تدني الوعي واختلاف الأسباب يفاقم تكرار الالتهابات البولية عند اليمنيات

تدني الوعي واختلاف الأسباب يفاقم تكرار الالتهابات البولية عند اليمنيات
‏  5 دقائق للقراءة        947    كلمة

دخلت العشرينية فاطمة عبدالله، اسم مستعار، إلى عيادة استشاري جراحة المناظير والكلى والمسالك البولية الدكتور محمد الشلالي في العاصمة صنعاء وهي تعاني تدهوراً في حالتها النفسية نتيجة إصابتها بالتهابات بولية متكررة وعجز الكثير من الأطباء عن علاجها.

عوافي/ عبدالملك الجرموزي

يقول الشلالي الذي روى القصة لمنصة عوافي “كانت المريضة تعاني من تكرار الالتهابات البولية وحالتها النفسية يرثى لها بسبب الأعراض التي كدرت حياتها من جهة، ومن جهة أخرى بسبب تنقلها بين عيادات مختلفة ولم تجد حلاً لمعاناتها”.

لقد تبين للشلالي بأن المريضة كانت تعاني من وجود كيس حول الإحليل، وبعد استئصاله اتضح أنه كان مليئاً بالقيح، مفيدا بأن المريضة شفيت تماما من الالتهابات المتكررة التي ظلت تعاني منها لسنوات.

وفي هذا السياق ينبه الشلالي إلى أن بعض أسباب إصابة النساء بالالتهابات البولية قد لا يتنبه لها بعض الأطباء ومنها التهاب الغدد المجاورة للإحليل والتي تدعى (غدد سكين)، مبيناً أن هذه الغدد تفرز مواد مزلقة عند فتحة المهبل وقد تلتهب مسببة التهابات بولية ومهبلية متكررة، كما قد يتشكل منها كيس يدعى كيس حول الإحليل وقد يتقيح هذا الكيس ويسبب التهابات بولية متكررة.

وتعاني الكثير من النساء في اليمن من الالتهابات البولية المتكررة في ظل تدني مستوى الوعي الصحي وطرق التعامل السليم، بالإضافة إلى تعدد أسباب الإصابة والتي قد لا يتنبه لها بعض الأطباء المتخصصين.

قد يهمك..كم يشتري اليمنيون خضروات وفواكه مقابل شراء القات؟

وتُعد النساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة بالالتهابات البولية، وذلك يعود بشكل أساسي إلى قصر الإحليل (مجرى البول)، وفقاً للاستشاري الدكتور محمد الشلالي، موضحا بان قصر طول الإحليل عند المرأة “لا يتجاوز 4 سم” يسهل وصول العوامل الممرضة وخاصة البكتيريا إلى المثانة البولية فتسبب الالتهاب.

ومن أعراض الالتهابات البولية عسرة تبول (حرقة بولية) ، ألم حول فتحة البول، ألم فوق العانة (أسفل الحوض)، التردد البولي (تكرار الذهاب إلى الحمام)، الإلحاح البولي (الرغبة الشديدة في التبول)، وقد يحدث سلس بولي إلحاحي ، كما قد تحدث بيلة دموية وخاصة خروج الجزء الأخير من البول مخلوط بالدم، حد وصفه.

المعاشرة الزوجية وأسباب أخرى

أوضح الاستشاري الشلالي أن المعاشرة الزوجية قد تساعد في انتقال البكتيريا التي تعيش في المهبل بشكل طبيعي إلى فتحة البول ومنها تنتقل إلى الإحليل فالمثانة.

وحول أهم الأسباب لتكرار أو معاودة الالتهابات البولية عند النساء خلال فترات قصيرة، رغم أخذهن العلاج وتحسنهن، وأفاد بأن اختلالاً موضعياً في الآلية الدفاعية للغشاء المبطن للمسالك البولية عند بعض النساء يعد أهم سبب، موضحاً أن هذا الغشاء عادة لا يسمح بالتصاق البكتيريا فيه، لكن عند بعض النساء يفقد الغشاء المبطن هذه الخاصية فيسمح بالتصاق البكتيريا وبالتالي حدوث الالتهاب المتكرر.

وجود تضيق في فتحة الإحليل مثل اللحيمة الإحليلية، أو هبوط شديد للمثانة قد يتسبب في ركود البول وتكوين بيئة مناسبة لتكاثر البكتيريا وحدوث الالتهابات المتكررة، وفقا للشلالي، مبينا بأن الالتهاب أيضا وقد يكون بسبب ارتجاع البول من المثانة إلى الحالب وهذا عادة يبدأ في سن الطفولة.

ومن الأسباب أيضا وجود تشوهات تشريحية في الطرق البولية كوجود رتوج إحليلية ومثانية (تجاويف متصلة بالإحليل أو المثانة تشبه الكهف قد تكون مكتسبة أو خلقية) أو وجود نواسير معوية مثانية.

وفي ذات السياق أوضح الشلالي أن التهابات المهبل المزمنة والتهابات عنق الرحم والحصوات البولية تساعد على حدوث الالتهابات البولية التي قد تكون سببها احيانا أمراض نقص المناعة والأدوية المثبطة للمناعة والداء السكري.

التهابات مشابهة

تتعرض النساء لالتهابات أخرى مشابهة لكنها ليست التهابات بكتيرية، بحسب الشلالي الذي قال هناك نوع من التهاب المثانة يدعى التهاب المثانة الخلالي، وهو التهاب غير بكتيري وغير معروف السبب، وهو التهاب ذاتي للغشاء المبطن للمثانة ومزمن وأشد أعراضا من الالتهابات البولية.

اقرأ أيضاً..اعتقادات خاطئة تساهم في انتشار سرطان الثدي

ويحتاج هذا النوع من الالتهاب لخطة علاجية طويلة الأمد وتختلف عن علاج التهابات المسالك البولية المعتاد، ويعتمد تشخيصه على ربط الأعراض السريرية بالموجودات التنظيرية أثناء إجراء المنظار التشخيصي للمثانة وفرط إملاء المثانة تحت التخدير العام.

وبحسب الشلالي هناك أيضاً بلهارسيا المسالك البولية التي تسبب أعراضا مزمنة ومشابهة لالتهابات المسالك البولية البكتيرية، كما أن هناك نوعاً من السرطان الموضع في المثانة يسبب أعراضا مشابهة.

ونوه “بأن نوعا من الديدان ما يعرف بالديدان الدبوسية قد تصل من فتحة الشرج وتنتقل إلى مجرى البول وتسبب اعراضا مشابهة وقد تتضاعف بالتهاب بكتيري، أيضاً المشاكل النسائية مثل قرحة عنق الرحم تسبب آلاماً مشابهة للألآم البولية المرافقة لالتهابات المسالك البولية”.

ثلاث طرق علاجية

تمر خطة علاج التهابات المسالك البولية المتكررة عند النساء بثلاث مراحل تبدأ بإجراء الفحوصات الشعاعية والمخبرية المناسبة، وقد يتم اجراء منظار تشخيصي للطرق البولية السفلية، ومعالجة الأسباب قدر الإمكان، وفقا للشلالي الذي نبه إلى أهمية استبعاد الأسباب التي ذكرت سابقا والتي تساعد على حدوث الالتهابات مثل الأسباب التشريحية أو الموضعية أو العامة كالسكرى، الأورام.

وتركز المرحلة الثانية على المعالجة الفعالة التي تقوم على تحديد العامل الممرض وذلك بعمل فحص زراعي بكتيري للبول، وبناء عليه يتم اختيار المضاد الحيوي المناسب.

أما المرحلة الثالثة فالمريضة معنية بالقيام بها باعتبارها مرحلة وقائية حيث نصح الاستشاري الشلالي بضرورة الاهتمام بالنظافة الشخصية وغسل المنطقة التناسلية من الأمام إلى الخلف (القبل ثم الدبر) وتجنب استخدام المطهرات الموضعية المهيجة، وارتداء ملابس داخلية قطنية، وشرب الماء بكميات جيدة طوال اليوم للتنظيف الميكانيكي للمسالك البولية، مبينا بأن هذا يساعد بشطف وتقليل العوامل الممرضة في الطرق البولية.

وفي ما يتعلق بالأدوية المستخدمة يشير الدكتور الشلالي إلى أن هناك نوعين من الأدوية الوقائية، الأول يعمل على تقوية المناعة الموضعية للطرق البولية، والثاني المضادات الحيوية الوقائية وتعطى بطريقتين، إما الطريقة المتقطعة خاصة عند النساء المتزوجات، حيث تعطى جرعة مناسبة بعد كل علاقة زوجية، أو الطريقة المستمرة حيث تعطى جرعة مخفضة من المضاد الحيوي المناسب يوميا ولفترة طويلة.