21.2 C
اليمن
Home Featured الخلافات الأسرية الطريق لتفكك العائلة وضياع مستقبل الأبناء

الخلافات الأسرية الطريق لتفكك العائلة وضياع مستقبل الأبناء

0
الخلافات الأسرية الطريق لتفكك العائلة وضياع مستقبل الأبناء
‏  4 دقائق للقراءة        780    كلمة

عوافي: أشجان عبدالجبار

تلجأ الطفلة روعة عزيز (14عاما) وأخواها خالد وسليم إلى منزل صديقة والدتهم المجاور كلما احتد النقاش بين والديها وبدأ يتحول إلى شجار يمتد أحيانا إلى ساعة قبل أن يقررا الدخول في حالة خصام وإعلان حالة الطوارئ في البيت.

أصبحت الجارة أنيسة مطهر (26 عاما) معتادة على سماع صوت طرقات الباب بلطف في أوقات مختلفة من النهار وحتى في المساء أحيانا، إذ توضح -في تصريح لمنصة عوافي- أن شجار الجيران يتكرر أسبوعيا ، أحيانا ثلاث مرات.

اقترحت مطهر -التي تعمل معلمة لمادة الرياضيات في مدرسة الحمزة الحكومية- على جارتها إرسال الأطفال إليها عند الشجار مع الزوج بعد أن لاحظت تغيرات كثيرة على حياتهم خلال السنوات الأخيرة، “لقد فقدوا حيويتهم وأصبحوا هادئين بطريقة غير طبيعية ويتعاملون مع الجيران بخوف وتوجّس” حد وصفها.

وقالت مطهر وهي شاهد عيان لواقع هذه الأسرة -التي تكتمت الوالدة من إدلاء أي تفاصيل حول مشاكلها العائلية- بأن مستوى روعة الدراسي تراجع منذ أن فقد والدها عمله قبل عام تقريبا وأصبح يقضي معظم الوقت في المنزل، وأصبح الشجار بين الوالدين يتكرر بشكل مستمر ، ومع هذا تحرص مطهر دائما “ان تخبر الأطفال بأن والديهم يحبانهم”.

روعة واحدة من عشرات الطالبات اللاتي تلاحظ المشرفة الاجتماعية في مدرسة الرماح بصنعاء فاتن صلاح تراجع مستواهن الدراسي ويَمِلْن إلى العزلة، وحين يتم الحديث إليهن يتضح ،غالبا، تسيّد الخلافات الأسرية المتكررة بين الزوجين قائمة المشاكل الطلابية في المدارس.

وتقول صلاح -لمنصة عوافي- بأن الأطفال الذين يعيشون في عائلات يكثر فيها الشجار غالبا ما يعانون من التشتت وضعف قدرتهم على التركيز وبالتالي تراجع مستوياتهم الدراسية، مؤكدة أن هذه الظاهرة ارتفعت في أوساط الطالبات بشكل كبير خلال سنوات الحرب.

تختلف انعكاسات الشجارات العائلية وتأثيراتها على حياة الطفل وشخصيته من حالة إلى أخرى ، فيما يميل بعض الأطفال الى العزلة والخوف وتتحول سلوكيات البعض الآخر الى العدوانية والعنف مع زملائهم في حال نشب أي خلاف بينهم.

وأوضحت أن المشاكل العائلية المستمرة قد تدفع الأطفال وحتى اليافعين والشباب للبحث عن محيط آخر يشعرون معه بالأمان الذي افتقدوه في منازلهم، منبهة إلى أنهم قد يقعون في محيط غير سليم يساهم في تفاقم وضعهم النفسي والتعليمي.

هذا ما حدث مع العشريني محمد سالم (اسم مستعار) عندما أجبرته المشاحنات المستمرة بين والديه على قضاء معظم وقته خارج المنزل تعرف خلالها على مجموعة شباب تركوا الدراسة باكرا.

اشترك الآن في قناة عوافي على اليوتيوب 

يقول الطالب الجامعي سالم -لمنصة عوافي- “كنت من الطلاب المتفوقين في كلية الهندسة بجامعة صنعاء، غير أن الضغوطات النفسية والمشاكل العائلية أثرت على مستواي الأكاديمي فتوقفت عن الدراسة لمدة عام كامل” ،

بعد مصادقة رفاق السوء الذين أثروا على حياته الاجتماعية والأكاديمية قرر سالم استعادة توازنه النفسي، خاصة بعد أن حصل على عمل وعاد إلى قاعات المحاضرات في كليته، لكنه ما يزال يعاني من حالات اكتئاب خفيفة، ولم يستعد ثقته بنفسه كما يجب، حد قوله.

وتُعدّ الأسرة المتماسكة والسليمة أهم مصدر لبناء ثقة الأبناء بأنفسهم، بحسب الأخصائية النفسية هناء قاسم نعمان، التي تفيد بأن معظم الأسر اليمنية تشهد مشاكل بينية من وقت إلى آخر بسبب الوضع المعيشي المتردي ، غير أن مستوى أثرها على الأبناء يختلف بحسب وعي الأسرة، وكانت دراسة قديمة نفذتها “اوكسفام” تشير إلى أن 90% من المشاكل الأسرية في اليمن التي تؤدي الى الطلاق سبب الفقر.

ووفقا لحديث نعمان -لمنصة عوافي- هناك تصرفات يجب مراعاتها لتجنب العديد من المشاكل التي تؤثر على الأبناء وتنعكس سلبا على حياتهم، خاصة في الجانب النفسي ولو على المدى الطويل، موضحة أن الاكتئاب والحزن قد يصيبا الأبناء نتيجة تجنب الاختلاط مع العائلة بسبب كثرة المشاجرات.

وفي هذا السياق أشارت الأخصائية النفسية إلى أن نشأة الأطفال في ظل أجواء عائلية غير مستقرة تجعل ثقتهم في أنفسهم ضعيفة ما يجعلهم فريسة سهلة للأمراض النفسية والوقوع في الأخطاء وعرضة للتنمر والشعور بأنهم غير محبوبين خاصة في سن المراهقة.

ونبهت نعمان إلى أن غياب الاستقرار الأسري وكثرة المشاحنات خاصة بين الوالدين تجعل نظرة الأطفال للمستقبل غير سليمة وبالتالي تصبح قدرتهم على بناء أسر جديدة ومستقرة ضعيفة للغاية.

وأوصت بضرورة تجنب الشجار أمام الأطفال وإظهار الاحترام المتبادل بين الأبوين حتى يشعر الأبناء بالأمان ، مع ضرورة الحديث معهم عن الخلافات وطبيعتها وأن جميع العائلات تتعرض لبعض المشاكل التي يجب تجاوزها بالتفاهم واستيعاب الآخر.

من جانب آخر تشير بعض الدراسات العلمية ،وفقا لموقع BBC عربي، إلى أن الشجار المستمر بين الآباء داخل الأسرة تجعل الأطفال أكثر عرضة لارتفاع ضربات القلب وزيادة هرمونات التوتر، وتنعكس سلبا على النمو.

اخترنا لك..فوائد ممارسة العلاقة الحميمية بين الزوجين أثناء الحمل