18.8 C
اليمن
Home Featured قوانين صحية مُلزمة لإنقاذ “جيل الحرب ” في اليمن

قوانين صحية مُلزمة لإنقاذ “جيل الحرب ” في اليمن

0
قوانين صحية مُلزمة لإنقاذ “جيل الحرب ” في اليمن
‏  6 دقائق للقراءة        1047    كلمة

في سبيل انقاذ جيل كامل من ملايين الأطفال، فإن على حكومة أي بلد سن قوانين تجيز إلزام العائلات والأسر تحصين أطفالها لأن الأمراض والأوبئة المعدية تهدد الصحة والسلامة العامة، ويبدو ذلك مفهوماً في ضوء المبدأ العام الحاكم للحقوق والحريات والذي يقول إن “حقوق الشخص وحرياته تقف عند حد الإضرار بالآخرين”.

عوافي/عبدالملك الجرموزي

لقد انقذت حملات التطعيم واللقاحات ما يقدر بنحو 293000 من الأطفال في اليمن خلال العقدين الماضيين، ومن المتوقع أن تنقذ اللقاحات حياة 74500 آخرين من خلال التطعيم بحلول عام 2025، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

إن “التردد التحصيني” الشائع في اليمن خلال سنوات الحرب الثمانية، رغم توافر اللقاحات التي تعتبر أحد أكثر تدابير الصحة العامة نجاحاً، سيفاقم مشاكل البلد الغارق بالأزمات والفقر ولن يكون بوسعه تحمل كارثة صحية بالإمكان تدارك كلفتها الباهضة.

قد يهمك..ارتفاع عدد سكان اليمن يدحض شائعات اللقاحات

لكن يبدو أن الإشاعات التي تبث المخاوف والقلق من التطعيم ولقاحات الأطفال، قد نجحت إلى حد ما في إعادة الروح لأمراض كان اليمن قد اعتقد أنها إرثاً من الماضي، بالتزامن مع عودة وتفشي مقلق لأمراض الطفولة الستة القاتلة.

وما يزال اليمن يعيش واحدةً من أكبر الأزمات الإنسانية في العصر الحديث؛ إذ تتكالب عليه الأمراض والأوبئة بالإضافة إلى الفقر والنزوح وسوء التغذية.

ويمكننا القول بأن القوانين التي شرعتها الدولة اليمنية في العقود الماضية، كان لها دور كبير في تمكن البلد الفقير من مواجهة أمراض خطرة كشلل الأطفال والحصبة، والانتصار عليها، لكن ومع تغير الوضع بدء من العام 2015 وتدهور القطاع الصحي والمعيشي الإنساني عادت تلك الأمراض مجدداً لتهدد حياة “جيل الحرب” الذين جاؤوا للحياة وسط ظروف بالغة الصعوبة حرمتهم من الحصول على قدر كافٍ من حقهم في الصحة والغذاء والتعليم.

التفشي المتسارع لهذه الأمراض، يوجب على سلطات الأمر الواقع في البلد، إعادة تفعيل القوانين الملزمة لها ولوزارة الصحة في عدن وصنعاء، بتنفيذ حملات تحصين واسعة تصل إلى كل القرى والمدن في كل اليمن، لتدارك الوقوع في كارثة صحية إنسانية قد لا يمكن السيطرة عليها لاحقاً، خاصة أن هناك حملات إشاعات مؤذية تجتهد في تخويف اليمنيين من اللقاحات وتلقى رواجاً بين أوساط العامة مع غياب غريب للتوعية التي تقع على عاتق وزارتي الصحة ومكاتب الصحة في عموم المحافظات.

وتؤكد المادة رقم (30) من الدستور اليمني مسؤولية الدولة حماية الأمومة والطفولة ورعاية النشء والشباب، وهي مسؤولية وطنية وإنسانية أخلاقية، من شأنها تأمين حاضر أطفال اليمن صحياً ويجعلها قادرة على الذهاب إلى المستقبل قوية ومتعافية.

ففي أزمنة الأوبئة، لا ينتشر الوباء فقط، ولكن تنتشر معه آفات وأوبئة تعادل خطورتها الوباء الأصلي، ومنها وباء الشائعات، التي تنتشر فتزيد الخوف والهلع من المرض، وتتكاثر فتحاول قتل كل فرصة للسيطرة على الوباء.

وتُعتبر اللقاحات من بين أعظم الإنجازات في الصحة والتنمية العالميين. فعلى امتداد أكثر من قرنين، عملت اللقاحات وبأمان على الحد من بلاء أمراض من قبيل شلل الأطفال والحصبة والجدري، وساعدت الأطفال على النماء أصحاء وسعداء.

وتؤكد اليونيسف أنه “بفضل جهود التحصين في جميع أنحاء العالم، تمكّن الأطفال من المشي واللعب والرقص والتعلّم. ويُظهر الأطفال المحصنون أداءً أفضل في المدارس، مما يحقق فوائد اقتصادية تصل تأثيراتها إلى مجتمعاتهم المحلية”.

قوانين صحية مُلزمة لإنقاذ "جيل الحرب " في اليمن

وتشير المنظمة الأممية إلى أنه وفي الوقت الحالي، “يُقدّر بأن اللقاحات هي من بين الوسائل الأكثر فاعلية للدفع بالرفاه العالمي، فهي تعمل كدرع واقٍ وتحافظ على سلامة الأسر والمجتمعات المحلية… رغم ذلك تتواصل المستويات المنخفضة من التحصين”.

ولأن التحصين هو أحد التدخلات الأكثر فاعلية في الصحة العامة، يوفر لكل طفل فرصة للنماء بصحة وتحقيق إمكاناته الكاملة، تبدو الحاجة ملحة إلى إعادة ثقة المجتمع اليمني به وباللقاحات، وهذا يتطلب استدعاء قانون الصحة العامة.

ينظم قانون الصحة العامة اليمني، في المادة رقم (8) مهام وزارة الصحة المتعلقة ببرامج وحملات التطعيم، ملزماً إياها بوضع برامج التطعيم وتنفيذها، والعمل على جودة ضمان جودة تلك التطعيمات والمحافظة عليها أثناء النقل والتخزين والاستخدام.

كما يلزم القانون وزارة الصحة بتطعيم المواليد والأطفال والنساء في سن الإنجاب مجانا، واتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع انتقال العدوى للآخرين من مستودع العدوى أو مصدر العدوى، وفرض التطعيم أو العلاج وغيره من الإجراءات اللازمة.

ومثلما الزم القانون الحكومة ووزارة الصحة العامة والسكان، ببرامج التحصين وتنفيذها، أكد في المادة الـ(9) أنه “يجب على والدي الطفل أو من يقوم برعايته الالتزام ببرامج التطعيم”.

اقرأ أيضاً..النمو السكاني في اليمن.. حقائق تثبت دور اللقاحات في حماية الأجيال

وحدد القانون رقم (45) لسنة 2022م بشأن حقوق الطفل، في مواده الـ( 72، 73 ، 74 ، 75، 76) ، إرشادات وخطوات الحصول على اللقاحات مع التشديد على الالتزام بها، كتقديم البطاقة الصحية عند كل فحص طبي للطفل في الوحدات الصحية أو مراكز رعاية الأمومة والطفولة أو غيرها من الجهات الطبية المختصة ، ويثبت فيها الطبيب المختص الحالة الصحية للطفل والتطعيمات والتحصينات التي أجريت للطفل وتواريخها وموعد عودته لأخذ الجرعات الأخرى.

ومن ضمن الإجراءات المطلوبة ” يجب تقديم صورة من البطاقة الصحية ضمن أوراق التحاق الطفل بالمدرسة في مراحل التعليم قبل الجامعي وتسجل فيها نتائج الفحص طوال مراحل التعليم وتحفظ في الملف المدرسي للطالب ، كما يجب تطعيم الطفل وتحصينه مجاناً في مكاتب الصحة والوحدات الصحية وفقاً للنظم والمواعيد التي تحددها وزارة الصحة العامة وذلك لوقايته من الأمراض المعدية والشائعة “.

وفي حين تقع مسؤولية توفير اللقاحات وتنفيذ برامج التطعيم على الحكومة ووزارة الصحة، من خلال كادر فني مؤهل مرخص له بمزاولة ذلك، يقع واجب تقديم الطفل للتطعيم والتحصين على عاتق والديه أو وصيه أو وليه أو الشخص الذي يكون الطفل في حضانته أو دور الرعاية الاجتماعية المعنية برعاية الأيتام.

أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “عدن الغد”