36.2 C
اليمن
Home Featured إهمال نظافة الآذان تجلب الصمم

إهمال نظافة الآذان تجلب الصمم

0
إهمال نظافة الآذان تجلب الصمم
‏  6 دقائق للقراءة        1016    كلمة

تقرير : محمد العزيزي

بصوت مرتفع .. كانت تتحدث الخمسينية أنيسة محمد إلى الطبيب دون إدراك لارتفاع نبرة صوتها لأنها تعاني من ضعف في حاسة السمع، وأحياناً تفقد القدرة على السمع بشكل تام.

بدأت حاسة السمع بالتدهور تدريجيا منذ عشرين عاما ، حتى اعتقدت بأنها ستقضي بقية حياتها صماء، وأصبحت تبحث عن أخصائي ليساعدها في الحفاظ على ما تبقى من قدرات جهازها السمعي، حد قولها.

 طلب الأخصائي منها إجراء بعض الفحوصات، تقول أنيسة لمنصة عوافي أنها ما تزال تتذكر ملامح الطبيب وهو ينظر الى نتائج الفحوصات مبتسما، لقد أخبر مرافقها بأنها لا تعاني من أي مشاكل صحية في الجهاز السمعي، وكل ما في الأمر أن ثمة كتلة صمغية شمعية تكدست مع أتربة لتتحول إلى جسم صلب في محيط الطبلة ومنعت وصلول الأصوات والهواء بالشكل المناسب.

 لقد احتاجت إلى تروية تلك الكتلة بالزيت لمدة أسبوع ، وبعدها تم غسل الأذنين وسحب أجزاء الكتل الصلبة من أذنيها بالتدريج لتستعيد قدرتها على السمع بشكل مُرضٍ، حد وصفها.

أنيسة واحدة من آلاف اليمنيين من مختلف الفئات (رجالا، نساء وأطفالا)، يعانون فقدان السمع بشكل متوسط وكلي لأسباب عديدة، أهمها إهمال العناية بآذانهم وعدم تنظيفها، وفقاً لأخصائي الأذن والأنف والحنجرة الدكتور سلطان هزاع، بالإضافة إلى تعرض الأذن للأتربة والماء والتقرحات والفطريات والبكتيريا.

 وأكد في حديثه لمنصة عوافي، أن هذه العوامل وغيرها من التصرفات السلبية تؤدي إلى إصابة الإنسان بضعف السمع المتوسط ومع عدم تدارك الوضع بالعناية قد يصاب بفقدان السمع بشكل نهائي.

ونبه هزاع إلى أهمية تجنب بعض العادات الشائعة في التعامل مع الأذنين، كاستخدام أدوات خشنة وحادة في تنظيف الأذن والتي قد تؤدي إلى إحداث جروح أو تمزيق طبلة الأذن، عوضا على أن هذه الأدوات غالبا ما تكون ملوثة.

تراكم الاتربة في الاذن كما حدث لـ أنيسة واحد من أهم أسباب ضعف وفقدان حاسة السمع ، بحسب استشاري جراحة الأذن والأنف والحنجرة الدكتور أحمد الحكيمي، الذي أكد أن من أهم الأسباب التي تؤثر على سلامة الأذن تعرضها للأتربة، بالإضافة إلى تعرضها للرياح القوية التي تصيب الأعصاب وتتسبب في حدوث التهابات حادة في الأذن.

وأفاد الحكيمي لمنصة عوافي، الحكيمي بأن هناك أشخاصاً تكون آذانهم منتجة بكثرة لمادتي الشمع والصمغ، وهو ما يؤدي إلى تكوّن مادة صلبة بداخلها، وبالتالي تحتاج آذانهم إلى التنظيف بعناية واستخراج تلك المواد المؤثرة سلباً في وصول الصوت إلى مركز الإدراك.

دوي الانفجارات الهائلة والناتجة عن الصراع الذي تشهده اليمن منذ سبع سنوات ساهم بشكل كبير في إصابة الجهاز السمعي عند الكثير من المواطنين بمشاكل صحية متفاوتة ، وفقاً للأطباء.

قد يهمك..الشمة ترفع نسبة الإصابة بسرطان الفم في المناطق الساحلية

يأتي ذلك في ظل عدم توفر إحصائيات دقيقة بعدد الصم في اليمن، سواء الذين يعانون من الإصابة منذ الولادة (خلقيا) أو الذين تعرضوا لإصابات نتيجة أمراض أو حوادث، إلا أن إحصائيات صدرت عام 2019 عن صندوق المعاقين تقدر بأن عدد الصم عموما يصل إلى ثمانمائة ألف أصم من بين 4,5 مليون من ذوي الإعاقة في اليمن.

 عدم وجود إحصائيات دقيقة لفئة الصم والمصابين بأمراض الجهاز السمعي يعود لعدة أسباب منها افتقار المستشفيات الحكومية والخاصة على السواء إلى إحصائيات بالمرضى الذين يتلقون العلاج أو إجراء العمليات الجراحية المتعلقة بالآذان، بحسب عدد من الأخصائيين الذين تحدثوا لمنصة عوافي، منوهين بأن أغلب المصابين بالصمم يتركزون في الأرياف ولذلك فإن نسبة من يحصلون على العلاج منخفضة جداً.

ووفقا للأطباء والمختصين لا يلجأ معظم المصابين بمشاكل في السمع للتسجيل في الجمعيات والمراكز الخاصة برعاية الصم والبكم والمعاقين، حيث يتلقون العلاج في المستشفيات والمراكز وتجرى لهم العمليات الجراحية ومن ثم يذهبون في حال سبيلهم دون الرجوع إلى هذه الجمعيات المحدودة والتي تفتقر إلى الكثير من الاحتياجات لتستقبل المرضى أمثال عرفات هاشم ،17 عاما، والذي يعاني من إعاقة الصم منذ الولادة.

يقول هاشم لمنصة عوافي بأنه مكث سنوات في الصفوف الدراسية الاعتيادية يتلقى تعليمه مع زملاء أصحاء ولم يحصل على التعليم الذي يريد.

لم يستطع عرفات مواصلة تعليمه بشكل طبيعي في تلك الصفوف بالمدارس الحكومية الاعتيادية، لأنه بحاجة إلى تعليم من نوع خاص، ويقصد بذلك تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة التي غالبا ما توفرها الجمعيات المتخصصة برعاية الاشخاص من ذوي الإعاقة.

لكن هذه الجمعيات غير قادرة على استيعاب جميع الاشخاص من هذه الفئات، إذ تقول أشجان حسن، وهي مترجمة للغة الإشارة، “بقدر ما نواجه من مشكلات وصعوبات مع الأشخاص الذين يحتاجون إلى تعلم لغة الإشارة وتأهيلهم كصم، نعاني أيضاً من افتقار الدعم المادي وحتى المعنوي من أي جهة كانت”.

وتضيف حسن -التي تعمل لصالح إحدى الجمعيات- “نجد صعوبات في إنشاء ورعاية فصول دراسية تعليمية للصم والبكم.. ومع ذلك ومن خلال دعم بعض الجمعيات الأهلية، وعبر الإمكانيات المتاحة على محدوديتها، فقد استطعنا أن نواجه معظم التحديات التي تعترض طريقنا، لنعمل من أجل تطوير قدرات فئة الصم والبكم في مختلف المجالات المهنية والعلمية”.

وتصف حسن -في تصريح لمنصة عوافي الإقبال على التعلم من قبل الصم والبكم بالضعيف جدا، مشيرة إلى أن كثيرين منهم يعتقدون أن ضعف السمع لا يمثل لهم إعاقة في ممارسة العمل خاصة من يصابون وهم في السن الشباب.

وتقول أن عدد الطلاب الصم والبكم الذين قامت بتدريبهم في أحد المراكز خلال العام 2020م يقدر بـ300 طالب وطالبة، وأن العدد يختلف من عام لآخر حسب الإقبال.. مشيرةً إلى كثرة حالات الصم والبكم من النازحين خاصة القادمين من مدينتي تعز والحديدة، مرجعة ذلك إلى عدم وجود جمعيات في المحافظتين تهتم برعاية هذه الفئة من الناحية التعليمية بالشكل المطلوب.

ويؤكد العاملون في تقديم الخدمات لهذه الفئة من أخصائيين وجمعيات على ارتفاع أسعار احتياجات هذه الفئة مثل السماعات أو الأجهزة التي تساعد المرضى على السمع، واصفين الأسعار بأنها باهظة جدا وفوق قدرات الكثيرين.

ونبهوا إلى أن الكثيرين من المرضى غير قادرين على شرائها، ما يجعلهم يضطرون للتعايش مع حالاتهم دون الحصول عليها، وهذا يؤدي إلى تدهور السمع لديهم ويجعلهم يتحولون إلى أشخاص فاقدين للسمع، خاصة من يعيشون في الأرياف.

اخترنا لك..سرطان القولون الأكثر انتشاراً بين الرجال في اليمن