الأسباب الحقيقية لإصابة الأطفال بالأمراض العقلية في اليمن

الأسباب الحقيقية لإصابة الأطفال بالأمراض العقلية في اليمن
‏  5 دقائق للقراءة        920    كلمة

احتاج مصلح الفقيه ،43 عاما، لنصف دقيقة من البحث في ذراعه الأيمن ليصل إلى ندبة صغيرة لا تكاد ترى، هي كل ما تركه اللقاح الذي حصل عليه قبل أربعين سنة تقريبا.

عوافي/ نجود مرشد

يقول الفقيه ,لذمار نيوز, أن جميع أبناء جيله في قرية ذمران يحملون ندبات مشابهة، فقد عرفت قرية ذمران في محافظة إب وسط اليمن، لقاحات الأطفال لأول مرة في نهاية السبعينيات من القرن الماضي واعتاد الأهالي على تطعيم أطفالهم كسلوك ثابت حتى الآن.

وأكد أن القرية التي يتجاوز سكانها ألفي شخص لم تسجل ،منذ ذلك الحين، أي إصابات عقلية بين أطفالها على خلفية اللقاحات وقال “لم أسمع طوال حياتي بأن للقاحات تأثيرات على عقلية الطفل”.

قد يهمك..اعتقادات خاطئة تساهم في انتشار سرطان الثدي

وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد تناقلت شائعات حول تأثيرات لقاحات الأطفال على الجاني النفسي والعقلي عند الأطفال الذين يحصلون على اللقاحات التقليدية دون أن تبين هذه الشائعات أي حقائق أو معلومات مستندة على دراسات وأبحاث تؤيد ادعائها.

وفي هذا السياق ينفي مدير مستشفى السعادة للصحة النفسية استشاري الإرشاد والعلاج النفسي الدكتور محمد عامر وجود أي علاقة أو ارتباط بين اللقاحات والصحة العقلية والنفسية عند الأطفال، مؤكدا أن ما يتناقله البعض حول هذه الجزئية مجرد شائعات.

وأوضح الدكتور عامر في حديثه ,لذمار نيوز, أن التخلّف العقلي مشكلة صحية مرتبطة في نسبة الذكاء عند الطفل، فبحسب المعايير الصحية تكون نسبة الذكاء أقل من 70 درجة، وأوضح أن التخلف العقلي عند الطفل يحدث نتيجة عدة أسباب مثل متلازمة داون، صغر حجم الرأس، التعرض لصدمات، الضغط على رأس الطفل أثناء الولادة.

وأضاف “أحيانا بعض الحميات التي تؤدي إلى التهاب السحايا وغيرها قد تسبب مثل هذه الإصابات” مؤكدا أن اللقاحات وجدت من أجل حماية الإنسان، وأي حديث عن علاقتها بإصابات الأطفال بمشاكل عقلية مجرد شائعات غير صحيحة.

 الشائعات ومستوى الوعي

الأمر لا يقتصر على المشاكل العقلية فقط، لقد تناولت الشائعات اللقاحات بشكل واسع من جوانب مختلفة، بحسب الدكتور عامر، الذي أوضح أن الشائعات تناولت لقاحات شلل الأطفال مؤخرا ما دفع بعض الأهالي لعدم تلقيح أطفالهم، فكانت النتيجة أن أصيب الكثير من الأطفال بالمرض وأودى الفيروس بحياة العديد منهم.

وأرجع انتشار ورواج مثل هذه الشائعات إلى تدني مستوى الوعي الصحي عند بعض الشرائح التي سرعان ما تتعامل معها خاصة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي التي وفرت الانتشار الواسع لأي معلومة أو شائعة دون التأكد من صحتها.

وطالب بضرورة إدخال الثقافة الصحية في المناهج الدراسية ابتداء من الصفوف الأولى وذلك لترسيخ المعلومات السليمة في ذهن الأجيال القادمة وتحصينهم ضد الشائعات.

كما شدد على أهمية دور السلطات في تعزيز وعي المواطن بأهمية اللقاحات ودورها في حماية الناس من الأمراض، وقال “يجب أن تتبنى الدولة موقفا علميا مدروسا تنفذه أكثر من جهة مثل وسائل الإعلام وقطاع الإرشاد وخطباء الجوامع ووزارة الصحة, مبينا بأن تبني هذه الجهات ومشاركتها بالخطاب التوعوي سيحد من تأثير الشائعات في المجتمع.

وسائل مأمونة

أوضح استشاري الأطفال وحديثي الولادة في مستشفى الكويت الجامعي بأمانة العاصمة الدكتور محمد عبده عقلان أن اللقاحات VACCINES  وسيلة لجعل الجسم على استعداد لمحاربة حالات معينة من العدوى، ولكنها لا تكافح العدوى بعد حدوث المرض كما تفعل الأدوية.

الأسباب الحقيقية لإصابة الأطفال بالأمراض العقلية في اليمن

وأكد الدكتور عقلان -في تصريح لذمار نيوز- أن اللقاحات تعزز من الصحة العقلية من خلال حماية الأطفال من الأمراض المزمنة والأمراض التي قد تؤثر على الجانب العقلي عند الطفل، منوها بأن اللقاحات تساهم في التقليل من مضاعفات العدوى سواءً كانت عضوية أو عقلية أو نفسية.

و قال “لا توجد إثباتات علمية تقول أن اللقاح يؤثر على الصحة الذهنية أو العقلية”.

ووفقاً للدكتور عقلان تساعد اللقاحات في حماية الأطفال واليافعين من أمراض خطيرة.. بعضها فتاك، كما تقلل من خطر إصابة الطفل بالعدوى، مشيرا إلى أن الأطفال الذين لا يحصلون على اللقاحات أكثر عرضة من غيرهم لمخاطر الإصابة بالأمراض أو الوفاة بسبب العدوى.

اليمن في الصدارة

رغم تأكيدات منظمة اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية على مأمونية اللقاحات التي يحصل عليها الأطفال في العالم ومنهم الأطفال اليمنيين إلا أن مؤشر الأطفال الذين لم يحصلوا على اللقاحات خلال الثلاث السنوات الأخيرة ارتفع في اليمن بشكل كبير.

اقرأ أيضاً..أهمية الرضاعة الطبيعية لصحة الطفل وبناء مناعته

وأعلن مدير المناصرة للتطعيم في قسم الاتصالات العالمية لدى اليونيسف عماد عون، بأن اليمن وسوريا والعراق تصدرت الدول العربية في تراجع نسبة الأطفال الذين لم يحصلوا على اللقاحات لعدة أسباب منها الأوضاع التي تعيشها البلدان الثلاثة بسبب الصراع وانتشار المعلومات المضللة.

وقال في تقرير نشر على موقع اليونيسف “نرى أن هناك معلومات خاطئة ومضللة عبر الإنترنت”, مطالبا الآباء الذين لديهم أي أسئلة أن يستشيروا الطواقم الطبية الموجودة حولهم للحصول على بيانات مثبتة وعلمية.

وتخضع جميع اللقاحات إلى اختبارات مشددة للتأكد من أنها مأمونة، بما في ذلك تجارب سريرية، وذلك قبل الموافقة على استخدامها من قبل الجمهور، ولا تُسجِّل البلدان أو توزع سوى اللقاحات التي تلبي معايير مشددة للجودة والأمان.

وبحسب عون فقد وأثبتت هذه اللقاحات فعاليتها على مر الزمن، “فالحصبة وشلل الأطفال والكزاز جميعها أمراض مرت علينا منذ فترة طويلة واستطعنا تخطيها بسبب اللقاحات”.

أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “ذمار أونلاين”