مواقد الفحم في بيوت صنعاء.. «القاتل الصامت»

مواقد الفحم في بيوت صنعاء.. «القاتل الصامت»
‏  4 دقائق للقراءة        737    كلمة

فُجع أهالي حي مذبح بأمانة العاصمة بوفاة الشاب الثلاثيني بندر طاهر سعيد الشرعبي، صاحب مخبز اللواء الأخضر في صنعاء وزوجته وأولاده، فقد اصبحوا جثثا هامدة، بينما كانوا نائمين داخل منزلهم، بعد استنشاقهم الدخان المنبعث من المدفأة.

وأفاد مصدر طبي، بأن 7 أشخاص من أفراد أسرة الشرعبي توفوا بينهم الشرعبي وزوجته، وتم إنقاذ الطفل صقر بندر السلمي في الخامسة من عمره وما يزال يخضع للعلاج في إحدى مستشفيات صنعاء.

عوافي/ نجيب العصار

وشهد عام 2022، وفاة 3 أشخاص من أسرة واحدة، أم ورضيعها وابن أخ الزوج (13 ربيعا) ونُقل الزوج صفوان منصور، إلى العناية المركزة إثر تعرضهم لدخان موقد يحتوي على كمية كبيرة من البخور والفحم، استخدموها لتدفئة غرفة صغيرة جداً في حي بيت بوس في صنعاء.

وسائل تدفئة خطيرة

وفي كلّ شتاء، تسعى الأسر المتأثرة من موجات الصقيع إلى مكافحة البرد الشديد بأدوات وأجهزة غير كهربائية، لتوفير الدفء، لكن ذلك دونه مخاطر كبيرة، إذ يستخدمون وسائل غير آمنة قد تسبب كوارث.

أم طارق العبيدي، تفضل عدم استخدام أي نوع من أنواع أجهزة التدفئة الكهربائية أو الغازية أو الحطب والفحم، كونها تعرّض أطفالها للخطر. تقول: «لا يمرّ يوم إلّا نسمع عن تعرض بعض السكان لمشاكل صحية، بعضها يصل إلى حد الوفاة بسبب هذه الأجهزة».

تضيف لـ « عوافي»، أن عائلتها استخدمت مدفأة تعمل بالكهرباء لبعض الوقت، لكن جميع أفراد أسرتها باتوا يعانون من آلام في المفاصل، عندما ذهبوا إلى الطبيب، قال لهم إن السبب يعود إلى المدفأة، لكنها ترى أن حظ أسرتها كان أفضل، فهناك من تعرض للاختناق أو احترق منزله بسبب هذه الأجهزة، مشيرة إلى أنهم يكتفون باستخدام البطانيات للتدفئة.

قد يهمك.. السل.. مشكلة صحية واجتماعية

طرق بديلة

ومع تشكل أزمات الغاز المنزلي يلجأ المواطنون إلى طرق بديلة لطهي الطعام كاستخدام الفحم والحطب لطهي الطعام على الرغم من الأمراض التي يسببها الدخان المتصاعد لتلك الأسر في المنازل.

يقول المواطن عادل الجرادي أب لأربعة أولاد ويقطن في العاصمة صنعاء، «أن الحصة المخصصة لحارتنا من شركة الغاز ليست كافية ويتم توزيع أسطوانات الغاز على مدة 3 أشهر، لذلك لا نعتمد عليه بشكل رئيسي كونه ينقطع لفترات طويلة ويباع لنا بأسعار مرتفعة في السوق السوداء».

ويضيف لـ “عوافي”، «خلال هذه المدة ألجأ إلى شراء الفحم لاستخدامه في طهي الطعام، على الرغم من أنه يسبب أضرارا صحية على أطفالي بسبب الدخان المتصاعد».

إهمال إرشادات السلامة

سبق أن حذّر الدفاع المدني في صنعاء، المواطنين، من استخدام الدفايات على اختلافها، حفاظا على صحتهم، خاصة بعد تكرر مثل هذه الحوادث المشابهة.

وقال مستشار مصلحة الدفاع المدني اللواء عبد الكريم معياد لـ «الطبية»:

“عادة ما تتكرر مثل هذه الحوادث سنوياً لعدد من الأسر، إذ تلجأ للتحطيب أو شراء الفحم واستخدامه في التدفئة خصوصاً أثناء فترات الليل وأثناء النوم لتشرق شمس اليوم التالي على فواجع، بسبب التسمم بأول أوكسيد الكربون، أو حتى الاحتراق”.

وحذّر من إهمال اشتراطات الوقاية عند استخدام الدفايات خلال فصل الشتاء، إذ سجلت حالات اختناق في سنوات سابقة، بسبب إشعال الفحم والحطب للتدفئة داخل المنزل دون مراعاة تدابير ومعايير وإرشادات السلامة.

ودعا المواطنين إلى ضرورة الالتزام بأربعة تدابير لتجنب حوادث الاختناق واندلاع الحرائق عند استخدام التدفئة او الطباخة بالحطب والفحم داخل المنزل والغرف، ومنها إشعالها النار خارج الغرف أو توفير شفاطات لتصريف الدخان، وتوفير التهوية المناسبة داخل المنزل، وعدم النوم بجانب الدفايات، وعدم تركها مشتعلة عند الانتهاء منها.

اقرأ أيضاً.. اليمن: عودة أمراض الطفولة القاتلة إلى الواجهة

وتمكن الدفاع المدني من إخماد 20 حادث حريق منها 7 منازل، وثلاثة محلات تجارية ومرفق عام ومكتب شركة ومطعم ومحولي كهرباء ومخزن وحوشي مزرعة و2 مخلفات قمامة وبلغت الخسائر 6 وفيات وإصابة واحدة، وفقا لإحصائية صادرة عن المصلحة خلال شهر فبراير الفائت.

«القاتل الصامت»

ويطلق على أحادي أكسيد الكربون اسم «القاتل الصامت»، وهو غاز ليس له لون ولا رائحة ولا طعم ويتصاعد عند حرق البنزين، أو الخشب، أو البروبان، أو الفحم أو غيرها من الوقود، وفقا لموقع «مايو كلينيك».

ويمكن أن تكون الإصابة بالتسمم بأحادي أكسيد الكربون خطيرة، تحديدا مع الأشخاص النائمين، وقد يُصاب الأشخاص بتلف مزمن في الدماغ، أو ربما يموتون قبل أن يدرك أي شخص أن مشكلة ما قد حدثت.