5 دقائق للقراءة 892 كلمة
عوافي/ دعاء المطري
فقد الطفل سعيد مقبل ،7 أعوام، القدرة على الكلام بعد أن تعرض لصدمة كبيرة وهو يشاهد والدته تسقط على الأرض إثر إصابتها في تبادل إطلاق نار بين جيرانهم ، ورغم أنها تماثلت للشفاء لاحقا إلا أن الطفل ظل لفترة طويلة غير قادر على الحديث.
يقول حسين الرداعي، خال مقبل، الذي روى القصة لمنصة (عوافي) أنهم عرضوا الطفل على عدد من أطباء الأطفال في مدينة إب ، وسط اليمن، مشيرا إلى أن جميع الأطباء أكدوا سلامته عضويا ، ما اضطرهم لنقل الطفل إلى مدينة صنعاء للعلاج.
في صنعاء اقترح عليهم أحد الأقارب عرضه على طبيب نفسي، ورغم ممانعة والد الطفل إلا أن طول فترة المرض وعدم تحسن الطفل جعله يذعن، وفقا للرداعي، وبعد ثلاث جلسات عند أخصائي نفسي تحسن مقبل وبدأ باستعادة قدرته على الكلام تدريجيا.
وفي هذا السياق وضحت أخصائية الطب النفسي بمستشفى الحوبان بمحافظة تعز وسط اليمن نورية ناجي زيد أن الأمراض النفسية عند الأطفال هي اضطراب في التطور المناسب للعمر، سواء كان في التفكير أو السلوكيات أو المهارات، أو العواطف، مؤكدة أن هذه الاضطرابات تؤثر على نمو الطفل ونشاطه في المدرسة أو في المنزل أو في المواقف الاجتماعية.
قد يهمك .. الأمراض الأكثر انتشارا في موسم الأمطار
وبحسب حديث زيد لمنصة (عوافي) تختلف الأسباب ما بين أسباب عضوية أي في الجهاز العصبي عند الطفل، أو أسباب بيئية من الواقع والبيئة المحيطة بالأطفال مثل الأسرة أو تعرض الطفل لمواقف صادمة خلال فترة الحروب والمنازعات.
ومن أهم الأعراض الحزن المستمر “يتجاوز الأسبوعين“ والعزلة ومحاولة إيذاء النفس ، وفقا للطبيبة زيد كما أن التحدث عن الموت والانتحار، هيجان مع سهولة استثارته وعصابيته، كثرة الحركة والكلام، تغير في المزاج، فقدان الوزن نتيجة لقلة الأكل، بالإضافة إلى صعوبة في التركيز، الأداء المدرسي السيء، السلوك الخارج عن السيطرة، التصرفات غير الطبيعية مثل القفز من فوق مكان مرتفع، جميعها من أعراض الاضطرابات عند الأطفال.
التشخيص مراحل
للتأكد من حالة الطفل من الضروري أن يخضع لتشخيص طبي متكامل ، مع مراعاة التاريخ العائلي الطبي للمرض، ومن ثم يتم الكشف عن الإصابات الجسدية لمعرفة ما إذا كان قد تعرض للضرب ، مثلا ، أو مر بصدمات عاطفية كانفصال الأبوين أو موت شخص عزيز عليه.
وتعد مقابلة الوالدين المرحلة الأخيرة من التشخيص، وهي من أهم مراحل العلاج للإلمام بالمرض والتشخيص السليم ، تبدأ بمعرفة الأعراض التي يشتكي منها الأب والأم، وكيف تأثير هذه الأعراض على الطفل، إلى جانب حضور الوالدين مع الطفل، لكي يشعر الطفل بالأمان ولا يشعر بالتشتت، حد وصفها.
العلاج أيضا يمر بمرحلتين ، وفقا لـ زيد ، المرحلة الأولى علاج سلوكي نفسي، يبدأ بالحوار مع الطفل ومعرفة مشاكله وكيفيه حلها، مبينة بأن الأطفال أكثر استفادة وتطبيقا للعلاج السلوكي، ومع هذا قد يحدث نادرا أن لا يتقبل الطفل العلاج السلوكي فيلجأ الأطباء للمرحلة الثانية المتمثلة بأدوية “كمضادات القلق، الذهان، والاكتئاب.
عوائق متعددة
تعاني اليمن من شحة في عدد الأطباء والأخصائيين النفسيين، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف العلاج خاصة في ظل تدهور الوضع الاقتصادي، وأشارت الطبيبة زيد إلى أن قصور فهم واستيعاب الأسرة، من أهم العوائق، إذ تعتقد بعض الأسر بأن تصرفات أطفالهم طبيعية وأنها مع الوقت ستتحسن.
النظرة المجتمعية أيضا تدفع بعض الأسر الى عدم التعاون مع الأطباء خوفا من الوصمة المجتمعية، بالإضافة إلى تجاهل بعض المدارس لظروف الأطفال ذوي الاضطرابات العقلية ويتم التعامل معهم بطريقة عكسية كالعقاب والتنمر بدل معالجته عند الأخصائية الاجتماعية في المدرسة واحتوائه.
الصدمات والتدخلات المطلوبة
تصف رئيسة الوحدة النفسية بمستشفى الرسالة الدكتورة منيرة النمر المرض النفسي بأنه إعاقة في التفاعل مع المواقف الاجتماعية المختلفة تؤدي إلى تدهور اجتماعي وظيفي بشكل كبير.
وتحدثت عن أبرز الأمراض النفسية الشائعة للأطفال مؤخرا، قائلة انتشر قلق الانفصال بسبب بدء المدارس خصوصاً الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 5_6 سنوات حيث تصل إلى 6 حالات في الأسبوع، والسبب يعود إلى شعور الطفل بالخوف من ترك والدته، والشعور بأنه سيبقى وحيدا.
تذكر النمر قصة علاج طفل في الخامسة من العمر تناقشه الدكتورة عن أسباب خوفه أجاب “أخاف أن تموت أمي وأنا في المدرسة أو تتعرض لأي خطر وهذا ما يسبب انعدام التركيز الدراسي عنده بالإضافة إلى ضعف الثراء اللغوي.
وأفادت في تصريح لمنصة (عوافي) بأن الصدمات النفسية، واحدة من الأسباب وهذه تأتي نتيجة الحروب والحوادث فتظهر آثارها عند الأطفال بشكل كبير، مثل التدهور الدراسي وسلوكيات يعود لها بعد أن كان قد تخطاها مثل التبول في ملابسه وقضم الأظافر.
وأضافت النمر أن العلاج لمثل هذه الحالات يكون بعلاج نفسي سلوكي متدرج على سبيل المثال علاج “ الخوف من الأنفصال“ يكون بحوار وتوجيه سلوكي مع جدول التعزيز المتقطع وهو عبارة تمارين تشجيعية تساعده على ترك والدته، بالإضافة إلى الدور الهام للمدرسة بشكل عام والمعلمة بشكل خاص وذلك من خلال سلوكيات تعزيزية كأن يكون مكانه في المقاعد الأولى، أو أن تجعل زملاءه يصفقوا له ليشعر بالأمان.
وتوصي الأخصائيتان زيد والنمر بضرورة نشر التوعية الخاصة بالاضطرابات النفسية عند الأطفال بحيث يتم تشخيص الحالات مبكراً لعمل حل مبكر، لأنه كلما تأخر الطفل بالعلاج والتشخيص كلما زادت حالته سوءا، وكذلك تجنب تفاقم حالة المرض وتعرض الطفل لمضاعفات تؤثر على حياته ودراسته.
اخترنا لك .. الأمراض الأكثر انتشارا في موسم الأمطار