17.2 C
اليمن
Home Featured وصفات طبية لا يفك شفرتها غير الطبيب وبعض الصيادلة

وصفات طبية لا يفك شفرتها غير الطبيب وبعض الصيادلة

0
وصفات طبية لا يفك شفرتها غير الطبيب وبعض الصيادلة
‏  6 دقائق للقراءة        1083    كلمة

عوافي: أمــرية المريطي

 

عادت الثلاثينية عبير مبخوت إلى الطبيب بعد أسبوع من استخدام الدواء الذي وصفه لها متذمرة من عدم وجود أي تحسن بصحتها، لتُفاجأ بأن الدواء الذي حصلت عليه لم يكن المكتوب في الوصفة.

لقد أخبرها الطبيب بذلك، تقول مبخوت -في تصريح لـ منصة عوافي “اضطررت لشراء الدواء الصحيح من الصيدلة الأقرب لعيادة الطبيب” مضيفة “يبدو أنه الوحيد الذي يفهم خط الطبيب المنقوش على الورقة”.

ربما كانت أكثر حظا من مرضى آخرين عندما لم يتسبب لها الدواء الخطأ بأي أعراض جانبية كما حدث مع غيرها، وقد اكتفت بإعادة الدواء السابق إلى الصيدلية التي باعتها وحصلت على الثمن.

يتعمد بعض الأطباء في العيادات والمستشفيات الخاصة كتابة وصفات طبية بخط غير واضح أقرب إلى رموز مشفرة لا يستطيع فهمها أحد سوى العاملين في الصيدلية المجاورة للعيادة، ما يجبر المريض على شراء الأدوية من هذه الصيدليات أو يكون عرضة لاستخدام دواء خاطئ في حال حصل على الدواء من صيدلية أخرى لم يستطع الصيدلي قراءة الدواء بشكل سليم.

البحث عن فك الشفرة

 “الوصفة غير واضحة”، “خط الطبيب مشفر”، “ارجع إلى صيدلة المستشفى” عبارات يرددها اغلب الصيادلة عند مصادفتهم لأي وصفة طبية غير واضحة، فيما يقوم البعض منهم بالتخمين وإعطاء المريض دواء آخر.

وهذا ما حدث مع الأربعيني فايز المغلس، عندما مر على خمس صيدليات في منطقة الحصبة لشراء دواء لزوجته وصفته لها طبيبة النساء والولادة في منطقة الرحبة شمال صنعاء.

يقول المغلس -في حديثه لـ المنصة عوافي- “معظم الصيادلة طلبوا مني العودة إلى الطبيبة لتوضيح اسم الدواء المكتوب بخط مبهم، وأخبروني بأن الكثير من الأطباء يتعمدون كتابة الوصفات بخطوط غير واضحة إلا للعاملين في الصيدليات المجاورة بعد الاتفاق معهم”.

بابتسامة خفيفة يقول أحد الصيادلة العاملين في صيدلة الثور، لا يمر علينا يوم إلا ونجد وصفة غير واضحة، بعضها لا يكون بسبب سوء الخط، ولكن يتعمد بعض الأطباء كتابة الحرف الكبير من اسم الدواء وتكون بقية الحروف غير واضحة.

ووفقا لحديث الكثير من الصيادلة –لـ منصة عوافي- تعود هذه الظاهرة إلى اتفاق مسبق بين الطبيب والصيدلية المجاورة لعيادته أو مركزه الطبي مقابل حصول الطبيب على نسبة من قيمة الدواء.

قد يهمك..يمنيات بين سجني الاضطرابات النفسية والعادات المجتمعة

لكن في المقابل يقدم الكثير من الصيدلانيين على تخمين اسم الدواء وصرفه للمريض، متغافلين الضرر الذي قد يلحقه استخدام الدواء، في حال لم يكن صحيحا، بالمريض.

فبحسب دراسة أمريكية يؤدي سوء خط الوصفة إلى وفاة نحو ٧٠٠٠ شخص حول العالم سنويا، فيما تشير منظمة الصحة العالمية إلى آن إصابة أربعة من كل عشرة مرضى بالأذى أثناء تلقيهم الرعاية الصحية الأولية والإسعافية، وترتبط معظم الأخطاء الضارة بالتشخيص والوصفات الطبية واستعمال الأدوية، مشيرة إلى أن الأخطاء المتعلقة بالأدوية وحدها تكلف حوالي 42 مليار دولار أمريكي سنويًا.

الأطباء يردون  

 تعيد إحدى طبيبات النساء والتوليد في العاصمة صنعاء، طلبت عدم ذكر اسمها، انتشار هذه الظاهرة إلى رداءة خط أغلب الأطباء، موضحة -في تصريح لـ منصة عوافي- أن الأطباء يحرصون على أن يكون اسم الدواء واضحا.

وقالت “أنا خطي غير جميل ولا منسق لكن إلى الآن لم تشتك أي مريضة من عدم وضوح اسم الدواء”.

في ما يتعلق بالاتفاق بين الطبيب والصيدلية على نسبة من قيمة الدواء يحصل عليها الطبيب يرى رئيس قسم الباطنية والقلب في مستشفى اليمني الفرنسي الدكتور طلال الغباري، أن هذا أمر غير شائع، وأن وجد فبنسبة قليلة جدا.

ويعتبر أن من أسباب عدم وضوح الوصفة الطبية المكتوبة باليد أولا انشغال الطبيب في عيادته والحالات الكثيرة التي تمر عليه.

 ويوضح الدكتور الغباري -في حديثه لـ منصة عوافي- أن الوصفة الطبية تكون غير واضحة للمريض أو المرافق أو الشخص غير المتعلم، أما بالنسبة للعاملين في المجال الصحي والصيادلة تكون واضحة، حد زعمه.

 فيما يعيد اخصائي طب مجتمع ووبائيات الدكتور سهل الارياني عدم وضوح الوصفة الطبية إلى ضعف خبرة الصيدلي، ” 90 % ممن لا يفهمون أسماء الأدوية من الصيدلانيين بسبب ضعف الخبرة”.

وقال -لـ منصة عوافي- اغلب من يعملون في الصيدليات ليسوا خريجي صيدلة، أو تكون خبرتهم في الأدوية قليلة لذلك لا يستطيعون قراءة الوصفة، موضحا أن الطبيب يكتب الاسم العلمي للدواء والصيدلي غير المتمكن من عمله لا يعرف.

  تعميم حكومي لم يطبق

مضت ثلاثة سنوات منذ أصدر وزير الصحة العامة والسكان الدكتور طه المتوكل تعميما بإلزام الأطباء تضمين الوصفة الطبية معلومات المريض وتشخيص الحالة المرضية والاسم العلمي للدواء والاسم التجاري بشكل واضح ومنع استخدام الشفرات والرموز في الوصفة الطبية.

 التعميم الذي لم يلتزم به أغلب الأطباء حمل في طياته تحذيراً شديد اللهجة لأي طبيب يخالف ذلك، ونبههم بأن عقوبات صارمة ستتخذها وزارة الصحة بحق المخالفين، ومع ذلك تزايدت الوصفات الطبية غير الواضحة.

حاولت المحررة الحصول على توضيح من وكيل قطاع الطب العلاجي بوزارة الصحة الدكتور علي جحاف، ليحيلها إلى مدير عام الصيدلة بالقطاع الدكتور سمير السنافي الذي أقر بأن هناك إشكاليات واجهت التعميم أبرزها هو الاسم العلمي والوصفة الكترونية.

 وقال -لـ منصة عوافي- “الوزارة معنية بالسياسات لكن متابعة التنفيذ من اختصاص مكاتب الصحة التي يفترض أن تتابع مدى تنفيذ التعميم”.

 وأوضح السنافي انه سيتم مناقشة إشكاليات تنفيذ التعميم مع كافة مكاتب الصحة ومن ثم عرضها على الوزير لاحقا، مشيرا إلى أنه تم إلزام المستشفيات بكتابة وصفة الكترونية.

 حلول مؤجلة

تكرار شكوى المرضى من عدم وضوح وصفات الأطباء دفع نقابة ملاك صيدليات المجتمع إلى العمل على إصدار نظام الكتروني متكامل خاص بوصفات الأطباء، موضحة أن النظام سيكون مجانيا لجميع المرافق والكوادر الصحية بما يضمن حل هذه المشكلة.

هذا المشروع أيده باحث دكتوراه في طب المجتمع الدكتور صلاح الصنعاني، واعتبره الحل الأمثل للمشكلة.

 وطالب -في حديثه لـ المنصة- المؤسسات الصحية باعتماد نظام معلومات صحي الكتروني، يضمن حفظ معلومات المريض وتوثيقها وبما يسهم في المتابعة الصحيحة لحالة المريض وصرف الدواء الصحيح وطريقة الاستخدام، ولا يقتصر الأمر على إصدار الوصفة الكترونيا فقط.

وإلى أن يتم الانتقال من إصدار الوصفة الطبية يدويا إلى النظام الالكتروني، تظل الوصفة برموزها المشفرة كابوسا مزعجا يجثم على صدور المرضى الباحثين عن الصحة، خاصة في زمن الحرب وتدهور الوضع الاقتصادي للمواطن، وتراجع قدرة المؤسسات الصحية إلى أقل من النصف بسبب الحرب.

اخترنا لك..أطباء صنعاء بين رافض وباحث عن لقاح كورونا