التطعيمات والتوحد.. مغالطات وحقائق تخطت الـ 21 عاماً

‏  5 دقائق للقراءة        814    كلمة

كذبة عمرها أزيد من 20 عاما، ربطت بين تطعيمات الأطفال ومرض التوحد، ورغم أنه تم دحضها وإثبات أنها “تزوير” لحقائق علمية، إلا أن تأثيرها السلبي لا يزال حاضراً بين أوساط الكثير من الأسر في مختلف بلدان العالم، واليمن من بينها.

عوافي/عبدالملك الجرموزي

تعرف منظمة الصحة العالمية التوحد بأنه مجموعة من الاضطرابات المعقدة في نمو الدماغ تعرف باسم اضطرابات طيف التوحد، ويتناول هذا المصطلح الشامل حالات من قبيل مرض التوحد واضطرابات التفكك في مرحلة الطفولة ومتلازمة أسبرغر (إحدى اضطرابات طيف التوحد يظهر المصابون بها صعوبة كبيرة في تفاعلهم الاجتماعي).

وأقرت المنظمة الأممية بأن البيانات الوبائية المتاحة أثبتت عدم وجود علاقة سببية بين اللقاح المضاد للحصبة والنكاف والحصبة الألمانية و بين التوحد.

قد يهمك .. تنامي زراعة القات تهديد للمخزون المائي في اليمن

وفي حين لم يظهر أي دليل علمي يشير إلى احتمالية أن يزيد أي لقاح للأطفال من مخاطر الإصابة بالتوحد، تؤكد اليونيسف بأن اللقاحات آمنة وفاعلة وهي منتجات تعطى لحماية الأطفال من أمراض خطيرة وأحياناٌ قد تكون فتاكة.

ووفقا للجنة العلمية لدراسة سلامة التطعيمات التابعة لمنظمة الصحة العالمية، فإنه وبناء على مراجعتها الأدلة بشأن هذا الزعم لا توجد علاقة بين التطعيم والإصابة بالتوحد.

ويؤكد أخصائي أمراض الأطفال الدكتور فؤاد مهيوب، عدم وجود أي علاقة بين لقاح الحصبة والحصبة الألمانية والنكاف وإصابة الأطفال بمرض التوحد.

معتبراً في تصريح لـ ذماراونلاين بأن الأخبار التي تربط بين تلك الأمراض والتوحد لا تعدو عن كونها شائعات لا تستند إلى أي أساس علمي”، ومنوهاً بأن مزاعم العلاقة بين اللقاحات والتوحد تعود إلى حقبة التسعينيات من القرن الفائت، بعد نشر مجلة طبية عالمية لدراسة ربطت بين لقاحات الأطفال ومرض التوحد، لكن لاحقاً تم اثبات كذب ما جاء في تلك الدراسة من مغالطات علمية.

بداية الشائعة ومصدرها

عام 1998 نشر الطبيب أندرو وكفيلد دراسة في المجلة الطبية البريطانية “لانسيت” شملت 12 طفلا مصابا بالتوحد، وزعم فيها أن المطعوم الثلاثي (MMR) الذي يعطى ضد الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية قد يؤدي إلى الإصابة بالتوحد.

بعد نشر الدراسة تم إجراء عدة مراجعات لها، وتبين أن المراجعون وصفوا البحث بـ” تزوير متقن”، وتم إجراء عدة أبحاث لاحقة، لكن لم ينجح أي منها في إثبات مزاعم وكفيلد.

عام 2010 سحبت مجلة لانسيت الدراسة، وفي ذات العام تم سحب ترخيص وكفيلد لممارسة الطب في المملكة المتحدة، وقد قرر المجلس الطبي البريطاني سحب ترخيص وكفيلد، مانحاً إياه فرصة التراجع عن نتائج بحثه والاعتراف بوجود إشكاليات، لكنه لم يفعل وتصرف بصورة غير صادقة وغير مسؤولة، وفق تقرير نشره موقع “الجزيرة نت”.

وفي 6 يناير/ كانون الثاني 2011، نشرت “المجلة الطبية البريطانية” تقريراً كتبه الصحفي البريطاني براين دير، الذي كان قد كشف عن عيوب في دراسة وكفيلد، وقد أعد تقريره بعد لقاءات مع آباء لأطفال شملتهم تلك الدراسة، ووجد أدلة على تحريف وايكفيلد معلومات وبيانات عن الأحوال الصحية لأولئك الأطفال، بحسب منصة “اندبندنت عربية”.

إقرأ أيضاً.. عودة مقلقة.. ارتفاع أعداد ضحايا الجدري في اليمن

الغريب أن معارضو التطعيم، لا يزالون يستخدمون دراسة وكفيلد الكاذبة رغم ثبات بطلانها علميا وصحياً، لدعم مزاعمهم التي كثيرا ما يتم تقديمها مع مزاعم بوجود “مؤامرة” من قبل جهات لا تريد للناس معرفة الحقيقة.

أصوات معارضة بدون أدلة علمية

يذكر أنه وفي ثمانينات القرن الفائت، أضيفت عدة لقاحات إلى برامج تطعيم الأطفال، وبالتزامن معها ظهرت أصوات تنتقد ذلك وتظهر قلقها بشأن قدرة اللقاحات الكثيرة على التسبّب في التوحّد، لكنها لم تُظهر دليل على وجود رابط بين التعرض إلى أنواع كثيرة من اللقاحات من جهة، وبين ظهور التوحّد من الناحية الأخرى.

وأنقذت حملات التطعيم واللقاحات نحو 300 ألف طفل يمني خلال العقدين الفائتين، ومن المتوقع أن تنقذ اللقاحات حياة 74500 آخرين عبر التطعيم بحلول عام 2025، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية التي أكدت مؤخراً أن اليمن يواجه حالياً مرض شلل الأطفال ، ضمن 4 فاشيات للأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات.

يأتي ذلك بعد أن كان اليمن قد تمكن من تحقيق العديد من الإنجازات الصحية الهامة أبرزها القضاء على شلل الأطفال البري من النمط الأول في العام 2006، غير أن عودة المرض في عام 2020 أدى إلى تصنيف اليمن ضمن 35 دولة تواجه حالياً مرض شلل، رغم ذلك إلا أنه بالإمكان تلافي الخطر الكامن وانقاذ جيل جديد من اليمنيين.

أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “ذمار أونلاين”