17.2 C
اليمن
Home Featured الوصمة المجتمعية وسلوك الأهل يعيقان علاج المرضى النفسيين

الوصمة المجتمعية وسلوك الأهل يعيقان علاج المرضى النفسيين

0
الوصمة المجتمعية وسلوك الأهل يعيقان علاج المرضى النفسيين
‏  7 دقائق للقراءة        1309    كلمة

“ليس عيباً أن يصاب الشخص بمرض نفسي بل العيب ألّا يحصل المريض على الرعاية الطبية اللازمة “.. بهذه الجملة بدأ أخصائي الأمراض النفسية الدكتور قاسم المقطري حديثه لـ منصة عوافي.

الدكتور المقطري أوضح أن حوالي 30% من المرضى الذين يزورون العيادات للعلاج من الأمراض الصدرية أو لأي سبب آخر طبي باطني هم مرضى نفسيون، مبينا دور الأسرة في علاج المريض النفسي سلباً وإيجاباً.

وحذر من بعض السلوكيات المجتمعية التي تساهم في إصابة البعض بالأمراض النفسية أو تعمل على تفاقم الحالة مثل تأثير “القات والشمَّة” على المريض.

حوار : محمد غبسي

هل يوجد تداخل ما بين الأمراض النفسية والجسدية؟

نعم.. ولذلك فإن ما يقارب 30% من الأمراض الذين يزورون العيادات الخارجية للعلاج من الأمراض الصدرية أو لأي سبب آخر طبي باطني أو غيره يتضح بعد الفحص أن السبب الرئيسي مرض نفسي.

وهكذا ينتقل الشخص من عيادة إلى عيادة ويتناول كثيراً من العلاجات لأمراض أخرى شخصت بطريقة خاطئة على أنها مرض باطني بينما هي مرض نفسي والسبب أن المرض النفسي قد يتقمص شخصية مرض باطني إن جاز التعبير.

وكيف يمكن للطبيب العام التمييز بينهما؟

هناك مرض نفسي مثير للجدل يسمى “الجسدنة”، وأطلقت عليه هذه التسمية لأن أعراضه تكون باطنية ولكن مع التحري يتضح أنها لا ينطبق على أي مرض باطني.

ويعيش بعض المرضى غارقا في هواجس الإصابة بمرض خطير رغم أن نتائج الفحوصات تؤكد أنه خالٍ من الأمراض التي يخاف منها ومن هنا جاء مصطلح جديد “Illnes Anxity Disorder” أي “قلق الإصابة بمرض عضوي” .

ما هي أبرز المعيقات التي تواجه المريض النفسي أثناء مرحلة علاجه؟

الإدمان المتعارف عليها محليا بـ “الولعة” فمثلاً المريض بالفصام العقلي لا يستطيع التوقف عن الإدمان على شيء قد يكون ضارا مثل “القات والشمة والدخان”، ويصبح إدمانه مفرطا كأن يتعاطى “القات” من المساء حتى الصباح، وهناك من ينام النهار ويمضغ “القات” طوال الليل.

أيضاً الإدمان الشديد وعدم استجابة المريض لأي نصائح بالتخفيف يجعل عائلته تصاب باليأس من إمكانية علاجه، بالإضافة إلى استنزاف ميزانيتها في توفير الرعاية للمريض وتوفير” الولعة” سواء “القات” أو السجائر وغيرها.

إضافة لاعتقادات المريض غير السليمة كأن يعتقد بأن ما أصابه هو عقاب من الله أو نتيجة لعين أو سحر، وبالتالي يصبح من الصعوبة إقناعه بأن هذا مرض ويمكن علاجه بمساعدة الطبيب المختص.

كيف يؤثر “القات والشمة والدخان” على حالة المريض النفسي؟

يلعب “القات” الذي هو “من المواد المخدرة والتي تسمى الامفيتامينات” دوراً رئيسياً عند البعض في استمرار المرض وعودته فمثلا تحت الضغوط الأسرية والتجارب الأسرية يجبر المريض على ترك القات لعدة أشهر وتتحسن حالته، وبعد ذلك يعود لتعاطي القات، وخلال يوم أو يومين من السهر مع تعاطي القات تسوء حالته من جديد.. وتعود إلى ما كانت عليه بل -أحيانا- أشد.

قد يهمك..الكشف عن أكثر الأمراض النفسية شيوعاً في اليمن بسبب الحرب

مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية بين إرادة مريض وآخر.. فبعض الحالات يكفي أن يتوقف المريض عن القات والدخان حتى يتحسن بدون علاجات والبعض يحتاج علاجا ولكن بجرعات قليلة.

كذلك يعتبر “الدخان والشمة” والمشروبات والمنبهات من المواد المخدرة ولكنها أقل تأثيرا من “القات” وهي تساعد على استمرار المرض ويحتاج المريض إلى زيادة جرعة الدواء ليتحسن.

هل لا يزال في اليمن من يؤمن بالسحر والشعوذة لعلاج المصابين بالأمراض النفسية؟

بالرغم من أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين إلا أننا لا زلنا للأسف نرى الكثير من الخرافات وخاصة في الجوانب النفسية مثل “العين والسحر والمس” وغيرها، وأنا أنصح المواطنين بعدم التعامل مع المشعوذين، وأنصحهم بعرض مرضاهم على الأخصائيين النفسيين في أسرع وقت لكي يحصلوا على الاستشارة الطبية الدقيقة والعلاج المناسب في وقت مبكر حتى لا يهدروا وقتهم ومالهم في التنقل بين المشعوذين والمعالجين الشعبيين الذين لا علاقة لهم بالطب.

كما يجب ألا يترك المريض بدون علاج، فكلما طالت فترة المرض بدون الحصول على الرعاية الطبية المناسبة، يصبح بحاجة إلى فترة طويلة في العلاج حتى يحصل على الشفاء قد يستمر سنوات.. بينما لو حصل على الرعاية الطبية مبكرا فربما لن تستمر فترة العلاج أسابيع أو أشهر.

هل يتعرض الطبيب النفسي إلى وصمة مجتمعية أيضا؟

اليمنيين يتعاملون مع الطبيب النفسي كما يتعاملون مع الأطباء الآخرين، فقط أحيانا ممكن يطلقون عليه “طبيب المجانين أو دكتور المجانين” ومثل هذه التسمية التي تعد وصمة قد تجعل المرضى يعزفون عن زيارته حتى لا يتم وصمهم بـ “المجانين” أو فاقدي الأهلية العقلية.

هل هناك إشارات على أن المرض قد يعود مجدداً لمن سبق أن تعافى منه؟

أود الإشارة إلى أن علاج المرض النفسي (العقلي وإدمان المخدرات والاضطرابات السلوكية) “يعتمد على شقين: أحدهما سلوكي والثاني دوائي، أما السلوكي فيتم علاجه من خلال عقد جلسات لتبديد الفكر السلبي لدى المريض بأفكار أكثر ايجابية.

اخترنا لك..“البونص” يتلاعب بأسعار الأدوية وصحة المواطن، وحلول “الصحة ” مكانك سر

والإنسان المتعافي أو الذي عنده تاريخ مرضي فصام أو ثنائي القطب.. نقصد به اكتئاب ونقاهة ثم هوس، مثل هؤلاء نشدد عليهم بضرورة اتباع التعليمات والالتزام بخطة العلاج حتى لا يتعرضوا لانتكاسة، فيكون المريض على معرفة بأن حالته تتدهور، مثلا إذا توقف عن تناول العلاج أو قلل من الكمية المطلوبة، أو مثلا عاد لبعض السلوكيات مثل تناول “القات” والسهر ليلتين متواصلتين.

 كيف يجب أن تتعامل الأسرة مع المريض النفسي؟

يجب على الأسرة أن تستوعب المريض وأن تعامل الحالة وفقا لتوجيهات الطبيب النفسي، فمثلا بعض المرضى يكون لديهم وهمٌ بأن أحد أفراد الأسرة قد يسعى لقتله أو لوضع السم له في الطعام.

وقد يصل الأمر ببعض المرضى إلى الاعتداء على بعض أفراد الأسرة، بيد أن أخطر هذه الأمراض هو هوس “العفة والشرف” الذي قد يؤدي إلى جريمة القتل بدم بارد عندما يتحول سلوك الزوجة إلى مصدر هوس لدى زوجها ويشكك بكل تصرفاتها ويربطها بـ “الخيانة”، وهنا يجب التعامل مع المريض بحكمة وألا تأتي ردة الفعل عنيفة، ويتوجب عليهم استشارة الطبيب الذي سيقدم لهم نصائح وفق مستوى الحالة المرضية.

ما هي السلوكيات التي قد يقوم بها الأهل وتنعكس سلبا على المريض؟

بالتأكيد هناك سلوكيات قد تساهم في تدهور الحالة الصحية للمريض، خاصة عندما يكون المريض يعاني من الفصام العقلي والذهان الوجداني، فمجرد محاولة الأهل إقناع المريض بأن ما يعتقده ليست سوى شكوك وأوهام غير صحيحة وأنها ناتجة عن إصابته بمرض نفسي.. وبذلك يكونوا قد ساهموا في تفاقم حالته، لذا يتوجب عليهم في حال كان الشخص يعاني من أوهام ولا يصدق من حوله؛ عرضه على الطبيب بدلاً من محاولة إقناعه، فالأوهام والشكوك بالنسبة للمريض هي اعتقادات غير قابلة للتشكيك، ولن تزول إلا بالعلاج، وبالعلاج وحده ستتحسن حالته، وبعد تحسنها بنسبة كبيرة يمكن البدء بتقبل محاولات الإقناع.

هل هناك أضرار قد يتركها العلاج على المريض.. وما هي؟

بالتأكيد يؤثر العلاج على المريض خاصة مع الجرعات الكبيرة والاستمرار في تعاطي “القات”، فقد يتسبب في زيادة الوزن وظهور مرض السكر أو عدم القدرة على التحكم في علاجه، فضلا عن ظهور مضاعفات أخرى كالضعف الجنسي.

متى يتوقف المريض عن تعاطي العلاج؟

عندما يبدأ المريض بالتحسن يقوم الطبيب بتقليل العلاج بشكل تدريجي حتى يشفى تماماً، وفي حال ساءت حالته مجددا سيقرر الطبيب علاجه وفق الجدول السابق وبحسب حالته.

اخترنا لك..أكثر من 60% زيادة وفيات كورونا في اليمن خلال سبتمبر