18.2 C
اليمن
Home Featured انتشار ختان البنات في اليمن رغم ارتفاع صوت الأنين

انتشار ختان البنات في اليمن رغم ارتفاع صوت الأنين

0
انتشار ختان البنات في اليمن رغم ارتفاع صوت الأنين
‏  6 دقائق للقراءة        1113    كلمة

عوافي: نجود مرشد المعمري

يصف الأهالي في الكثير من المناطق اليمنية عملية الختان بـ “التطهير” ولذلك ينظرون إلى الفتاة التي لم تخضع للختان باعتبارها  “غير مطهرة”  ، وهذا ما دفع الأربعيني يحيى الماطري إلى ختان بناته الثلاث، ورغم تعرض الصغرى قبل خمس سنوات لنزيف استدعى نقلها إلى المركز الصحي في منطقة حزم العدين ومن ثم نقلها إلى مستشفى في مدينة إب إلا أن الماطري مصر على صوابية ما قام به.

وقال لمنصة (عوافي) “لو رزقت ببنت رابعة لا بد ما اختن لها ” إنه لا يزال يؤمن بأن ختان الإناث عادات وتقاليد قديمة قام بها الأجداد من أجل تطهير الفتيات والحفاظ على عفتهن وتحصينهن ضد ما يصفه بـ “الوقوع في الرذيلة” حد وصفه.

ولا تزال ظاهرة ختان الفتيات منتشرة بكثرة برغم المخاطر الصحية تلحق بالكثير من الفتيات قد تصل حد الوفاة، بحسب أخصائية النساء والولادة في محافظة إب ،وسط اليمن، الدكتورة زهور أحمد ، نافية وجود أي فوائد صحية لهذه العملية.

وأكدت الدكتورة زهور أحمد -في حديث لمنصة (عوافي)- أن ظاهرة ختان الإناث منتشرة بشكل كبير في مديريات العدين خاصة في مناطق الفلق والمسيل وبني أسعد والوزيرة (تعد هذه المناطق امتدادا جغرافيا لسهل تهامة غرب اليمن الذي تنتشر فيه ظاهرة ختان البنات بكثرة) وبينت الدكتورة بأن ما يقارب خمس فتيات من بين كل عشر أجريت لهن عملية الختان في تلك المناطق.

وأشارت إلى أن الكثير من الفتيات يتم نقلهن إلى المستشفيات بعد الختان مباشرة نتيجة إصابتهن بنزيف حاد في المنطقة التي تم قطعها، خاصة وأن وغالبية الختان لا تتم في المراكز الصحية وإنما في المنازل على أيدي قابلات لم يخضعن لأي نوع من التعليم والتأهيل ويستخدمن أدوات بدائية.

 وقالت تقوم القابلة أو ما يسمى محليا “المولدة” باستئصال جزء من الجهاز التناسلي الخارجي للفتاة وأحيانا يتم استئصال معظم إجراء المهبل الخارجي، ما يتسبب في تشوه كامل للعضو، مؤكدة أن الختان يسبب التهابات مزمنة في المسالك البولية قد تؤدي إلى العقم في بعض الحالات بالإضافة إلى آلام شديدة أثناء الدورة الشهرية.

وهذا ما تشتكي منه العشرينية رويدا مسفر -اسم مستعار- حيث تعاني من التهابات مزمنة في المسالك البولية، وفقر دم وآلام شديدة أثناء الدورة الشهرية غير المنتظمة، مؤكدة -في حديثها لمنصة (عوافي)- أن جميع الأخصائيين الذين استشارتهم أكدوا لها علاقة الختان بهذه الآلام.

قد يهمك..البرود الجنسي عند المرأة.. مفاهيم مغلوطة ومخاطر صحية تهدد حياتها الزوجية

وكانت مسفر قد خضعت لعملية ختان قبل ما يقارب 17 عاما، ومع هذا ما تزال تتذكر التفاصيل بألم خاصة بعد أن استمر الجرح بالنزيف ما استدعى نقلها إلى مستشفى في مدينة إب المجاورة.

مسفر ليست الوحيدة التي خضعت لعملية الختان، معظم قريناتها خضعن للختان على يد امرأة في القرية اكتسبت المهنة عن والدتها ولم تنل أي تأهيل وتستخدم المشرط أو الموس، ووفقا لمسفر وقد كان الفرق الوحيد بينها وبين الأخريات هو أن أغلب الفتيات يتم ختانهن في اليوم السابع لولادتهن بينما تأخرت هي بسبب رفض والدتها التي أذعنت أخيرا لضغوطات العائلة.

مخاطر نفسية للختان

تؤكد الأخصائية النفسية وخبيرة إدارة الحالة في إحدى المنظمات الدولية في محافظة تعز وسط اليمن سماح الصلوي، أن هناك آثارا نفسية وسلوكية واجتماعية تعاني منها الفتيات اللاتي تعرضن للختان مثل الاضطرابات النفسية والخوف والقلق والاكتئاب لدى الغالبية العظمى وقد تؤدي إلى عدم القدرة على إقامة علاقات اجتماعية سوية.

وتضيف الصلوي -في تصريح لمنصة (عوافي)- بأن الفتيات اللاتي تعرضن للختان يعانين من الشعور بعدم الرضا على حياتهن، خاصة بعد زواجهن، وتتفاقم مشاعر الغضب على الوالدين لأنهم اقتصوا جزءا من أجسادهن بدون رضاهن.

معتقدات خاطئة

انتشار هذه العادة  دفع الكثير من المنظمات المحلية والدولية لتنفيذ حملات توعوية، تقول الأخصائية الاجتماعية في إحدى المنظمات الدولية العاملة في مجال الحماية والعنف القائم على النوع الاجتماعي في محافظة إب إيمان رسلان، أنه تبين من خلال مشاركتها في عدد من جلسات النقاش البؤرية مع الأهالي بأن انتشار هذه الظاهرة بسبب الموروث الاجتماعي والثقافي من جيل إلى جيل واعتقادات بأن الطقس الحار للمنطقة يرفع مستوى الغريزة الجنسية للإناث فيتم ختانهن حفاظا عليهن من الوقوع في الفساد الأخلاقي.

ووفق حديث رسلان -لمنصة (عوافي)- فقد عزز الجانب الديني ترسيخ هذه العادة معتبرينها تطبيقا للسنة النبوية وأن ختان الفتيات سنة كختان الذكور بالضبط، موضحة أن عمليات التوعية التي تنفذها الكثير من المنظمات تكاد تكون منعدمة الأثر وذلك لارتباط الختان عند الأهالي بالجانب الديني والأخلاقي.

 وبحسب رسلان بلغ عدد حالات ختان الإناث التي تم تسجيلها 430 حالة خلال أقل من شهرين في بعض مناطق مديريتي حزم العدين والفرع ، منوهة بأن المسح لم يشمل المنطقتين بشكل كامل واقتصر على المناطق القريبة من المراكز الصحية والمجتمعية.

الخطاب الديني غير واضح

رغم التطور المجتمعي الذي شهدته اليمن خاصة في جانب الحقوق المدنية وحقوق المرأة خلال العقدين الماضيين إلا أن الخطاب الديني ما يزال يغذي هذه المعتقدات ولم يتخذ موقفا واضحا حيالها، وهذا كان واضحا في حديث الخمسيني أحمد أسعد وهو أحد رجال الدين في مديرية فرع العدين، عندما قال  “إن ختان الإناث يكون بقطع جزء من الجلدة الظاهرة التي تكون فوق مخرج البول فقط”.

وأضاف “ختان الإناث مكرمة لهن ” مستدركا  “لا يوجد أي إثم على من تركها” لكنه عاد ليؤكد أنه في حال شكل الختان أي نوع من الضرر على صحة الفتاة فالأولى تركه، حد قوله.

وهذا ما دفع رسلان لمطالبة وزارة الصحة والسكان ومكاتبها في المنطقة بتحمل المسؤولية ووقف مثل هذه العادات التي تضر بحياة النساء بشكل عام وتؤدي في بعض الأحيان إلى الوفاة، مشددة على ضرورة تنفيذ القرارات الصادرة سابقا من وزارة الصحة التي تنص على منع عملية ختان الإناث في جميع المراكز والمستشفيات ومنع جميع منتسبي وعاملي القطاع الصحي من تنفيذها.

وكانت نتائج المسح الوطني الذي نفذته وزارة الصحة والسكان بالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء عام 2013، تشير إلى انتشار عادة ختان الإناث بنسبة كبيرة في المحافظات الساحلية التي تتميز بارتفاع في درجة حرارتها مثل محافظة الحديدة وحضرموت والمهرة، إذ تصل نسبة الختان فيها للفتيات إلى أكثر من 60%.

كما جاءت اليمن في المرتبة السادسة عربيا من بين الدول التي ينتشر فيها ختان الإناث وفقا لإحصائيات صادرة عن صندوق الأمم المتحدة للسكان في 2020 تشير إلى أن 19% من الإناث اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عاما في اليمن خضعن للختان.

اخترنا لك..تكرار الفحص المهبلي يسبب التهاب الرحم النفاسي