لبأ الأمهات.. أفضل بداية ممكنة لحياة الطفل

‏  5 دقائق للقراءة        865    كلمة

في ظروف الحرب والنزوح والأوبئة، بإمكان حليب الأم أن يمد الرضيع بأسباب الحياة من غذاء وماء.. القليل من هذا الحليب باستطاعته حماية الطفل من تحديات ومخاطر صحية كبيرة.

عوافي/ عبدالملك الجرموزي

وثمة معتقد خاطئ عند بعض الأمهات والأسر، حول حليب الأم بعد الولادة “اللبأ”، وأنه يشكل خطرا على صحة الوليد، ونقول معتقد خاطئ لأنه لا يستند على أي دليل علمي، بل على العكس تماما تؤكد منظمات الصحة الدولية وخبراء تغذية في كل العالم على ضرورته لصحة الرضيع الآنية والمستقبلية.

وتوصي منظمتي الصحة العالمية واليونيسف بالتبكير بتوفير الرضاعة الطبيعية، أي في غضون ساعة واحدة بعد الميلاد، لأنه “يسهم في حماية الرضّع من اكتساب العدوى وخفض معدلات وفاتهم. ويمكن أن ترتفع مخاطر الوفاة جرّاء الإسهال وغيره من العدوى بين الرضّع الذين لا يستفيدون من الرضاعة الطبيعية إلاّ جزئياً أو لا يستفيدون منها على الإطلاق”.

قد يهمك .. أطفال اليمن ضحايا شائعات خطيرة عن اللقاحات الفموية

وتؤكد أخصائية طب النساء والولادة، الدكتورة هدى عبدالله، أن “حليب الأم مهم في مراحل تكوّنه المختلفة”، مبينة بأن ” أولى هذه المراحل هي اللبأ، في أول يومين، حيث يكون قليل الكمية وثقيلًا ولونه أصفر”.

وأوضحت عبدالله لـ”عوافي” أن “اللبأ يتكون من نسبة عالية من البروتين، الدهون، الماغنيسيوم، الكربوهيدرات، فيتامين (أ)، فيتامين (ب)، فيتامين (ج)، كما أن من مكوناته الهامة، اللاكتوفيرين (عنصر بروتيني يساعد على تعزيز مناعة الجسم وحمايته من الأمراض)، وخلايا الدم البيضاء(الأجسام المضادة المعززة للجهاز المناعي)،والبيتا كاروتين (المانح لون اللبأ المائل للأصفر، وغني بالعناصر المعدنية (الصوديوم، البوتاسيوم، الكلوريد)”.

وأضافت “الحليب المؤقت يكون خلال الفترة من 3-14 يومًا، ويتميز بلونه الأبيض المصفر، ويكون عالي الدهون، واللاكتوز والفيتامينات، كما أنه عالي السعرات”، مضيفة “أما المرحلة الثالثة، وهي الحليب الناضج، فأوضحت أنها تكون بعد 14 يومًا، وخلالها يكون لون الحليب أبيض وبه 90% ماء لمنع الجفاف، و10% دهون وبروتين للنمو”.

الفرق بين الموت والحياة

تذهب منظمة اليونيسف إلى التأكيد على أن للملامسة الجسدية بعد الولادة على الفور وحتى نهاية الرضعة الطبيعية الأولى فوائد أخرى كثيرة أيضاً, فقد تبيّن أنها تزيد من فرص إرضاع المواليد طبيعياً وإطالة زمن الرضاعة، فضلاً عن زيادة معدّلات الرضاعة الطبيعية الحصرية.

وتشير المنظمة الأممية المعنية بصحة الأطفال حول العالم، إلى أن إعطاء المواليد الجدد سوائل أو أغذية غير حليب الأم خلال الأيام الأولى من حياتهم أمرٌ شائعٌ في الكثير من أنحاء العالم، وهو يرتبط على الأغلب بالأعراف الثقافية أو الممارسات الأسرية أو سياسات المستشفيات أو إجراءاتٍ لا تستند إلى أدلة علمية.

وتضيف ” وتختلف هذه الممارسات بحسب البلد، وقد تتضمن التخلّص من اللبأ، وهو أول حليب يخرج من صدر الأم بعد الولادة ويكون غنياً بالأجسام المضادة، أو إعطاء أحد الأطباء أو كبار الأسرة للوليد سوائل أو أغذية محدّدة، كالحليب الصناعي أو الماء والسكر أو العسل؛ حيث يمكن أن يؤخر ذلك التواصلَ الأول شديد الأهمية بين الوليد وأمّه”.

وتمنح الرضاعة الطبيعية الأطفال أفضل بداية ممكنة في الحياة، وفي تصريح سابق نشره موقع المنظمة الأممية، قالت هنرييتا فور، المديرة التنفيذية لليونيسف: “عندما يتعلق الأمر ببدء الرضاعة الطبيعية، فالتوقيت هو العنصر الأهم؛ بل هو الفرق بين الموت أو الحياة في العديد من البلدان”.

إقرأ أيضاً.. التطعيم أول جدار مناعي لحماية الأطفال

واستدركت” ومع ذلك، فملايين المواليد الجدد تفوتهم كل عام فوائد الرضاعة الطبيعية المبكرة، لأسباب بمقدورنا تغييرها في الغالب, والحقيقة المؤسفة هي أن الأمهات لا يتلقين الدعم الكافي للرضاعة الطبيعية خلال تلك الدقائق الأولى الحاسمة بعد الولادة، حتى من قبل العاملين في المرافق الصحية”.

عوامل بيئية وفردية

وفقاً للاستراتيجية الوطنية اليمنية للتغيير الاجتماعي والسلوكي في التغذية 2018 – 2021، التي أعدتها وأنجزتها وزارة الصحة اليمنية ومنظمة اليونيسف بمساعدة داعمين دوليين، هناك عدة أنواع من العوائق أو الأسباب التي تؤخر الشروع المبكر للرضاعة الطبيعية في اليمن، من بينها العوامل البيئية وعوامل الوصول (الافتقار إلى المشورة في الوقت المناسب، ونقص الدعم الاجتماعي، والافتقار إلى رعاية ما قبل الولادة، وتوافر بديل لحليب الحديث بسبب التبرعات).

كما أن هناك عوامل فردية كـ(تعب الأم، والمرض بعد الولادة، وعدم الثقة بالنفس) والتقاليد والمعتقدات (الخوف من إيذاء الطفل من حليب اللبأ، وتقاليد إعطاء قطرات من حليب البقر لجعل الطفل قويا، والاعتقاد بأن الطفل لا يمكنه تحمل الثدي على الفور والاعتقاد بأن الأم يجب أن تنتظر وتستريح لتتأكد من أن حليبها سيكون جيداً ووفيراً)، وبالإضافة إلى ذلك فإن الضغط الاجتماعي لا يشجع الأم على بدء ممارسات التغذية الأمثل للرُضع.

تتمثل العوامل التي تساعد على الشروع المبكر بالرضاعة الطبيعية في الحصول على الدعم الاجتماعي ودعم الموظفين الصحيين وأن تكون الأم واثقة بأن الطفل يحتاج إلى الرضاعة الطبيعية على الفور، وإدراك الموافقة من الأقارب أيضاً، ويعد الحصول على المعلومات أيضاً عاملاً رئيسياً محدداً في تغيير السلوك.

انتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز Internews ضمن مشروع Rooted In Trust في اليمن