التقزّم في اليمن

التقزّم في اليمن
‏  4 دقائق للقراءة        710    كلمة

د.عادل سالم

استنادًا إلى تصنيف منظمة الصحة العالمية لشدة سوء التغذية كمشكلة صحية عامة وعلى الرغم من التحسن في العقدين الماضيين ، لا يزال معدل الانتشار الحالي للتقزم في المنطقة مرتفعًا فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أن 46% من أطفال اليمن ممن هم دون سن الخامسة يعانون من مرض التقزم، وذلك بسبب سوء التغذية.

ويؤدي التقزم الناتج عن سوء التغذية إلى ضعف إدراك الطفل و تأثر النمو العقلي وتدني القدرة على مواجهة الحياة ومتطلباتها كما يزيد من احتمالية تعرض الأطفال للأمراض المزمنة المؤدية إلى الموت المبكر.

قد يهمك..لقاحات الأطفال.. مأمونيتها و دورها في حمايتهم

و بالرغم من التحديات التي تواجهها النظم الصحية في الأزمات وصعوبة إجراء تقييمات شاملة في مثل هذه الظروف فقد أشارت العديد من الدراسات الميدانية والمسوحات الديموغرافية والصحية واستطلاعات اليونيسف المتعددة المجموعات والمحدودة النطاق إلى أن مسببات التقزم لا تنحصر على العوامل المرضية والهرمونية مثل تدني مستوى هرمون الغدة الدرقية أو تدني مستوى هرمون النمو أو الإصابة بفقر الدم المنجلي أو في الأسباب الوراثية أو الأمراض الجينية مثل متلازمة تيرنر ومتلازمة داون، إضافة إلى أن هناك محددات أخرى تساهم بشكل أو بآخر في زيادة حالات التقزم المرتبطة بعدة عوامل أهمها:

الحالة التغذوية للأمهات حيث يشار إلى أن نصف حالات التقزم بين الأطفال دون سن الثانية تبدأ أثناء الحمل أو قبل بلوغهم ستة أشهر من العمر لا سيما وأن انتشار النقص في بعض المغذيات مثل فيتامين (أ) والحديد وحمض الفوليك والزنك واليود يسفر عن تأثيرات ضارة على الأطفال والأمهات، ويساهم غياب التعليم والثقافة ومستوى معرفة الأمهات حول التغذية والرعاية أثناء المرض في رفع معدلات التقزم خصوصا إذا ما اقترن ذلك مع ممارسة الأم لعادات سيئة مثل التدخين، وتناول الأدوية الممنوعة خلال فترة الحمل.

و يأتي ثانيا مستوى الكفاية الغذائية للأطفال حيث تتزايد حالات النقص الغذائي لدى المواليد خصوصا مع عدم تنظيم الإنجاب وحدوث الحمل المتتابع الذي لا يسمح بأن تكون مدة الرضاعة الطبيعية كافية، كما أن الامتناع عن إرضاع المواليد بالحليب الذي تنتجه الأم طبيعيا في الساعات الأولى للولادة “الرضاعة في الوقت المناسب” وعزوف الأمهات عن تعزيز الرضاعة الطبيعية بحليب صناعي بحجة تلوث هذه المنتجات يزيد من تفاقم مشاكل سوء التغذية المسببة للتقزم.

كما أن الممارسات غير الصحية في رعاية الأطفال تأتي من ضمن العوامل حيث تميل بعض الأمهات إلى استخدام مزيج من الماء والسكر المصنع لإسكات الأطفال أو استخدام الماء غير النقي في مزج الحليب المصنع بالإضافة إلى التعقيم السيئ لزجاجات الرضاعة وهو ما يزيد من احتمالات التعرض المتكرر للعدوى التي تمنع نمو الأطفال بشكل طبيعي.

اقرأ أيضاً..قوانين صحية مُلزمة لإنقاذ “جيل الحرب ” في اليمن

أيضا الحالة الاقتصادية للأسرة فبحسب العديد من الدراسات ترتبط الزيادة في حالات التقزم باقتصاديات الأسر عند عدم توافر الحد الأدنى من التنوع الغذائي للأمهات والأطفال وهذا ما يفسر انتشار تأخر النمو في المناطق والعائلات الفقيرة التي لا تملك أراضي زراعية أو مصادر دخل كافية تمكنها من الحصول على مياه الشرب النقية للوقاية من الإسهالات أو لا تستطيع هذا العائلات الوصول لأقرب مركز صحي.

وربما كان للحروب والكوارث آثار مدمرة على النظم الصحية لصعوبة إجراء التقييمات الشاملة وتخطيط الاستجابة و صعوبة تخصيص الموارد و العمل في ظل إجراءات غير فعالة وعدم قدرة الأنظمة الصحية على الوصول والرصد في الفئات السكانية الضعيفة وتوفر بعض البيانات المأخوذة من أحدث الدراسات الاستقصائية صغيرة النطاق التي أجرتها بعض المنظمات الإنسانية في اليمن مؤشرات حول مدى انتشار التقزم على المستوى الجغرافي للبلد, حيث تشير دراسة دي سوزا 2015 إلى أن احتمالية تقزم الأطفال الذين يعيشون على ساحل البحر العربي أقل بنسبة 89% من احتمالية تقزم الأطفال الذين يعيشون في المناطق الجبلية في اليمن, وتوضح أيضا أن نسبة التقزم للأطفال الذين يعيشون على امتداد ساحل البحر الأحمر أقل من نسبتها لدى الأطفال الذين يعيشون في المناطق الشرقية الصحراوية كالجوف وشبوة ومأرب.

أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “عدن الغد”