للأطفال، حيث تحميهم من العديد من أمراض الطفولة الشائعة.
وتفيد الدراسات العلمية بأن الرضاعة الطبيعية تقوي مناعة الطفل، وهذا يفسر لماذا يكون الأطفال الذين يرضعون طبيعيا أقل عرضة للكثير من الأمراض، إذ ينقل لهم حليب الأم الاجسام المضادة أهمها ما يعرف باسم “آي.جي.أي” (IGA)، كما يحتوي حليبها على كثير من المواد التي تقوي جهاز مناعة الطفل، مثل البروتينات والدهون والسكر والأجسام المضادة وكريات الدم البيضاء.
وجهاز المناعة في جسم الإنسان هو المسؤول عن حماية الجسم من الكائنات والجراثيم المضرة والسموم، إذ يتصدى للبكتيريا والفطريات والفيروسات والخلايا الخبيثة السرطانية، ولذلك فإن تمتع الطفل بمناعة قوية ينعكس في زيادة قدرته على مقاومة الأمراض.
وفيما يخص الحليب الذي تنتجه الأم في أول أيام الولادة و المعروف باللبأ (حيث يكون شكله سائل سميك أصفر) فعلى عكس الشائعات الكاذبة التي تقول أنه خطر و غير صحي، يعتبر اللبأ ذو أهمية قصوى للطفل والأم بعد الولادة، حيث يكون غني جدًا بالبروتين والأجسام المضادة التي تساعد على منع الاصفرار عند المواليد (اليرقان)، ووقاية الطفل من الأمراض.
اقرأ أيضاً..التقزّم في اليمن
وتستفيد الام منه في منع النزيف وتخفيف الألم وتقليل مضاعفات الولادة المحتملة ويسمح للأم عادةً البدء في الرضاعة الطبيعية بعد ساعة من ولادة الطفل، فكلما زاد مقدار الحليب الذي يرضعه الطفل، زاد مقدار الحليب الذي يقوم ثدي الأم بتكوينه.
ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن الرضاعة الطبيعية لا تشكل بديلا للطفل عن الحصول على تطعيماته وفق الإرشادات الطبية، وهي ليست كافية لحمايته من الأمراض التي تتطلب التطعيم مثل شلل الأطفال والحصبة، ولذلك يجب مراجعة الطبيب والحرص على تلقي الطفل لتطعيماته كاملة.
*أخصائي صحة المجتمع
أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “ذمار أونلاين”