18.2 C
اليمن
Home Featured الكلور في محطات تنقية المياه.. أضرار وخيمة

الكلور في محطات تنقية المياه.. أضرار وخيمة

0
الكلور في محطات تنقية المياه.. أضرار وخيمة
‏  7 دقائق للقراءة        1227    كلمة

عوافي: جوري مرشد المعمري

فجأة صرخ محمد الصلوي ( 7 سنوات ) من الألم واضعا يديه على بطنه، وبينما كان والده يستعد لنقله إلى المركز الصحي القريب من منزله -في منطقة المطار شمال العاصمة صنعاء- كان الطفل قد بدأ بالتقيؤ المتكرر.

يقول والد الطفل الصلوي -الذي روى القصة لـ”عوافي “- بأن ابنه استمر في القيء طوال الطريق الى المركز الذي يبعد 2 كم عن المنزل، وبعد إجراء الفحوصات المخبرية أخبرهم الطبيب “أن الماء هو سبب المرض نتيجة ارتفاع نسبة الكلور المضافة إليه”.

يحرص الصلوي -الذي انتقل حديثا للعيش في حي المطار- على شراء مياه الشرب من محطات تنقية المياه الخاصة بالشرب التي انتشرت مؤخرا في شوارع وأحياء المدن اليمنية، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحصل على الماء من تلك المحطة.

 وبينما لم ينكر مالك المحطة أو يتهرب من المسؤولية عندما وعد الصلوي بالتحقق من الأمر ومعالجة المشكلة، رفض ثلاثة من مالكي محطات تنقية وبيع مياه الشرب في صنعاء التفاهم مع الأربعيني عبدالواسع الريفي الذي يعمل مدرسا لمادة الكيمياء في مدرسة خاصة عندما أخبرهم أن ” نسبة الكلور في الماء مرتفعة وتسبب أضرارا صحية للمستهلكين.”

عانى ثلاثة من أطفال الريفي من الغثيان وآلام في البطن ما اضطره لنقلهم إلى المستشفى الجمهوري بصنعاء، وهناك اثبتت الفحوصات المخبرية أن سبب المرض مادة الكلور، يقول -في حديثه لمنصة عوافي- بأنه يجهل مصدر مادة الكلور غير أن الطبيب رجح أن المصدر من مياه الشرب.

لقد تأكد الريفي أن الماء الذي يحصل عليه من المحطة هو مصدر الكلور بعد أن التقط عينات من مياه الشرب المحلاة وأرسلها للمختبر، لكن ذلك دفعه للبحث عن محطة تلتزم بمعايير تنقية المياه، وبعد إخضاع عينات من أربع محطات للاختبار أثبتت نتائج الفحوصات أن نسبة مادة الكلور مرتفعة مقارنة مع النسبة المسموح بها عالميا.

قد يهمك..تأثير التكنولوجيا على علاقة مكفوفي اليمن بـ “لغة برايل”

لم تنته قصة الريفي هنا.. لقد أفاد -في حديثه لمنصة عوافي- بأنه رفع شكوى إلى وزارتي الصحة والمياه بعد أن رفض مالكو المحطات تقبل شكواه وملاحظاته، مؤكدا أن لجانا رقابية نفذت نزولا ميدانيا إلى تلك المحطات ولم يعلم ماذا حدث بعدها.

الحد الأقصى لنسبة الكلور في الماء

تصبح المياه غير صالحة للشرب عندما تتجاوز نسبة الكلور 0.5 مليجرام لكل لتر، وفقا لنائب مدير مركز بني أسعد الطبي الدكتور خباب المقرمي، الذي أكد ان هذه النسبة هي المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية.

وأفاد المقرمي “طب عام” بأن هذه النسبة هي الحد الاقصى، بعدها تصبح المياه ضارة جدا وغير صالحة للشرب، موضحا أنه عند استخدام الكلور بطريقة غير سليمة لمعالجة وتنقية المياه -حيث يتم دمج المادة العضوية في الماء وهكذا- يؤدي إلى تشكل مركبات ثانوية، وصفها بأنها قد تصبح سامة.

وبحسب حديث المقرمي لمنصة “عوافي” فأن الاستمرار في استخدام هذه المياه قد تؤدي، على المدى البعيد، إلى الإصابة بسرطانات القولون والكلى والمستقيم والمثانة، مشيرا إلى أن دراسات وأبحاثا عالمية ربطت الإصابة ببعض الأمراض المسؤولة عن العقم بالإضافة إلى مشاكل صحية في جهاز المناعة بشرب الماء المكلور.

ويخضع المريض الذي أصيب بالتسمم المائي الناتج عن زيادة نسبة الكلور في الماء إلى تدخل طبي بحسب نسبة التسمم في الجسم، وفقا للدكتور المقرمي، الذي أفاد بأنهم يستخدمون السوائل الوريدية بالإضافة إلى بعض الأدوية الداعمة وشرب الكثير من السوائل، وقد يضطرون في الحالات الحرجة لاستخدام الأوكسجين.

وفي هذا السياق أظهرت نتائج دراسة جديدة نفذها علماء في جامعة جونز هوبكنز الأميركية، أن” إضافة الكلور إلى ماء الشرب يمكن أن يتحول إلى مادة سامة للجسم”.

وتفيد مجلة Environmental Science & Technology،التي نشرت الخبر بأن عملية القضاء على الفيروسات والبكتيريا المرضية عبر إضافة الكلور تؤدي إلى عواقب غير مرغوبة أبدا، ما يشير إلى ضرورة إعادة النظر بكمية الكلور المستخدمة في تعقيم الماء.

وبينت الدراسة أن خلط الكلور مع الفينولات “مركبات عضوية يتم تحضيرها من كلور وبنزين”، بالإضافة إلى بعض المكونات المنتشرة في الوسط المحيط وفي ماء الشرب تنتج عنه مواد عرضية بعضها يمكن أن تسبب مشكلات صحية لفترة طويلة، مفيدة بأن هذه النتائج التي حصل عليها العلماء لم تكن معروفة للعلم سابقا.

شروط تقنية فقط

لا تشترط هيئة المسطحات المائية -وهي الجهة الرسمية المسؤولة على منح تراخيص إنشاء المحطات- امتلاك الخبرة لمن يعمل في محطات تنقية وبيع مياه الشرب.

محطات تنقية المياه في صنعاء لا تشترط أي مؤهل أو خبرة لقبول العاملين لديهم، وفقا للأمين دبوان مالك إحدى المحطات، والذي أكد بأنهم يقومون بتدريب العاملين قبل مباشرتهم العمل، خاصة المشرفين على أجهزة تنقية المياه، وذلك من قبل مختصين “مهندسين وصحيين” لهم خبره في تنقية المياه.

وحول عملية تنقية ومعالجة المياه، يوضح دبوان أنهم يستخدمون الكلور ومواد أخرى مثل مانع الترسب والهوسان “مادة معقمة” بنسب دقيقة وبحسب كمية المياه المنتجة، حيث يتم استخدام 0.5مليجرام من الكلور لكل لتر ماء وكذلك استخدام مانع الترسب بكمية 200 مليجرام لكل 60 لترا، ويتم معالجة المياه عبر فلاتر عملاقة وجهاز الاوسوان من أجل تنقية المياه بشكل مناسب، حد قوله.

تلقى دبوان بعض الشكاوى من قبل المواطنين، وقال بأنهم تعاملوا معها بإيجابية لتلافي الأخطاء وجوانب القصور، فهيئة المسطحات المائية تقوم بإجراء حملات تفتيشية مفاجئة لفحص المياه بأجهزة خاصة، مشيرا إلى أن هذا الإجراء يتكرر أحيانا ثلاث مرات في الشهر.

إغلاق 650 محطة

أغلقت الهيئة العامة للمسطحات المائية ما يقارب 650 محطة معالجة وتنقية وبيع مياه الشرب في صنعاء خلال العامين الماضيين، وفقا للمهندس البيولوجي في الهيئة محمد الشامي.

وقال لمنصة “عوافي” أن عدد المحطات المرخص لها مايقارب3750 محطة في العاصمة صنعاء، مؤكدا أنان هناك شروطا، منها الصحية والتنقية، يجب تطبيقها قبل منح الترخيص، كأن يكون موقع المحطة بعيدا عن أي مصدر تلوث، إضافة إلى أن تكون نسبة تنقية المياه متناسبة مع الفلاتر، كما يشترط نظافة المعدات والخزانات والنظافة الشخصية للعاملين مثل لبس القفازات والكمامات أثناء الإنتاج.

وفيما يتعلق بالرقابة يفيد بأن هناك رقابة دورية من خلال النزول الميداني المفاجئ لمتابعة الاشتراطات الصحية والتقاط عينات مخبرية من مياه الشرب وفحصها بالمختبرات التابعة للهيئة.

وأكد الشامي أن الهيئة تتعامل مع المخالفين بعد التأكد من عدم سلامة المياه عبر عدة مراحل، ابتداء بتوجيه إشعار إلى مالك المحطة، وإخضاع الأجهزة لعملية تنظيف وتعقيم تحت إشراف مهندس من قبل هيئة الموارد المائية ومن ثم يتم تنفيذ جولات ميدانية تفتيشية بعد يومين لأخذ عينة وفحصها في المختبر المركزي للهيئة العامة للموارد المائية، ليتم إغلاق المحطة نهائيا في حال ثبت استمرار تلوث المياه.

ورغم تأكيدات الشامي وعدد من مالكي المحطات حول نزول اللجان الرقابية بشكل منتظم إلى المحطات، أفاد عدد من مالكي محطات أخرى لمنصة “عوافي” بان اللجان تغيب أحيانا لأكثر من ستة أشهر.

إنها فترة طويلة، وفقا لعبدالواسع الريفي، يستهين خلالها القائمون على بعض المحطات بالشروط والمعايير لتصبح حياة المواطنين في خطر نتيجة استخدام الكلور بطريقة ونسب غير سليمة مثلما حدث لأطفاله الثلاثة.

اخترنا لك..يمنيون.. بالصدفة اكتشفوا إصابتهم ب “الإيدز”