23.2 C
اليمن
Home Featured الدفتيريا والشائعات القاتلة تخنقان أطفال اليمن

الدفتيريا والشائعات القاتلة تخنقان أطفال اليمن

0
الدفتيريا والشائعات القاتلة تخنقان أطفال اليمن
‏  6 دقائق للقراءة        1082    كلمة

كغيره من الأطفال الذين حرموا من أخذ اللقاحات بسبب تعنت آباءهم وصل الطفل فضل قاسم (إسم مستعار) ،الى مستشفى مديرية المحابشة في محافظة حجة بحالة حرجة إثر إصابته بالدفتيريا ،يروي الممرض عمار علي ( اسم مستعار ) مشهد وصول الطفل ذو الثمانية أعوام “كان والديه بجانبه مرتعبين من تدهور حالته الصحية”.

عوافي/رشاد الصيادي

يضيف عمار “سألت الأبوين ما إذا كان فضل قد تلقى اللقاحات ضد أمراض الطفولة فأجابا بالنفي” ويعتبر فضل واحد من مئات الأطفال اللذين لم يتلقوا التطعيم وكانوا ضحايا الإشاعات ، فبحسب الممرض عمار استقبل المستشفى منذ مطلع مارس 2023 ما يقارب 110 حالة منهم 9 حالات توفيت بسبب تأخر الإجراءات الإسعافية لهم .

عامًا تاسع على الحرب واليمن تعاني تداعياتها على كل المستويات لاسيما الرعاية الصحية والطبية إذ انتشرت الأوبئة والأمراض المعدية بشكل أوسع من ذي قبل بسبب شحة الإمكانيات الطبية وأغلاق ما يقارب أكثر من 50% من المراكز الصحية والتي كانت تعمل بشكل كلي أو جزئي كما أن النزوح ساهم في انتشار العديد من الأوبئة خاصة في ظل انعدام الاحتياجات اللازمة للرعاية الصحية ناهيك عن عدم استكمال جرعات التطعيم كاملة ضد الأمراض المعدية كالدفتيريا والتيتانوس والحصبة والكبد البائي والكزاز .

عودة الدفتيريا

تشير أحدث الإحصائيات وفقا لمركز الإحصاء الطبي للأمراض والأوبئة في مدينة عدن “أن عدد الإصابات بمرض الدفتيريا منذ 2020 وحتى مطلع 2023 في المناطق التابعة لحكومة عدن نحو 1326 حالة منها 128 حالة وفاة و591 حالة تعافي وتعتبر محافظة أبين هي الحاضنة الأكثر انتشارا للدفتيريا حيث بلغ عدد المصابين 315 وقدر عدد الوفيات بنحو 27 حالة وفاة تليها محافظة لحج ب266 حالة إصابة منها 26 حالة وفاة ثم محافظة تعز بما يقارب 192 حالة إصابة منها 25 حالة وفاة ، وقد بلغ عدد الإصابات في مدينة عدن نحو 151 حالة توفي منها 15 حالة .
وفي محافظة حضرموت( المكلا ) تجاوز عدد المصابين بالدفتيريا نحو 78 منهم 7 حالات وفاة “

قد يهمك..الوجبة المدرسية ..سبيل لصحة الطلبة وتساعد على استمرار التعليم

و بحسب اليونسيف فإنه في حجة و صنعاء يعد الخناق من الأمراض الأكثر انتشارا بعد الكوليرا وسوء التغذية ، حيث سجلت اصابة ما يقارب اثنين وعشرين ألف طفل بالحصبة والدفتيريا خلال العام الماضي فقط .
وصرح وزير الصحة في حكومة صنعاء الدكتور طه المتوكل في مطلع 2023 أن نحو 170 طفلًا يموتون يوميًا بسبب الأمراض والأوبئة المنتشرة وبحسب الدكتورة أفراح محمد (إسم مستعار) اخصائية أطفال فإن اربع حالات من الأطفال مصابة بالدفتيريا تصل يوميا الى مركز العزل في مستشفى السبعين .

مراحل تطور المرض
يعتبر الخناق (الدفتيريا) مرض معدي تسببه بكتيريا الخُناق إذ يبدأ المرض بعد يومين إلى خمسة أيام من التعرّض للبكتيريا المسببة له ، وغالباً ما تظهر الأعراض تدريجياً وتبدأ بالتهاب في الحلق وحمى.

وتُنتج هذه البكتيريا سُمّاً يُحدث غشاء سميك رمادي أو أبيض اللون في مؤخرة الحلق. ويمكن لهذا الغشاء السميك أن يسدّ مجرى الهواء فيصعب التنفس أو البلع، كما يمكن أن يسبب سُعالاً نُباحياً ، وقد يتورّم العُنق نتيجة لتضخّم العقد اللمفاوية.
وقد تنتشر السموم التي تنتجها هذه البكتيريا في الجسم فتصيب العديد من الأعصاب بالاعتلال وحتى الشلل ومنها العصب المغذي للحجاب الحاجز الذي قد يتسبب بحدوث فشل تنفسي ، سموم هذه البكتيريا تصيب القلب بالتهابات بسيطة الى شديدة وبالطبع يترتب على ذلك مضاعفات قد تؤدي للوفاة ، ولا تنتقل الدفتيريا إلا من إنسان لإنسان آخر فهو المصدر الأساسي لانتشاره .

الدفتيريا والشائعات القاتلة تخنقان أطفال اليمن

وفي السياق ذاته قالت الطبيبة حنان شريم إن مرض الدفتيريا كان منتشر في اليمن لكنه توقف عن الانتشار في تسعينات القرن الماضي وعاد للانتشار مؤخرا لأسباب عامة مثل الحصار و الحروب التي يتعرض لها البلد منذ سنوات وما ترتب عليها من فقر و نزوح وتدني في مستوى الخدمات ومنها الخدمات الصحية ووصول التحصين لكل مناطق اليمن ، إضافة الى إهمال الاعلام تماما لدوره في تثقيف الناس وتوعيتهم بأهمية التحصين في الوقت الذي انطلقت فيه حملة شائعات تحارب التلقيح وتحرض الناس على .

اشاعات قاتلة

منذ اندلاع الأزمة اليمنية وحملات التطعيم ضد الأمراض المعدية في اليمن لاتزال تواجه العديد من الشائعات التي تدعي أن اللقاحات غير آمنة وعلى الرغم من أن التطعيم ضد الأمراض المعدية يعتبر من أهم الدعامات الأساسية للصحة في الطب الحديث إلا أن الشائعات حول التطعيمات ساهمت بعدم الإقبال على التلقيح في السنوات الأخيرة بحجج كثيرة منها وجود مضاعفات آنية ومستقبلية و إن اللقاحات غير أمنة ولها أهداف استثمارية دون الاستشهاد بأي ادلة علمية .

إرشادات الوقاية من الدفتيريا
يعد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية أو الذين ليس لديهم مناعة قوية و من لم يكملوا تطعيمهم أو يطعموا في طفولتهم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالمرض من غيرهم ، لذا يجب عليهم تجنب الازدحام في الأماكن الموبوءة كما يجب عزل المريض وعدم ملامسته .

اقرأ أيضاً..إشاعة كادت تفتك باليمنيين أكثر من كورونا

أما علاج عدوى الدفتيريا فتؤكد الطبيبة المختصة بالأطفال في مستشفى السبعين أفراح محمد (إسم مستعار ) أنه يتم إعطاء المريض مضاداً لسموم الدفتيريا عن طريق الوريد إضافة الى مضادات حيوية للقضاء على البكتيريا نفسها ، كما تستخدم العديد من الأدوية بحسب المضاعفات التي يتعرض لها كل مريض على حدة .
و تقول الدكتورة أفراح محمد ” الوقاية عبر التحصين يمنع حدوث المرض من الأساس وحتى إن انتقلت البكتيريا إلى طفل محصن بحكم تواجده أحيانا في بيئة موبوءة تكون مقاومته أعلى ولا يدخل غالبا في مضاعفات مميتة”

وفي الحقيقة الوسيلة الوحيدة لتفادي المرض هي تطعيم الأطفال وعدم الانجرار وراء الشائعات حيث لا خطورة في اللقاح، و تبدأ اللقاحات من ستة أسابيع وحتى 15 سنة ، وتكون اللقاحات بشكل دوري للمواليد حسب بطاقات اللقاح الموزعة عند اخذ أول جرعة لقاح .

أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز INTERNEWS ضمن مشروع ROOTED IN TRUST (غرفة أخبار الصحة) في اليمن و نشرت بالتتابع مع موقع “عدن الغد”